يجمع كثير من المحللين على أن موت العميد عبد الفتاح عمر و المحامى فوزى بن مراد هى موت مسترابة بكل المقاييس .
و يرى شق كبير من هؤلاء الملاحظين أن المرحوم عبد الفتاح عمر قد تعرض منذ توليه لمهامه على رأس اللجنة الوطنية لتقصى الحقائق حول الفساد و الرشوة فى تونس الى حملة يصفونها بكونها منظمة اشتركت فيها عدة اطراف سياسية معروفة من بينها مجموعة المحامين الذين اعترضوا على تسميته و طالبوا بتنحيته من رئاسة هذه الهيئة المثيرة للجدل ، المثير أن هؤلاء المحامين الذين لا يصل بعضهم الى عشر معرفة العميد هم من يتهمونه بعدم الكفاءة و يصل اتهامهم للرجل بالفبركة فى علاقة بزيارة اللجنة الى قصر سيدى الظريف و كشفها عن كمية ضخمة من الاموال و المصوغ ، مع ذلك أصر العميد على مواجهة هذه الحملات و تصديه لعمليات التخويف و بعض التصريحات المشبوهة الصادرة عن بعض رموز الاحزاب السياسية التى يقول العارفون أن اصرار العميد على مواصلة البحث سيؤدى فى نهاية الامر الى افتضاح بعض الممولين لهذه الاحزاب الذين طالما تمعشوا من النظام السابق و الذين يطمحون بعد الثورة الى مواصلة ” اشغالهم ” كالعادة دون حسيب أو رقيب ، من بين الشخوص السياسية التى تهجمت على الهيئة السيد عبيد البريكى النقابى و الوزير السابق على خلفية اتهام الهيئة للامين العام السابق للاتحاد عبد السلام جراد بالفساد المالى خلال عهد بن على و حصوله على مقاسم عقارية باسعار منخفضة جدا بجهة عين زفوان .
عندما اشتعلت الحملة ضد العميد الراحل تفطن المتابعون الى أن الرجل قد طال مناطق حساسة فى جسم الفساد و بلغ الى حد بات يقلق راحة رموزه الذين تغطيهم الاحزاب بل من الاكيد أن اشتعال هذه الحملات على مواقع التواصل الاجتماعى و ترويج وثائق تتهمه بتلقى رشاوى مالية من النظام السابق و تواصلها فنرة كان المقصود منها هو ضرب مصداقية الرجل فى مقتل حتى يخضع و يغادر حلبة المقاومة و لعل وفاة العميد اثر نوبة قلبية مفاجئة قد أفرزته الضغوطات النفسية الشديدة و كان نتاجا مؤلما لما تحمله هذا الرجل من ضربات تحت الحزام ربما كان بعض افراد اللجنة انفسهم طرفا فيها لغايات حزبية ضيقة ، لكن فى خضم هذه الاحداث المؤلمة برز السؤال الاهم :؛ أين ملفات عبد الفتاح عمر ؟ كيف تعاملت هيئة العميد شوقى الطيبب مع هذه الملفات التى احيلت اليه بعد رحيل الرجل ؟ لماذا يتم التعتيم على مال هذه الملفات ؟ اين المحاكمات القضائية و ما سرب من كونها ستكون محاكمات علنية ؟ ما دور الاحزاب و رئاسة الجمهورية فى تعطيل البت فى هذه الملفات ؟ من هى الوجوه البارزة التى طالها قلم تحقيق العميد الراحل ؟ كيف تعاملت هذه الوجوه مع رحيل العميد و احالة الملفات الى هيئة الاستاذ شوقى الطيبب ؟ لماذا رفض رئيس الحكومة البدء بمحاسبة الفاسدين الذين جاءت اسماءهم فى تقرير العميد ؟ لماذا تعمدت وسائل الاعلام التعتيم الكامل على تقرير اللجنة؟ ماهى الضغوط التى سلطت على وسائل الاعلام لتجاهل ما تضمنه التقرير ؟ .
