بقلم خالد عبيد – مواطن تونسي
الحلقة الأولى
قرّرت هذه المرّة أن أكتب بإمضاء المواطن التونسي العادي ودون أيّة صفة علمية لأنّ الطُرفة هنا لا تحتمل ذلك.
وقد تردّدت كثيرا قبل نشر هذه الطُرْفة، وذلك حتى لا أتهم بالانحياز إلى طرف سياسي لم أنتمِ إليه قطّ أو يستعملها هو ذاته للردّ على مناهضيه الذين أكنّ لهم كلّ التقدير طالما لم يتجاوزوا الخطوط الحمراء، وهي التطاول على علم التاريخ والمؤرّخين.
أرجع مرّة أخرى إلى وضعيتي العادية كمواطن تونسي عادي فأقول:
منذ يوم 9 أفريل، بدأ موقع “الصدى” في إصدار “وثائق” “مُرْعبة” عَدّها الفتْح المُبين في هَتْك أعْراض التاريخ “المزوّر”، واعتبرها الردّ “المزلزل” على القامات من المؤرخين الذي تطاول عليهم.
سأكتفي في هذه الحلقة الأولى بعدم تحليل مضمون هذه الوثيقة في انتظار إقدام هؤلاء المتطاولين على علم التاريخ من رفع التحدّي الذي وضعته لهم، وذلك لأنّه لا فائدة من ذلك ما دام العجْز المزْمن على الفهم، قد أوْدى بصاحبة الفتوحات في البحث عن كنوز البواطن والظواهر إلى أن تقع في المُضْحك المُبْكِي على المستوى الرفيع من الجهل الذي عرضته على التونسيين من خلال ما قدّمته يوم السبت 7 أفريل الجاري.
تكلّمت صاحبة البيان المُعْجز عن اكتشاف عظيم وهو العثور على وثيقة تبيّن بوضوح حسب هذه “العالمة” أنّ تسمية نداء تونس هي ترجمة لـ: “الحركة التونسية الفرنسية لتعاون حرّ مغربي فرنسي”، وذلك منذ سنة 1952؟ ! ولهذا السبب، نفهم حسب هذه “العالمة” لماذا تمّ إجهاض الثورة في تونس بعد 2011 !؟ ولماذا انْبَرت هي ومن معها يدافعون عن استقلال تونس أمام دعاة التعاون، – أو لنقل نحن نيابة عنها وبعد إذنها -، أمام من فرّطوا في الحقوق، وغافلوا الشعب إلى الآن، وأوهموه متعمّدين باستقلال تونس!؟
لكن، عندما نلقي نظرة سريعة جدّا على هذه الوثيقة الجبّارة التي أنزلها موقع الصدى “الثوري” مع النصّ الفرنسي، فإذا بنا نكتشف، ويا لَهَوْل ما اكتشفنا! اكتشفنا أنّ هذا النصر المبين والفتح العلمي المتين لأصل حزب نداء تونس والذي يرجع حسب هذه “العالمة” إلى سنة 1952 ولحركة المتعاونين مع الاستعمار، وفق الشعار الذي يرفعونه” جدودنا فلاقة وجدودكم قوادة”، قلنا هذا الفتح العظيم ما هو في الواقع البسيط إلاّ ترجمة للكلمة الفرنسية Appel (هههه)
هل نكتفي بالضحك أم نواصل؟
في رأيي، نُواصل هذه الدرْدشة من خلال ملاحظتنا العابرة والسريعة إلى عدم انتباه المتطفّلة في شرح الوثيقة، أنّ التاريخ الذي اعتمدته وهو سنة 1952 والذي عثرت عليه في هذه الوثيقة إنّما هو في الحقيقة عنوان مقرّ هذه الحركة في تونس وهو نهج 18 جانفي 1952 عدد 36 (هههه)، لكن ذكاءها الوقاد جعلها تخْلط بين الأمور وترى عنوانًا لمقرّ هذه الحركة تاريخًا لنشأتها.
ولوْ أردنا أن نُقَهْقه أكثر، فإننا نقول بأنّ هذه الحركة قد نشأت بعد الاستقلال “المزعوم” لتونس أي بعد 1956 وليس سنة 1952 مثلما فهمت عالمتنا، لأنّه من غير المعقول بأن تقبل فرنسا الاستعمارية أن تسمّي شارعا في تونس باسم تاريخ رمزي لجدودنا “الفلاقة” والمقاومين وهو 18 جانفي 1952، أليس كذلك يا “بتاع” متعلّمين؟ ويا “بتاع” مدارس؟
هذا على الحساب في انتظار رفع التحدّي…معي !
في الأخير، ما يؤسف حقا ووفق الفيديو المصاحب لهاتين الوثيقتين أنّ أستاذي الكريم سي عبد الجليل التميمي لم يستعمل الحذر الذي يتميز به المؤرّخ فتفاعل مع “اكتشافها” بالكلام والتصفيق.
– النص الفرنسي والعربي للوثيقة عن نداء تونس منشورة في موقع” الصدى” الألكتروني:
-فيديو المحامية فوزية باشا العمدوني والذي تتحدث فيه عن أصل تسمية نداء تونس سنة 1952 في مؤسّسة التميمي:
https://www.facebook.com/adel.ltifi/videos/10211427213505893/
شارك رأيك