شهد مجلس نواب الشعب اليوم السبت 24 مارس 2018 حالة من الفوضى العارمة اثناء عقد جلسة عامة للتصويت على التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة، مما اسفر عن انسحاب رئيستها بن سدرين.
وفي هذا الاطار علّق النائب عن كتلة الحرة صلاح البرقاوي في تدوينة على صفحته الرسمية ما يلي: “حين كنا على مقاعد كلية الحقوق وكان أساتذتنا يحدثوننا عن “المشرّع” كان يبدو في أذهاننا في البداية على شكل كائن هلامي أو فكرة أقرب إلى التجريد منها إلى الواقع…
وغادرنا الكلية.. وتوضحت الفكرة وتخلصت من وجهها الخرافي.. فإذا هو جمع من الناس ينتخبهم أناس آخرون ليؤلفوا مجلسا يتداولون فيه في مشاريع القوانين ثم يصادقون عليها لتصبح بعد ذلك نافذة في تنظيم علاقات الناس وشؤونهم في مختلف مجالات نشاطهم داخل المجتمع…
والأصل في القوانين أن تكون منسجمة مع منطق الحياة، وأن تسعى إلى تحقيق الشروط الدنيا المشتركة للتعايش بين سكان البلد الواحد وأن تراعي العدل في ضبط حقوقهم وواجباتهم، ولو أنها كثيرا ما تتأثر في ذلك بميزان القوى والأخلاق السائدة داخل المجتمع زمن سنّها…!
ومن المفترض اعتبارا لكل هذا أن تكون الغاية من وضع القوانين وتفسيرها خدمة الأغراض المشار إليها..
لذلك يقال عادة أن “أعمال المشرع مصانة عن العبث”…!
لكن ما عشناه اليوم تحت قبة مجلس النواب كان في منتهى العبث..
جاءت سهام بن سدرين إلى المجلس لتعرض عليه قرارها القاضي بالتمديد في أعمال هيئة الحقيقة والكرامة مدة إضافية..
وكان حضورها كافيا لتقسيمه وتفريق كتله، مثلما فرّقت الناس خارجه وأشاعت الخلاف بينهم…
كان واضحا أن كتل بن سدرين(النهضة والجبهة والحراك ومشتقاته) ضد انعقاد الجلسة بينما كان للبقية رأي مخالف..
يبدو الأمر إلى حد الآن طبيعيا.. لكن ما كان عبثيا هو أن الحاضرين بالجلسة ناهز تعدادهم مائة وعشرين. بينما أشار اللوح الإلكتروني إلى أنهم لم يتجاوزوا سبعة وخمسين..
وقفز رئيس كتلة النهضة من مكانه قبل مناداة الرئيس على الراغبين في تسجيل الحضور برفع الأيدي ليطلب منه إعلان عدم اكتمال النصاب ورفع الجلسة..
وتكلم آخرون من الحاضرين/الغائبين يدافعون عن حقهم في ممارسة الغياب بالحضور ورفض المشاركة في النقاش..
وكانت السيدة بن سدرين تتابع ما يجري في صمت وعلى وجهها ابتسامة ماكرة لا يتقنها أحد مثلها.. وكان الحقد في القاعة طاغ…!
وصاح حراكيّ من آخر القاعة يعلن أنه سيكون “قصّاص” المجلس، ويهدد بتعطيل سيره وقصف معارضيه..
وانبرى مناصروه يضربون على الطاولات للتشويش على صوت رئيسة الهيئة بعد أن أذن لها الرئيس في الكلام.
وحاولت المدام.. وضاع النظام.. وانقطعت الجلسة مرة بعد مرة وسط سيل من سباب جارف ونما الخلاف من اللفظ إلى اللكم.. والجمهور ناظر…!
وإذا المشهد كله فاضح مقرف .. فيه المشرع بالحرية يعبث…!.
شارك رأيك