بقلم فرحات عثمان
لا زال السيد لطفي زيتون يكرر «الخرجات» الإعلامية متميّزا بطرح آراء جريئة تناقض ما يفعله حزيه وما لا تفعله الأحزاب الأخرى المدّعية احترام حقوق وحريات التونسيات والتونسيين.
فهوذا يتعرّض للحق المشروع للمواطن التونسي في التصرّف بكل حرية في جسده، بعد أن كان الوحيد من بين «أهل العلم والعقد» السياسي في المطالبة بعدم تجريم المثلية والزطلة. وذاك، بدون أدنى شك، يتناغم مع الدعوات لتحرير حق شرب الخمرة في الإسلام الذي لا يحرّم إلا السكر؛ وكلام السيد زيتون يعني أيضا، دون ريب، الاعتراف بحق البغاء إن اقتضى الأمر، إذ لا تحريم لمثل هذا الجنس، إن كام حرّا وعن رغبة، في الدين الحنيف. ذلك أن الإسلام لا يمنع إلا الإسراف في الجنس من منطق أن الإسراف في كل شيء مضرّة وباطل؛ وهذه عين الحكمة لدين علمي التعاليم عالميّها!
التدليل على الصدق في القول بالفعل:
نحن، لئن نحيّ مثل هذه الجرأة في السيد زيتون، لا يمكننا إلا مطالبتة بالعمل لا الاكتفاء بالكلام فقط؛ وإلا يكون كلامه من باب الجعجعة التي لا ترى لا طحنا؛ فهو بذلك هذه اللعبة السياسية التي يحذقها حزبه وزعيمه، وهو المستشار الأقرب إليه. وليس هذا بالمستغرب من طرف من يأخذ بالسياسة على منوالها القديمة، حيث يتحتّم الخداع لأجل تقمّص دور القوي، خاصة إذا دب الضعف والوهن إليه، فإذا يه يخادع للتمويه.
ولا شك أنه بممارسة لعبة الثعلب والأسد كمن قال فيه شاعر تونس الموهوب ابن هانيء: كالقط يروي انتفاخا صولة الأسد. فحزب النهضة اليوم، بعد أن ولّى زمن السنين السمان بهزيمة الغرب في مخططه السوري، وهو الذي أتى به إلى سدّة الحكم بتونس، يناور للحفاظ على ما ربحه قبل السنوات العجاف الحالية. وهو، دون أدنى شك، لمستعد تمام الاستعداد لكل تضحية للبقاء في الحكم حتى لا يجد نفسه كزميله المغربي في مزبلة التاريخ أو يكاد.
هذا هو الذي فرض عليه ويفرض المراهنة، ولو بمجرّد الكلام، على المبادرة في التعرّض للمواضيع الحساسة، وذلك فقط للمناورة والتدجيل لا لأجل الإتيان بحلول منطقية ينتظرها الشعب بفارغ الصبر نظرا لما يعانيه من مآسي بسبب نصوص باطلة لم تعد موافقة لا للدستور، بل ولتطلعاته المشروعة للانعتاق من قوانين مخزية أكل عليها الدهر وشرب إلى الثمالة.
لذا، وحتى لو لم نشكّك في حسن نية السيد زيتون وصدقه في كلامه، لا يمكن لنا عدم اعتبار ما فيه من ممالطة ودجل لانعدام الفعل؛ فآراؤه تبقى مجرد الكلام المداهن بدون عرض مشروع القانون الذي من شأنه تفعيلها وإكسابها النفاذ والمفعولية الذان ينعدمهما كلامه حاليا.
إن حزب السيد زيتون هو الأكثر عددا بالبرلمان؛ فلم لا تعرض كتلة حزب النهضة بمجلس نواب الشعب مشروع قانون في الاتجاه الذي يتكلم فيه؟ هذا، وقد سبق لنا أن عرضنا على هذا الحزب عدة مشاريع قوانين في اتجاه ما يقوله منظّره، فكان كلامنا في النافخات زمرا. وها نحن نعيد الكرة، فنعرض على السيد زيتون مشروع القانون التالي؛ فإن كان صادقا، حسن النية، لا يكذب ولا يراوغ، ليعرضه على العدد اللازم من نواب الشعب في أقرب وقت بالبرلمان! وتحية له، إن كان حقا صادقا، أقترح تسمية المشروع الآتي باسم لطفي زيتون.
مشروع لطفي زيتون في حرية التصرف في الجسد:
حيث أن حرية التصرف في الجسد من حقوق الإنسان في حياة مجتمعية آمنة، وهي أساس الديمقراطية؛
وحيث أنها مما يحتّمه الدستور التونسي الذي يحترم الحياة الخصوصية للمواطن المضمونة في دولة القانون والإسلام؛
وحيث أن القانون الجنائي في قوانينه الحالية، مثل الفصل 230 والقانون المجرّم للزطلة، يخرق الإسلام وينتهك تسامحه، إذ هو يحترم حرمة الحياة الخاصة للمؤمن ويضمنها، فلا مانع للمؤمنة والمؤمن في التصرف بحرية في جسده ما دام ذلك يتم في حرمة حياته الخصوصة وعن طواعية؛
فإن مجلس نواب الشعب يقرر ما يلي :
فصل وحيد
نظرا لأن حرية الحياة الخصوصية والحق في حياة آمنة في المجالين الخاص والعام محترمة ومضمونة دستوريا بالجمهورية التونسية، لذا، باسم العدل والإنصاف، وهما من أهم مبادىء دين البلاد الذي يفرض الدستور احترامه، تم إبطال القانون المنقّح عدد 52 المؤرغ في 18 ماي 1992 المجرّم للزطلة، والفصول 226 و 226 مكرر و230 و236 من القانون الجنائى.
شارك رأيك