بقلم وليد البلطي
في خطوة غير معلنة ، و في رد مبطن على بعض الأصوات المتعالية في الضوضاء ، ممن تعودت على معالجة المشاكل الجدية بمقالات الهزيلة او بتصريحات مسيسة ،طامسة للواقع و عارية من كل منطق علمي و فني، بغاية إشعال وطيس الفتن و التراشق بالتهم في محاولة بائسة لتخفيف وطأة قرار تصنيف البرلمان الاوروبي تونس ضمن القائمة السوداء للبلدان.
بطريقة لا تتعدى لغة الوعود و الانتقادات، في أوساط الراي العام التونسي، أوضح سفير الاتحاد الاوروبي بتونس باتريس برغاماني أن هذا القرار ليس بالعقوبة والعقوبة الجديدة، إنما يتعلق الأمر بفرصة للمضي نحو نجاعة ويقظة أكبر في مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهي اشارة معلنة،حملت المسؤولية المباشرة بطريقة ديبلوماسية لرئيس لجنة التحاليل المالية التونسية ومحافظ البنك المركزي شاذلي العياري ،ليعتلي القرار مرتبة النتيجة منطقية لمجهوداته الهزيلة في رفع تحفظات مجموعة العمل المالي GAFI .
والجدير بالذكر في هذا السياق ، انه منذ جويلية 2014 ،صدر تقرير متابعة السادس من قبل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (MENAFATF) تعمل على غرار مجموعة العمل المالي (FATF)،خلصت الى ضرورة التقيد بعدة توصيات ،مبينة المخاطر التي تستهدف تونس في صورة التغافل على ذلك و سلبية التأثير على نجاعة السياسات الحكومية الاقتصادية في تحسين وضع البلاد التونسية بصفة عامة (رابط التقرير ) وقد تسلم محافظ البنك المركزي المعين في 15 فيفري 2012 التقرير المذكور ، ناهيك عن التقارير السنوية المحالة على السيد للشاذلي العياري منذ توليه المنصب و التي يذكر على مستواها بتعهدات الدول و مختلف اطر التعاون و المتابعات و التقييمات المشتركة .
و في إطار إنارة الرأي العام ، فان مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أجل مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (MENAFATF) ، في إطار المتابعة المنضوية تحت عملية تقييم ،تهدف بالأساس الى التأكد من مدى استمرار تطوير نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الاٍرهاب ،بحيث تكون المتابعة في نوعين من الإجراءات ،يكون النوع الاول لتحديث موقف الدول مل عامين و النوع الثاني هي المتابعة المعززة و العادية ،علما ان الدولة أن الدولة تكون مطالبة بتقديم تقرير كل عامين بعد صدور تقرير تقييم مشترك ينص عن التزام كل دولة بالتوصيات الأربعين و الخاصة التسع التي حصلت فيها الدولة درجة التزام “ملزم جدا” او “غير ملزم “، و يتعهد الاجتماع العام لمجموعة العمل بالنظر في تقارير المتابعة كل سنتين لكل دولة ،ويقرر اخراج الدولة من عملية المتابعة بعد التأكد من جديتها في الالتزام بالتوصيات مع إصدار ملاحظات على غرار “ملتزمة “او “ملتزمة الى حد كبير “، و في صورة تهاون الدولة ،يتم الانتقال الى المتابعة المعززة التي تنطلق بمجرد مطالبة رئيس المجموعة برزنامة زمنية لتطبيق التوصيات مع القيام بزيارات ، ففي سنة 2014 كانت تونس موضوع متابعة عادية ، و لم تتعدى مرحلة المتابعة المعززة ،فمتى كان ذلك الانتقال الى هاته النوعية من المتابعة بحيث يكون قرار البرلمان الاوروبي في ترتيب تونس ضمن القائمة السوداء ،وذلك حسب معايير مجموعة العمل المالي ،اجراء احترازي تعكس فشل السيد للشاذلي العياري محافظ البنك المركزي المقال و رئيس اللجنة التونسية للتحاليل المالية في تقويم الوضع و إقناع المجموعة لإيقاف المتابعة منذ تعيينه من 2012 اي فشل زاد عن اكثر من خمس سنوات ، انتقلت فيها تونس من المتابعة العادية الى المتابعة المعززة ،ثم لتصنف في فيفري صمن القائمة السوداء .
