قرّرت كتلة الحرة لحركة مشروع تونس توجيه سؤال كتابي إلى وزير الدفاع لانارة الراي العام عن ملابسات قضية التحويلات المالية المنسوبة الى الضابط القطري على حساب مفتوح لدى احدى فروع بنك تونسيّ، ومصير المورطين فيها من عسكريين ومدنيين.
وللتذكير فقد أثارت تصريحات المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد المسماري في جوان 2017 حول التمويل القطري للإرهاب في تونس عن طريق عميد في الاستخبارات القطرية، جدلا حول دوره الحقيقي، ولكن رغم نقل تلك التصريحات الا أنّ القضيّة ظلت غامضة.
حسب ملفات القضيّة، فان القصّة تعود الى سنة 2011 عندما تم احداث جمعية « الحياة الخيرية» التي كانت لها اتجاهات سلفية وكانت قياداتها من العناصر المعروفة بانتمائها الى التيارات الاسلاموية المتشدّدة، وكانت في تلك الفترة احداث الحرب في ليبيا لاسقاط نظام العقيد معمر القذافي، وقد لجأ الى تونس الالاف من اللاجئين فنصبت لهم خيام في الجنوب التونسي مثل الشوشة، واشتغلت العديد من الجمعيات على اللاجئين وكانت مخيماتهم حقلا اختباريا مهما بالنسبة الى مجموعات الاسلام السياسي المتطرفة وخاصة المجموعات السلفية الارهابية.
وكانت « جمعية الحياة الخيرية» تظهر أنها تشتغل على مساعدة اللاجئين وتوفير ظروف الإقامة لهم، وكانت لها مصاريف مهمة، الامر الذي جعل القائمين عليها يتوخون سياسة اتصالية للترويج لنشاطاتهم واستعمال بعض المشتغلين في الصحافة لنشر مقالات دعائية لفائدتهم.
كانت المصاريف التي يدفعونها كبيرة الأمر الذي يثير الانتباه ومع ذلك لم تقم السلطات المختصة قانونا بالإجراءات اللازمة.
في سنة 2014 شهد فرع بنكي في جهة تطاوين، حيث نشاط الجمعية، عملية تحويلات مالية ضخمة بلغت قرابة 8 مليارات من العملة التونسية قام بها ضابط قطري يدعى سالم الجربوعي الذي أثبتت التحريات أنه غادر البلاد بتاريخ 25 أكتوبر 2014، حسب تحقيقات صحيفة الشروق.
عمليات التحويلات المالية الضخمة التي كانت تتم من خلال حساب الضابط العسكري القطري، جعلت اللجنة التونسية للتحاليل المالية، بعد أشعارها من بنك الإسكان، تقوم بعمليات تحليل تحقيق وقد تبين من خلال ذلك أنّ الضابط القطري كان على صلة بعناصر سلفية مثل رضا ابراهيم والأسعد الصويعي، وقد أثبتت التحقيقات أيضا أن الصويعي هو القائم على جمعية الحياة ألخيرية.
لم تتوصل التحقيقات فقط الى صلة القطري بتلك العناصر السلفية الناشطة في ولاية تطاوين وخاصة في جرجيس، بل حسب الوثائق تبيّن أيضا أنّ عسكريين تونسيين اثنين تلقيا مبالغ مالية من العسكري القطري بشكل مخالف للقانون.
وفي هذا الاطار قال نائب كتلة الحرّة الصحبي بن فرج: “وجه النائب عن كتلة مشروع تونس مروان فلفال يوم 22 جوان 2017 سؤالا كتابيا الى محافظ البنك المركزي بصفته رئيسا للجنة التحاليل المالية، حول موضوع التحويلات المالية المنسوبة الى الضابط القطري على حساب مفتوح لدى احد فروع بنك تونسي.
وقد أجابنا السيد المحافظ مشكورا بتاريخ 30 جوان 2017 مع توصية بعدم النشر،
الإجابة بقيت محفوظة بعناية توافقية لدى إدارة مجلس نواب الشعب الموقرة مما دفع النائب مروان فلفال الى إعادة مراسلة البنك المركزي الذي أعاد من جهته توجيه نفس الإجابة الى المجلس وذلك بتاريخ 5 جانفي 2018 ، ولم نتسلم المراسلة فعليًّا الا يوم 13 فيفري 2018 وبعد إلحاح شديد
ماذا في إجابة لجنة التحاليل المالية؟
•تلقت اللجنة بتاريخ 14/10/2014 تصريحا بشبهة حول النشاط المصرفي لاحد المواطنين القطريين يخص حسابا مفتوحا بفرع بنكي بتطاوين.
•المواطن هو جنرال متقاعد بالقوات المسلحة القطرية
•الحساب يحوي اموالا متأتية من حساب مفتوح باسم القوات المسلحة القطرية المتفرع عن الحساب البنكي باسم سفارة دولة قطر
•قُدّرت الاموال موضوع الشبهة والمسحوبة “نقدا” من الحساب بـ4 مليارات ونصف من المليمات
•عاينت اللجنة مؤشرات شبهة عالية شملت عسكريين انتفعوا بهذه المبالغ
•تم إعلام رئيس الحكومة مهدي جمعة ووزارة الدفاع بالموضوع في 17/11/2014
•بتاريخ 04/12/2014 تعلم مصالح وزارة الدفاع اللجنة بأنها تولت سماع الجنرال القطري موضوع الشبهة، وأنها احالت الملف برمّته الى القضاء العسكري
•رئيس الحكومة آنذاك الحبيب الصيد قام بإثارة دعوى لدى القضاء العدلي مما أدى وبمقتضى إذن قضائي صادر في 4 أفريل 2015 الى تسليم معطيات الملف الى رئيس الادارة الفرعية للابحاث في جرائم الارهاب
•تم تجميد كل حسابات الجنرال القطري موضوع الشبهة بإذن من قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي في 24/07/2015 (المبلّغ المجمّد يُقدَّر ب3 مليون دينار)
تبعا، لما سبق ذكره،
ونظرًا لخطورة ما ورد في إجابة لجنة التحاليل المالية، وبعد القيام بالاستشارات القانونية اللازمة، وإيمانا منا بضرورة إطلاع الراي العام على خفايا ملف خطير حرص الجميع على مواصلة التعتيم عليه، وحرصا منا على كشف الحقيقة وحماية للامن الوطني، قرر نواب كتلة مشروع تونس:
اولا، التحفظ عن نشر مراسلة البنك المركزي، التزاما بتوصيات البنك، مع اعلام الراي العام بما يمكن إطلاعه عن محتواها
ثانيا، توجيه سؤال كتابي إلى السيد وزير الدفاع بوصفة المسؤول عن القضاء العسكري لانارة الراي العام عن ملابسات هذه القضية، ومصير المورطين فيها من عسكريين ومدنيين
ثالثا، إعادة توجيه مراسلة اخرى البنك المركزي قصد الحصول على معطيات ضافية عن المعاملات التي وردت بحساب الجنرال القطري : المبالغ الجملية التي مرت بالحساب ، هوية الجمعيات المستفيدة، الفترات الزمنية للتحويلات المالية…
رابعا: عدم الاحتجاج لدى مكتب المجلس على الامتناع عن تسليم مراسلة رسمية موجهة الى كتلة المشروع بعد ان ثبت لدينا ان التوافق لا يتأثر بالاحتجاج”.
شارك رأيك