الرئيسية » من المسؤول عن غياب الإستثمار الخارجي المباشر في تونس؟

من المسؤول عن غياب الإستثمار الخارجي المباشر في تونس؟

بقلم رؤوف الغشام

يعد السؤال في طرحه لا يزيد عن البداهة ، لما كنا نمني النفس من إستكمالات لعديد المشاريع الكبري، غير أنه في باطنه علاقة وطيدة بين عديد المنظومات بتونس.

فالسياسة الخارجية والعلاقات الدولية وعلاقة الرئيس بالرئيس والحكومات فيما بينها و حسن التمثيل بالخارج وحسن الضيافة و الضمانات و الإستقرار السياسي و التصنيف السيادي للدولة ،،، إلخ.. كلها عوامل مجتمعة عوامل جلب وتفعيل للإستثمارالخارجي المباشر.

تركيزا على المثال التونسي المعاصر، شهدنا تقلبات سياسية وتناحرات حزبية منذ 2018، ووصلنا اليوم لدولة مدانة بـ70% من ناتجها المحلي الخام ، بنسبة بطالة بحوالي 16 %، بتضخم 7.1 %فقد فيها المواطن 25% من قدرته الشرائية مقارنة بـ 2011، غير أن الوضع في شكله العام لن يتوضح إلا بإستكمال إعادة هيكلة الإقتصاد، والعملية تتم على مراحل ومراحل بإعتبار التوجه الحالي للتقليص من دور الدولةوالعبئ العمومي وهذا طبعا لتفعيل دور القطاع الخاص. لكن كيف نتحدث عن تطوير لقطاع خاص و البنوك التونسية تعيق اليوم عديد المشاريع الصغرى و المتوسطة؟ وأي دور للإقتصاد التضامني اليوم في دفع الإقتصاد وهو يعتمد نفس الشروط التي يعتمدها القطاع البنكي في الضمانات؟ أليست حلولنا الموازية و الحتمية في دفع الجهد الوطني للإستثمار الخارجي المباشر المفقود؟

ففي ظل العراقيل التمويلية للتونسيين، بات الإستثمار الخارجي ضرورة، وقد تحدث رئيس الحكومة عن أن وجود شروط في غالبها غير مقبولة ، لكن لما لا نأخذ منهم الأقل شروطا؟ أليست القاطرة تسير ونحن ننتظر ونقترض؟ ألسنا في حاجة ماسة للعملة الصعبة ؟ أم أن أقساط صندوق النقد الدولي القادمة هي التي ستغطي ديون الحكومات المتعاقبة ؟ ألا نعلمأن الأولويات التنموية لا تنتظر النسق الإداري البطئ لإعادة هيكلة المؤسسات العمومية المفلسة؟ أليست القاطرة تسير وحركات رؤوس الأموال الكبيرة في العالم تسير؟ أليس لدينا شركاء؟ أم أن شركاءنا توقفوا في حدود أزمتنا وظلوا ينظرون ؟ الإستثمار الخارجي له محركاته وله مغرياته وله أيضا تقنياته ، فأين نحن من كل هذا؟

قد نجد توسع دبلوماسي محتشم إن لم نقل ضعيففي الخارج بعدد البعثات مقارنة بالعديد من الدول ، قد نجد أيضا حواجز من رؤوس الأموال المحلية الكبرى، كما نجد أيضا الرغبة السياسية المنعدمة، ولعل الأخيرة هي بيت القصيد، كما لو أن كل الحكومات المتعاقبة على نفس المنوال تعمل فتتلقى الوعود ونوايا الإستثمار لتذهب مهب الريح بعد الملتقيات دون متابعة وتنفيذ؟ نتساؤل اليوم هل هو دور دبلوماسي أم دور من ؟ السؤال في حد ذاته يكشف خلل في المنظومة التونسية عامة ، لأنك كل ماتسألوتبحث عن مشروع لما لم يستكمل تجد عائقا جديا لتنفيذه وببراهين وأدلة …

سياسيا يرفع اللوم أحياناعندما تبسط الحكومة في الإجراءات، بتشريعات مجلة الإستثمار لكن يظل الإشكال في المتابعة،في التسويق، في الإرادة، في الإنتقاء لما هو أفضل ومتاح…إلخ … فالخيارات التنموية مرسومة و القرارات لدفعها و التعجيل في تنفيذها منعدمة، هذا هو مشهدنا وهذا هو واقعنا … عديد الملتقيات أفضت عن وجود أموال من الخارج قادرة على إزاحة وحجب اللثام عن النمو المفقود، وكانت أملا جديا للتقليص من حجم الدين الثقيل من سنة إلى أخرى، لربما نحن في مرحلة إعادة بلورة وتحوير للشراكات؟ كما يبدوا أن فعلا متأخرون في بنيتنا التحتية و هيكلة مؤسساتنا العمومية….عراقيل بالجملة في المنظومة التونسية، ربما هو النسق في إعادة الهيكلة مفقود وإجراءات البيروقراطية العمياء تعيقنا ….

نعاني اليوم من تواتر التصنيفات الرمادية للإقتصاد، وربما قد نعاني أكثر بغياب الإستثمار ليذهب لدول أخرى ، النسق التونسي فعلا بطئ و العولمة التي نحن صلبها قد لا ترحمنا، المؤسسات المالية المقرضة تنتظر فوائدها و العداد يسجل ضدنا فوائده لفائدتهم، قد لا يدفعها نهاية غير المواطن البسيط على مراحل و عقود.

موازين القوى بين الدولة والقطاع الخاص إختلت، ويهيمن اليوم القطاع الخاص على العام ،ولعل الدليل أن الدولة أصبحت تقترض من منظومتها البنكية و تنتظر القروض من المؤسسات الدولية والعالمية لإرجاعها بفوائد،… نتجاوز هذا الخللونمر مباشرة لطرح إشكال مراجعة شاملة لغياب الإستثمار الخارجي المباشرلخلق التنافس مع رجال الأعمال المحليين، وهنا قد تنتعش الدورة الإقتصادية، ونرفع تحديات البطالة … الشعب متعلم فبقدر أن هذا مفيد فهو أيضا خطير… مواردنا البشرية اليوم تعاني الفقر و التعطيل و التهميش … أين نحن من كل هذا ؟

نتكلم عن جهد وطني شامل، ونرى الرداءة في مجلس نواب الشعب بكلام سوقي نحو رئيس الحكومة، هل حدث هذا زمن بن علي ” السارق” رداءة سياسية أم أنها ديمقراطية “عمروسية”، فعلا نحن نحن عنوان رداءة سياسية ؟و نتكلم اليوم عن إستثمار خارجي مباشر و جهد وطني لدفع الإستثمار… ما هي صورة التونسين بالخارج؟ أين المراجعات ؟ أين الوعي الوطني و المسؤولية التاريخية ؟ أم أننا سنرمى اللوم في عقود قادمة عمن يحكمون اليوم ونمر؟

*باحث إقتصادي

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.