تواصلت اليوم الجمعة 8 مارس بالحمامات اعمال الندوة الدولية التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات فرع تونس تحت شعار “الحركات الاجتماعية والاحتجاج في سياقات انتقالية”.
وتركزت مداخلات اليوم الثاني حول محورين اساسيين: الاول هو “الملامح الجديدة للحركات الاحتجاجية” والثاني “الحركات الاجتماعية الجندر والشباب”.
الباحثة التونسية سوسن غريبي القت محاضرة بعنوان “الفعل الاحتجاجي في سياقات انتقالية حملة ما نيش مسامح دراسة حالة” فأشارت الى أنّ الفعل الاحتجاجي الجماعي فعل واعٍ ومحسوب وفق مبدأ الربح والخسارة وليس عفويا. وهو أيضا فعل هادف انتقائي وموّجه وفق استراتيجيات محدّدة تتقاطع وفق مصالح الطرف السياسي الذي يقترب فكريا وايديولوجيا من المشارك في الفعل الاحتجاجي.
واضافت، تمكن الفاعلون في الحملة من تحويل الشارع إلى فضاء احتجاجي ذو مضامين سياسية .حيث أصبح لهؤلاء الفاعلون دورا مهما في تكريس الرقابة على السلطة السياسية وصمام الأمان أمام ديكتاتورية المجتمع السياسي وعودة السلطوية، حيث استطاع الفعل الاحتجاجي من التأثير في صُناع القرار السياسي وذلك بفضل الأساليب التي يستخدمها الفاعلون لتحقيق أهدافهم كإقامة شبكة من التحالفات واستخدام التكتيكات النضالية من قبيل المظاهرات والاحتجاجات والأعمال الرمزية واستخدام سبل التأثير والضغط السياسي لتحقيق مطالبهم
اما الباحث المغربي منير الجوري فقد القى محاضرة حول موضوع “الفضاء العمومي والتواصل السياسي في زمن الاحتجاج ، حركة 20 فيفري بالمغرب نموذجا” فأشار الى اهمية الاستراتيجية التواصلية لأي فاعل سياسي زمن الاحتجاجات، والتي يحددها موقعه داخل النسيج السياسي، وحجم ما يمتلكه من موارد مادية ورمزية، ومدى قدرته على توظيفها وتوجيهها من أجل خلق حالة من التوازن اتجاه القوى المتنافسة.
واوضح أن المحتجين كانت لهم استراتيجية تواصلية قائمة أساسا على توظيف واستغلال الفضاء العمومي، وذلك من خلال مظهرين؛ هما الجموع العامة، والمسيرات في الشوارع العامة، فضلا عن توظيف الفضاء العام الافتراضي. ورغم شح الموارد المادية فقد حاولوا استغلال البعد الرمزي بوعي وتخطيط مع الحرص على عقلانية سياسية واضحة، عكست التزامهم بمبادئ محددة لاحتجاجهم مثل السلمية، والتعددية، وشمولية المطالب. وبناء فضاءات للنقاش الحر والتداول في مختلف القضايا المرتبطة بموضوع حركتهم، مما ساهم في صناعة الأحداث وإبراز الأفكار وتحقيق نوع من خلخلة توازن القوة.
وبين ان السلطة الحاكمة حاولت التدخل بتدبيرها الخاص لأجل الحفاظ على امتياز التفوق في الموارد التواصلية لصالحها، وتحصين مكتسباتها من خلال استراتيجيات تواصلية لم تخل من عقلانية فعملت من جهة على إعادة توزيع الفضاء العمومي، بين المحتجين والمؤيدين، مع التحكم في رسم حدوده وقواعده.
الباحثة شريفة الكلاعي من الجزائر خاضت في عدد من الحركات الاجتماعية فى بلادها وبينت أن ما يميز تلك الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية أنها تندلع فجأة ولأسباب عديدة تتركز في أغلبها على قضايا التهميش والتنمية والإقصاءات، وعدم احترام الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي بعض الأحيان يكون لها تأثير في إحداث التغييرات والإصلاحات خاصة منها الاجتماعية.
كما تتميز الحركات الاحتجاجية في الجزائر بخصائص من بينها ضعف أشكالها التنظيمية، وغياب الطبقات الوسطى والمثقفة فيها كمؤطر ومساند لها، في ظل حالة الركود التي تتخبط بها المؤسسات الرسمية والمعارضة، إضافة إلى التضييق على الساحتين الإعلامية والسياسية، مع اتساع آثار التهميش وتفشي الفساد في مختلف القطاعات.
وشددت على انه رغم حالات الاحتجاج بين الحين والآخر ردا على سياسات الحكومات المتعاقبة، إلا أن النظام اظهر قدرة كبيرة على المراوغة جعلت من الجزائر الاستثناء المتعذر إدراكه من خلال حالة الاضطرابات التي تشهدها باقي الدول العربية التي عاشت حراكات واحتجاجات أدت حتى بالإطاحة بالأنظمة.
وتحدثت الباحثة اللبنانية لور ابي خليل عن تاريخية الحراك الاجتماعي في لبنان والذي انطلق عام 2015 ليعبّرَ عن معاناة الفرد من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وعن الفساد السياسي الكبير والصغير الذي يُصيب مجتمعَنا، فتداخلت حركة الشباب في لبنان مع مفهوم إرساء وثيقة الميثاق الوطنيّ اللبنانيّ القائم على أسس طائفية. فبدأ الحراك تحت شعارات ترفض أي مظهر من مظاهر الدولة وتنادي بشعارات يصعُب تنفيذها، لأنّها لا تحمل أيَّ مشروعٍ واضحٍ ولا استراتيجية مبرمَجة له
واوضحت الباحثة ان الحراك المدني فى لبنان قد فشل ويعود هذا الفشل الى النسقين الاجتماعي والسياسي اللذين يعتبران من أعمدة الفساد في لبنان والعائق الاساسي في تغيير النظام السياسي الطائفي والمذهبي.
وخلصت الى التأكيد على انه بسبب غياب دولة القانون استطاع الفاسدون تفادي العقاب بواسطة الاعتبارات الطائفية التي تجعلهم فوق القانون، وأن موقع الطائفة في النظام السياسي اللبناني يجعل من الانتماء إلى الطائفة أقوى من الانتماء إلى الوطن وهذا يؤدي الى الاستنتاج التالي: أن القيّمين على الحراك لم يأخذوا بعين الاعتبار طبيعة المجتمع اللبناني الطائفي بامتياز، كما أنهم لم يراعوا الهوية الطائفية لمعظم الأحزاب اللبنانية، وفق تقدير المحاضرة.
شارك رأيك