من الجزائر : عمار قردود
يشرع بداية من غدًا الأربعاء ، الرئیس الفرنسي إیمانويل ماكرون في زيارة رسمية إلى تونس، بدعوة من الرئیس التونسي الباجي قاید السبسي، وتعتبر هذه الزیارة التي ستدوم یومين،الأولى التي یؤدیها ماكرون الى تونس بعد تولیه رئاسة الجمهوریة الفرنسیة في ماي 2017.
و أفادت وزارة الخارجية التونسية بأن الرئیس الفرنسي سيكون مرفوقًا بوفد رسمي هام يتكون من وزراء وبرلمانیین ومدیري الوكالة الفرنسیة للتنمیة وجامعیین ورجال أعمال من ضمنهم وزير الخارجية ووزير الاقتصاد والماليّة ووزير التربية ووزيرة التعليم العالي والبحث والتجديد. كما يرافقه برلمانيون من بينهم رئيسا مجموعتي الصداقة الفرنسية التونسية بمجلس الأمة ومجلس الشيوخ والنائبتان من أصول تونسية سنية كريمي وأنيسة خذر وقيادون بالوكالة الفرنسية للتنمية والرابطة الفرنسية ومؤسسة “بيزنس فرانس” ، وسیوجه رسالة تشجیع لمسار الإنتقال الإقتصادي والدیمقراطي الذي تعیشه تونس.
ومن المقرر أن یلتقي ماكرون خلال هذه الزیارة بالرئيس التونسي الباجي قاید السبسي ورئیس الحكومة یوسف الشاهد ورئیس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، وسیتم التطرق الى مسائل تتصل بالدفاع والأمن والإقتصاد والتربیة والتعلیم العالي والثقافة والوضع بمنطقة شمال إفریقیا خاصة منها لیبیا.
كما سيقوم الرئیس الفرنسي یوم الخميس 1 فیفري بإلقاء خطاب في مجلس نواب الشعب خلال جلسة عامة إستثنائیة، وسیتطرق الى التعاون بین تونس وفرنسا وآفاق تطویرها.ومن المنتظر أن یشارك مع رئیس الحكومة یوسف الشاهد في المنتدى الإقتصادي التونسي الفرنسي، الذي یعد لقاء للأعمال بامتیاز تنظمه الغرفة التونسیة الفرنسیة للتجارة والصناعة بالتعاون مع مستشاري التجارة الخارجیة بفرنسا.
و قد كشفت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـــ”أنباء تونس” أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ،الذي كان ينوي زيارة تونس أواخر السنة الماضية 2017 لكن ذلك لم يحدث لأسباب لم يتم الإعلان عنها ،من المنتظر أن يعلن من تونس عن اعادة إحياء مشروع الاتحاد من أجل المتوسط ولكن وفق رؤيته الخاصة و الجديدة و المختلفة و إستنادًا لأسس جديدة تتجاوز العراقيل و تتخطى العقبات التي رافقت هذا المشروع منذ اطلاقه من قبل الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي ،و اضافة الى هذا المشروع، الذي يبدو أن ماكرون يوليه أهمية كبيرة، ينتظر ان يعلن ماكرون عن عدة مواقف و قرارات تخص الجانب الإقتصادي و العسكري و الأمني.
كما أنه من المتوقع،وفقًا لذات المصادر،أن يعلن الرئيس الفرنسي خلال زيارته المرتقبة إلى تونس بداية من الغد عن عدة إجراءات هامة لصالح تونس،حيث كان ماكرون خلال زيارته إلى تونس في نوفمبر الماضي بوصفه وزيرًا للإقتصاد و الصناعة و قبل أن يصبح رئيسًا ثامنًا للجمهورية الفرنسية الخامسة قد وعد بإعادة جدولة الديون التونسية -الديون الفرنسية المترتبة على تونس تقدر بـــ13 مليار يورو-و تحويل البعض منها إلى استثمارات فرنسية في تونس،إلى جانب حث المؤسسات الفرنسية على الإستثمار في تونس.
هذا و قد اضطرت الحكومة التونسية، نهاية العام الماضي، الإعلان عن جملة من الإجراءات التقشفية وزيادة في الضرائب، ورفع أسعار سلع وخدمات أساسية، دخلت حيز التنفيذ مطلع 2018 مع الموازنة الجديدة.