و في السوق المكتظ بالمشعوذين و المتامرين بجهالة و من وحدهم سيناريو المخططات الغير معلنة للإطاحة بحكومة الشاهد، و تحديدا يعد صدور قرار البرمان الاوروبي ،تناقلت عديد الصفحات بالفايس بوك ،وثيقة ممضاة من قبل الشاذلي العياري بصفته محافظ البنك المركزي و رئيس اللجنة التونسية للتحاليل المالية صدرت في أخر سنة 2017 ،اكتست من جهة ، طابع المحاولة العقيمة لتحميل الشاهد مسؤولية القرار و تبعاته والتي صراحة اجهضت جميع مبادرات الحكومة التونسية لتحفيز الاستثمار ،و جهة اخرى مرتبة شهادة الزور عن خلو الشاذلي العياري من ادنى مسؤولية، و في ذلك اسقاط لموضوعية و وجاهة قرار رئيس الجمهورية القاضي بإقالته، بحيث يكون المتابع لمسار المهني الحديث للشاذلي العياري مقارنة بتاريخ صدور التقرير المذكور لخير دليل على مسؤولية لا يمكن ان يتحملها يوسف الشاهد باعتبار اضطلاعه بأمانه تسيير الحكومة في أوت 2016 ، في إشارة عابرة انه في زمن ولاية الشاذلي العياري قد توليت شخصيا دباجة مقالات قانونية و تقييمية حول اجراءات التصدي لغسيل الأمول بتونس ،تم نشر أحدهما في جانفي 2015 بجريدة الحوار المتمدن تحت عنوان ” تقييم السياسة التونسية في مكافحة غسيل الأموال أول خطوة للقضاء على الارهاب ” و الأخر بجريدة الزراع التونسية في نوفمبر 2016 تحت عنوان ” دعوكم من باناما، تقييم السياسة التونسية في منع غسيل الاموال هي الاولوية” ،لكن ما عسانا أن نفعل عندما لا يتم أخذ الظواهر الهامة على محمل الجدية من قبل الهيئات الرسمية التونسية ،فحري بنا اليوم أن ننظر الى الأمام دون ان نتكبد عناء البحث عن الجهة المسؤولة بتوريط جهة مقابل تبرأ جهة أخرى يداها ملطختان بالدماء ،بحيث تبقى هاته الممارسات لتحديد المسؤوليات ذات منحى سياسي إعلامي و دون جدوى لتدارك تأثيرات قرار تصنيف البرلمان الاوروبي و حذف تونس من القائمة ، فعلى الحكومة ان تجابه ذلك بالعمل الجدي للرفع الفعلي للتحفظات من خلال جملة من الإجراءات مع الالتزام برزنامة انجاز و تفادي منهج التطمينات الديبلوماسية التي لا يمكن ان تخرق المعاهدات الدولية و معايير سير هذه النوعية من المجموعات .
و في الختام يبقى المسؤول الوحيد هو الشاذلي العياري ،عن القرار الشنيع ،بحيث يكون بذلك قد اثبت الشاذلي العياري للعالم و لتونس ،برغم من مكانه الأكاديمية و العلمية ،انه قد بلغ من الكبر عتية و غير جدير بتسيير جهاز مصرفي مثل البنك المركزي ،مقابل ذلك ستدفع تونس بحكوماتها و شعبها ثمنا غاليا على جميع الاصعدة ،لن يحمد عقباه في صورة لم نتدارك في 2020 (الأجل القانوني المعتمد لإعادة النظر في القرار ).د
روابط المقالات:
http://lesemeurs.tn/LectureZen.aspx?ID=1274#
http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=450216&r=0
شارك رأيك