سجلت تونس حضورها في الدورة الثانية لمهرجان المونودراما الذي ينتظم في إطار مهرجان الفجيرة للفنون من 24 فيفري إلى 5 مارس، وذلك من خلال عرض “سميها ما شئت” من تأليف وإخراج وليد دغسني وأداء الفنانة أماني بلعج.
وتلا العرض الذي احتضنه مساء الإثنين “مسرح بيت المونودراما” بمدينة دبا (إمارة الفجيرة) لقاء جمع عددا من الإعلاميين والنقاد المسرحيين إلى جانب حضور مدير الدورة 19 لأيام قرطاج المسرحية، حاتم دربال والشاعر والكاتب والناقد، محمد العوني.
وتميز هذا العمل الذي يرتكز على “الممثل الواحد” بالانتقال بين الشخوص والأزمنة المتعددة ليجسد مراحل تاريخية اتسمت بالخيبة والفشل على المستوى العربي عموما، مثل ما اصطلح على تسميته بـ “النكسة” وظهور الحركات الإرهابية على غرار داعش.
ونقل العرض صورة لعالم يضج بالمشاعر والمشاكل من خلال حالة إمرأة مرهقة عبرت عنها الممثلة بالرقص والإشارات والصوتيات وغيرها من الأشكال التعبيرية والتواصلية.
هذا الانتقال عبر الأزمنة وبين الشخوص وصفه بعض الحاضرين من النقاد العرب ب”الانتقال السلس” أو المرن، مثمنين جهد الممثلة التي وظفت كل الوسائل المتاحة لها مثل الملابس أو الأوراق التي أخذت شكل الأحجار مما جعلها تبدو كما جاء في المقولة الشهيرة “أمضي وأحمل أسلافي على ظهري”. فالممثلة جسدت مجتمعا على المسرح، إذ اختزلت كل المجتمع بطاقة روحية متميزة.
وأثار العرض مجموعة من القضايا الفكرية والاجتماعية والسياسية من خلال رؤية اخراجية وهندسة لحركات الجسد والتعبير الجسماني وديكور جد بسيط مثل الكرسي والوشاح والقناع والأوراق أبرز مكوناته.
وتضمن العرض مشهدا مسرحيا مماثلا للمسرحية الروسية الألمانية المقتبسة من الرواية اليابانية “اعترافات قناع” للمؤلف الياباني يوكيو ميشيما والتي قام بتجسيدها للممثل الروسي الشهير أندريه موسكوج.
مقدمة العرض دارت حول حكاية امرأة محبطة من الخيانات والانتكاسات التي تعرضت لها إثر هجران مفاجئ لحبيبها، في مرحلة يعيش المجتمع فيها اضطرابات وصراعات وعدم استقرار أدت إلى إغلاق مدرسة الرقص لهذه المرأة بذريعة أن هذا النوع من الفن هو شكل من أشكال كفر والفجور.
هذه المقدمة مثلت منطلقا لأسئلة فكرية فلسفية حارقة مثل قضايا المرأة في مجتمعات تعاملها كجسد وليست كروح، فضلا عن العلاقة مع الآخر وسيطرة الإرهابيين على عقول بعض أفراد المجتمع والمؤسسات.
واعتبر بعض النقاد أن العرض بني على اشتغال بحثي استقصائي يتعلق بلغة الجسد ليتضمن تشظيات كثيرة واستفهامات بأبعاد متعددة.
حالات دلالاية وسيميائية ظهرت في شكل الاسترخاء طورا وفي شكل معارك طورا آخر.
ومن جهته قال الممثل والمخرج محمد غوباشي أن هذا العمل شكل “البداية الحقيقية لمهرجان المونودراما “، في ما وصف الكاتب المسرحي عبد الكريم رشيد عرض ” سميها ما شئت ” بالمونودراما الحقيقية القائمة على التعدد والكتابة المسرحية ذات الحمولة الفكرية والإبداعية.
وفي إجابتها على أسئلة الصحفيين قالت الممثلة أماني بلعج أن هذا العمل المونودارمي يعد عصارة تجربة تفوق السبع سنوات من العمل والتدريب المتواصل ليجمع تراكمات فنية جعلت العرض يظهر بهذا الشكل.
ومن جهته أكد مخرج العمل، وليد دغسني أن الهواية والعشق للمسرح هي التي شكلت مقومات رؤيته الإخراجية التي لا تستند إلى مدرسة مسرحية معينة بقدر اعتمادها على الفطنة والقدرة على التقاط متناضات الحياة واكتشاف خبايا القضايا الإجتماعية وطرحها على خشبة المسرح.
شارك رأيك