لقد قدمت لجنة العميد عبد الفتاح عمر حججا كافية ووثائق مفصلة تبرز فساد المنظومة القديمة وتورط العديد من الرموز السياسية والإعلامية و رجال الأعمال الذين أصبحوا اليوم أكثر فسادا وتغوّلا بعد أن ساهموا في نهب المال العام ضمن منظومة بن على لذلك كان متوقعا ان ترفع يافطات المطالبة بالانتقام من رئيس اللجنة و أن تسلط ضده الضغوطات والممارسات الدنيئة بغاية إرباكه ومنعه من مواصلة كشف المستور و حين تكون الحكومة عاجزة عن حماية اللجنة أو متواطئة مع رموز الفساد فقد كان ” اغتيال ” العميد متوقعا لان النبال المسمومة كانت كثيرة و من كل حدب و صوب ، فالسيد عبيد البريكى الذى اوجع اسماعنا بشعار محاربة الفساد كان اول من هدد العميد و اللجنة بأن الاتحاد ماكينة تاكل كل من يعترضها عندما تم تحجير السفر على السيد عبد السلام جراد الذى حامت حوله كثير من شبهات الفساد لتقوم وزارة العدل فى اليوم نفسه برفع التحجير ، وزارة العدل نفسها هى من رفضت متابعة القضاء للملفات المحالة عليه من اللجنة و النيابة العامة هى من تغاضت عن التهديدات التى طالت عائلة الفقيد رغم علانيتها و صدورها عن احد رموز الفساد الذين حققت معهم الهيئة ، لذلك نتساءل لماذا لم تساعد الحكومة اللجنة على كشف المتورطين و لماذا لم تفعل هيئة العميد الطبيب توصيات اللجنة بمتابعة الملفات الخطيرة الموكلة اليها و بقى عملها بطيئا الى حدود لا تصدق و لا تبرر ، بطبيعة الحال من حقنا اليوم أن نثير الاتهامات الخطيرة التى طالت العميد شوقى الطبيب نفسه و التى تضمنها تحقيق منشور على صفحات صحيفة ” الثورة نيوز ” و التى تعرض بسببها الى حملة هرسلة قضائية و سياسية غير مسبوقة و من حقنا أن نتساءل هل أن العميد الطبيب هو الشخص المناسب لمعالجة ملف الفساد و مواجهة الفاسدين و هل أن هذا الملف الخطير قد أصبح مسيسا بما فيه الكفاية بحيث يمكن أن نقول ” تمخض الجبل فولد فأرا ” .
فى الوثائقى الذى اعدته قناة الجزيرة بعنوان ” الصندوق الاسود ” شككت المحامية ليلى بن دبة فى ملابسات وفاة العميد عمر و المحامى فوزى بن مراد و السياسى طارق المكى على اعتبار انها تستغرب حصول وفاتهم فى المنطقة نفسهم و بنفس الطريقة و الاغرب تشريحهم بواسطة نفس الطبيب ، ليبرز السؤال هل تم اغتيال العميد ؟ من هى الجهة التى قامت بهذه الجريمة ؟ لماذا سارعت الجهات المعنية باقفال الملف ؟ هل قامت بعض الجهات باعدام بعض الوثائق المهمة حتى لا يكشف مستور بعض السياسيين و الاعلاميين الذين يؤثثون المشهد السياسى و الاعلامى ؟ هل كان لنتيجة الانتخابات الاخيرة و دخول النداء و النهضة فى تحالف الضرورة القصوى دور فى التعتيم على نتيجة تقرير العميد عبد الفتاح عمر ؟ ما هو الدور الحقيقى الذى يلعبه العميد شوقى الطبيب فى موضوع مكافحة الفساد ؟ هل تملك السيدة سهام بن سدرين حقائق صادمة معينة ترفض البوح بها حتى تقايضها حين التحقيق معها حول اتهامها بالفساد و سوء انفاق اموال هيئة الحقيقة و الكرامة ؟ لماذا يرفض مجلس نواب الشعب التعرض الى ملف العميد عمر و مسائلة وزير العدل عن اسباب البطىء المتعمد فى البت فى الملفات المنحالة على القضاء منذ فترة طويلة ؟ من كان وراء حملة بعض المحامين على العميد و ماذا كان مطلوبا من العميد فى تلك الفترة حتى لا يتعرض للاغتيال المعنوى بتلك الطريقة البشعة ؟ لماذا صمت المجتمع المدنى على جريمة ” اغتيال ” العميد عبد الفتاح عمر و أين أولياء الدم الذين نذر العميد حياته لانصافهم و ضرب آفة الفساد التى كانت سببا فى تعاستهم و بطالتهم ؟ .
شارك رأيك