فقد أشارت أرقام للمعهد الوطني للإحصاء في تونس، صدرت منتصف نوفمبر الماضي، إلى أن نسبة البطالة بلغت 15.3 بالمائة في الربع الثالث 2017، بعدد عاطلين عن العمل بلغ 628.6 ألف باحث، صعودًا من 626.1 ألفا في الربع الثاني 2017.
والشهر الماضي، أورد البنك المركزي التونسي ارتفاع نسبة التضخم السنوي في البلاد خلال نوفمبر إلى 6.3 بالمائة مقابل 5.8 بالمائة في الشهر السابق عليه.البنك المركزي قال أيضا، إن ارتفاعًا في عجز الميزان التجاري بنسبة 24 بالمائة على أساس سنوي في الشهور الأحد عشر الأولى من 2017 إلى 14.4 مليار دينار (5.7 مليارات دولار).
وتعد فرنسا الشريك التجاري والسياحي والثقافي الأول لتونس، إذ تواجه الأخيرة تحديات اقتصادية تتمثل في نمو متواضع، وبطالة مرتفعة، ونسب تضخم آخذة في الصعود، وتذبذب في وفرة النقد الأجنبي.وتبحث تونس عن استثمارات نوعية، في قطاعات الاتصالات ومكونات الطائرات والاقتصاد الرقمي.
وتراهن تونس على قطاعات واعدة، على غرار قطاع مكونات السيارات الذي بدأت تظهر نواته في السوق المحلية، متمثلة في عديد المؤسسات القائمة في منطقة صناعية خاصة بهذا الصنف من الصناعات، وتم إحصاء حوالي 50 مؤسسة فرنسية تنشط في مجال صناعة مكونات السيارات.وتنشط في تونس ،1400 مؤسسة فرنسية تشغل زهاء 138 ألف عامل، إذ تعد فرنسا الشريك الاقتصادي الأول لتونس.كذلك، تطور عدد السياح الفرنسيين الذين زاروا تونس في العام الماضي، بنسبة 40 بالمائة بالمقارنة مع 2016، وفق أرقام رسمية.
و قد تم تحديد خلال جلسة عمل بين وزير الصناعة والتجارة التونسي زياد العذاري وكاتب الدّولة لدى وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي جون باتيست ليمون بتاريخ 15 جويلية 2017 ، شهر أكتوبر الماضي موعدًا لانعقاد مجلس التعاون بين البلدين.كما زار رئيس الوزراء الفرنسي تونس أواخر سنة 2017.
السبسي رفض لقاء ماكرون في نوفمبر 2016
و أثناء زيارته تلك إلى تونس عبر ماكرون عن رغبته في لقاء رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي الا ان الرد كان سلبيًا بعد ان تمت دعوته للقاء المدير التنفيذي لحزب نداء تونس ونجل الرئيس حافظ قايد السبسي الذي التقاه بالقاعة الشرفية بمطار تونس قرطاج الدولي لكن مصادر قريبة من قصر قرطاج نفت أن يكون ماكرون طلب موعدًا مع الرئيس التونسي خلال زيارته لتونس حسب مجلة “جون أفريك” الفرنسية.
و كان ماكرون قد أكد خلال حوار إعلامي له مع إذاعة “اكسبراس” التونسية أنه لو كان رئيسًا لفرنسا لدعا لملتقى الاستثمار الذي عقد في تونس في نوفمبر 2016 كبار الصناعيين الفرنسيين لإثراء الانتقال الديمقراطي بتونس و لقام بكل ما في وسعه لإسقاط الكثير من ديون تونس لفرنسا.
وأكد زعيم حركة “إلى الأمام” والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فى حوار أجرته معه مجلة “جون أفريك” الفرنسية، أن المغرب سيكون وجهته الأولى فور فوزه برئاسة فرنسا رسميًا.و هو فعلاً ما حدث شهر جوان الماضي.
وأضاف “ماكرون” أن فرنسا تجمعها علاقة تاريخية قوية مع الجزائر والمغرب وأيضا مع تونس، ترتكز فى المقام الأول على علاقات إنسانية واهتمامات مشتركة حسب قوله.
