الرئيسية » بن فرج: “ما حدث في المجلس قد يكون تمهيدا لإنطلاق المعركة”

بن فرج: “ما حدث في المجلس قد يكون تمهيدا لإنطلاق المعركة”

شهد مجلس نواب الشعب امس السبت 25 مارس 2018، حالة من الفوضى العارمة اثناء الجلسة العامة المخصّصة للتصويت على التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة.

وقد تم رفع الجلسة وتاجيلها بعد استحالة تواصلها بسبب تشنّج النواب وتبادل العنف اللفظي بينهما اثر انقسام مواقفهم بين موافق ورافض لتمديد عمل الهيئة.

وفي هذا الاطار علّق النائب عن كتلة الحرة الصحبي بن فرج: “ان من المفروض ان تنتهي عُهدة الانتقالية بمصالحة شاملة بين التونسيين جميعا، إسلاميين ويسار ودساترة ، بورقيبيين ويوسفيين، ضحايا وجلادين ……

العدالة الانتقالية في التجارب المشابهة تعني اعتراف الجلاد بذنبه، واعتذاره للضحية الذي غالبا ما يقبل الاعتذار ويعتبر الاعتراف بما تعرض له من ظلم وضرر في السابق كافيا وشافيا

وعادة ما تنتهي الجلسات العلنية بمشاهد مؤثرة تختلط فيها الدموع والابتسامة والالم والتخلص من الشعور بالذنب او الشعور بالقهر والظلم

ونادرا ما يتمسك الجلاد بعدم الاعتراف والاعتذار او الضحية بمحاسبة جلاده فيحال على القضاء العادي

وتتحمل الدولة مسؤوليتها وتتعهد الدولة بجبر الضرر للضحايا مع تحديد السقف والآليات والآجال
وفي بعض الأحيان تحال ملفات معينة الى القضاء المختص ليصدر حكمه فيها نظرا لرمزيتها أو لفضاعتها او لكونها عبرة لمن يعتبر

يلعب مسار العدالة الانتقالية دورا تأريخيا هاما بوضع الاحداث في سياقها الزمني والسياسي والاجتماعي وحتى الدولي وتُفتح الملفات الحارقة وتُحمَِّلُ المسؤوليات التاريخية لأنظمة واحزاب وجماعات وأشخاص، فتستفيد الذاكرة الوطنية ويتحرر اللا وعي الجمعي للشعوب وتنطلق الدول في بناء مستقبلها بعيدا عن أحقاد وآلام وتوجسات الماضي

وينتهي المسار بأن تُغلق جميع الملفات الى الأبد الا ما استقر عليه الراي بإحالته الى العدالة
وقد تُستثنى ملفات بعينها فلا تُفتح لضررها البالغ إما على وحدة الشعب وإما على أمنه وإما على المصلحة العليا للوطن

العدالة الانتقالية وراءها فلسفة كاملة وتدار بمنهجية وحرفية وإقتدار وحيادية وتجرد وفي أجواء هادئة وروحانية وعاطفية مؤثرة ويقوم عليها شخصيات إعتبارية كبيرة ترترفع وتتعالى عن آلام ومآسي الماضي وتضفى عليها ما يُشبه القداسة والأمثلة عديدة ،الشيلي المغرب جنوب إفريقيا رواندا ألمانيا………كلها شهدت فضاعات واعتداءات وجرائم وحروب وصراعات لا تقارن بما حصل في تونس طيلة الستون سنة الماضية

لنترك جانبا الجوانب القانونية والمالية والتنظيمية وموقفنا من سهام بن سدرين بين من يناصرها او يناصبها العداء ، ونسأل لماذا فشلت العدالة الانتقالية في تونس ؟

الجواب في رأيي هو تسييس مسار العدالة الانتقالية منذ البداية ، منذ المجلس التأسيسي حين أصبحت هيئة الحقيقة والكرامة أحد مواضيع التجاذب والتنافس والخصام السياسي بين منظومة الترويكا والمنظومة التي تعاديها ، وأحد المواقع الهامة التي عملت حركة النهضة وحلفاؤها على الاحتفاظ بها والسيطرة عليها (بحكم سيطرتها على التأسيسي وعلى السلطة في ذلك الوقت) لاستعمالها واستغلالها لاحقا…….وعملت المنظومة المعادية والمنافسة سياسيا وانتخابيا للترويكا على التصدي لها وحرمان النهضة من ورقة سياسية مهمة ، حينما آلت اليها الاغلبية في البرلمان المنتخب

ولم تُفلح حركة النهضة في حماية أحد أهم قلاعها الاخيرة رغم التوافق والتحالف البرلماني بينها وبين نداء تونس.

فشلت هيئة الحقيقة والكرامة لانها كانت ومنذ التأسيس في قلب الصراع السياسي في تونس عوض أن تكون فوق جميع الفرقاء

ولعلها خاضت معارك بالوكالة وربما أيضا تعرّضت لهجمات بالوكالة ، وانتهى المسار بدون ان تتحقق لا المصالحة ولا المصارحة ولا المحاسبة ولا جبر الأضرار ولا الذاكرة التاريخية ……وأكبر دليل على الفشل والنهاية والعودة الى الصراع المباشر كبديل عن الصراع بالوكالة، نشر الهيئة لما قالت انها وثائق تثبت أن إستقلالنا منقوص وثرواتنا ليس ملك لنا وهو ما يعني أن عدنا إلى أجواء وخطاب وصراع 2012/2013.

أما ما حدث أمس في المجلس فقد يكون بمثابة الإعلان رسميا عن وفاة التوافق تمهيدا لإعلان إنطلاق المعركة.”

 

 

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.