وشدد ماكرون على أن تونس والجزائر والمغرب سيكونون الشركاء الرئيسيين لفرنسا فى المبادرة نحو المتوسط وإفريقيا منذ بدء ولايته مشيرًا إلى أنه كان قد زار تونس والجزائر ولم يمهله الوقت لزيارة المغرب بعد.وأوضح أنه سيعود لزيارات هذه البلدان فور منحه الثقة من قبل الفرنسيين لتولى منصب الرئيس من أجل تمتين العلاقات معها وربط علاقات اقتصادية.
فرنسا لا تزال المستفيد الأول من تعاونها الإقتصادي مع تونس
و تعد فرنسا شريكًا استراتيجيًا تقليديًا لتونس عبر العلاقات التاريخية والاقتصادية التي تربط البلدين، و بالرغم من أن احتلال فرنسا لتونس دام حوالي 75 عامًا (1881 – 1956) إلا أن العلاقات الثنائية بين البلدين لطالما اتسمت بالمتانة منذ أول رئيس للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة (1957 – 1987) وبعدهالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الذي حافظ على تقارب كبير بين البلدين وصل إلى وفاق تام مع فرنسا معتبرًا إياها حليفه الاستراتيجي طيلة 23 عامًا من حكمه الذي امتد منذ 1987 حتى اندلاع الثورة التونسية التي أطاحت به في 2011.
و بعد الثورة شهدت العلاقات بين البلدين بعض التوتر بلغ حدته بعد أن أيدت فرنسا نظام بن علي ضد الثورة، وهو ما أدى إلى فتور شديد في العلاقات بين البلدين، حتى زيارة الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند لتونس فيجويلية 2013 لتبدأ العلاقات التونسية-الفرنسية تعود إلى حالتها السابقة بعد تعهد هولاند بمساندة تونس حتى إنجاح ثورتها، وكرر الرئيس الفرنسي هولاند الزيارة لتونس في جانفي 2014 في مشاركته احتفالات اتمام صياغة الدستور التونسي الجديد، كما شارك في المسيرة الدولية ضد الإرهاب بتونس في أعقاب الهجوم الإرهابي على متحف باردو بالعاصمة التونسية والذي أدى لمقتل 24 شخصًا من بينهم 21 سائحًا من جنسيات أجنبية مختلفة.وفي أفريل 2015 قام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بزيارة رسمية إلى فرنسا استمرت ليومين بدعوة من الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند.
و تعتبر فرنسا الشريك الاقتصادي الأول لتونس فهي أول مورد لها بنسبة 16.3% من إجمالي الورادات وأول مستورد بنسبة 28.7% من إجمالي الصاردات. وتعد فرنسا المستثمر الأجنبي الأول في تونس، إذ تجاوزت قيمة الاستثمارات الفرنسية المباشرة في تونس 90 مليون يورو،و ساهمت في توفير حوالي 4000 فرصة عمل للتونسيين.
وتنشط في تونس 1305 شركة فرنسية أو ذات مساهمة فرنسية، بنسبة 40% من إجمالي الشركات الأجنبية، وبحجم استثمار قيمته 2.9 مليار دينار تونسي (نحو 1.5 مليار دولار). وتوجد في تونس 1300 مؤسسة فرنسية تشغل أكثر من 126 ألف أجير. وحتى على مستوى السياحة فالسياح الفرنسيون يحتلون المرتبة الأولى بالنسبة لإجمالي السياح الوافدين على تونس، رغم التراجع الذي عرفه عددهم حيث بلغ 720.165 ألف عام 2014، بتراجع نسبته 6.1% بمقارنة مع 2013.
و بحسب وزيرة السياحة التونسية سلمى اللومي فقد بلغ عدد السياح الفرنسيين الوافدين على تونس 153 ألف سائح مقابل 105 آلاف سائح السنة الماضية و ذلك حتى 20 ماي الماضي.كما أعلن سفير فرنسا في تونس أوليفييه بوافر دارفور في فيفري الماضي، عن تسجيل إرتفاع ملحوظ في عدد السياح الفرنسيين الوافدين على تونس، وخاصة على جزيرة جربة.
وقال السفير الفرنسي على هامش حفل توقيع إتفاقية للتعاون اللامركزي بين المجالس الجهوية لولايات تونس الكبرى ومنطقة إيل دو فرانس الفرنسية، تتضمن العديد من مجالات التدخل “إن منظمي الرحلات الفرنسيين عادوا الى الوجهة التونسية المشعة في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وشهدت الحجوزات تطورا مطردا بعد التراجع الذي تسببت فيه العمليات الارهابية التي جدت سنة 2015”.وتعهد بوافر دارفور، بأن تظل تونس في قائمة الدول التي تحظى باهتمام بلاده، مؤكدا أن مستقبل السياحة التونسية يعتمد بشكل كبير على دعم الدول الصديقة بما في ذلك فرنسا.
مع العلم أن قطاع السياحة في تونس يمثل 7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ويشغل نحو 400 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر.
وحسب معطيات صادرة عن الديوان الوطني للسياحة التونسية، فقد بلغ عدد السياح الروس الوافدين على تونس 623 ألف زائر، في حين بلغ عدد السياح الجزائريين 8ر1 مليون سائح، وهو ما مكن تونس من الحد من الأضرار التي لحقت بالقطاع سنة 2016.وقد تجاوز عدد السياح الوافدين على تونس في السنة ذاتها أكثر من 7ر5 مليون سائح مقابل 3ر5 مليونا سنة 2015.
كما ساعدت فرنسا تونس خلال الخمس سنوات الأخيرة بـ431 مليون يورو (469 مليون دولار) كمساعدة على التنمية في شكل قروض ميسّرة وهبات، ودعمت 42 مشروعًا بصدد التنفيذ بقروض تبلغ 960 مليون يورو ( 1047.4مليون دولار) في مجالات توزيع المياه ودعم البنية التحتية وتحسين أكثر من 100 حي شعبي.
حجم المبادلات التجارية بين تونس و فرنسا بلغ 8.5 مليارات دولار سنويًا
وحسب بيانات فرنسية رسمية في 2015 فإن المبادلات التجارية السنوية بين البلدين بلغ 8.5 مليارات دولار. و تبلغ حجم الديون الفرنسية على تونس حوالي 13 مليار أورو و تعتبر فرنسا أكبر دائن لتونس في العالم و كان الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي خلال زيارته إلى فرنسا في جويلية 2012 أول من طالب فرنسا بتحويل ديونها المستحقة على تونس إلى مشاريع تنموية في المناطق المهمشة والمساعدة على استعادة الأموال التونسية المهربة فضلا عن المشاعدة على النهوض بقطاعات الاستثمار والسياحة ليعد الرئيس الفرنسي ماكرون بالعمل على تحقيق ذلك في حال وصوله إلى قصر الإليزي في زيارته إلى تونس في نوفمبر 2016.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي السابق، برنار كازنوف زار تونس في أفريل الماضي ووقع معها عددًا من الاتفاقيات بلغت حوالي 165 مليون يورو هدفت إلى دعم تونس في مجالات عدة، كما تم تحويل 30 مليون يورو من ديون تونس المستحقة لفرنسا إلى استثمارات لتمويل مشروع مستشفى في قفصة بقيمة 20 مليون يورو وتطوير قطاع التعليم والتدريب بـ10 مليون يورو. و يبلغ تعداد الجالية التونسية في فرنسا نحو 667 ألف تونسي،و التي تعد أكبر جالية تونسية في الخارج.
الصادرات التونسية نحو فرنسا في 2017 بلغت أزيد من 4 مليارات دولار
وبلغت الصادرات التونسية نحو فرنسا في 2017، نحو 10.516 مليارات دينار (4.381 مليارات دولار)، بينما بلغت الواردات نحو 7.520 مليارات دينار (3.133 مليارات دولار).وتحوز فرنسا على قرابة ثلث (30 بالمائة) من حجم الصادرات الإجمالية التونسية إلى العالم سنويا.وتصدر تونس لفرنسا، النسيج والملابس والقطع الميكانيكية والأثاث، والأحذية، والأدوات البلاستيكية، بينما تستورد من فرنسا الحبوب، والمعدات الطبية والأدوية.
شارك رأيك