بقلم عماد بن حليمة
تهيأ للحمامة بعد أن غادرت النخلة أنها تحلّق لأعلى فغنّت: ” يا حمامة طارت طارت للعالى”٬ لكن النخلة ترى أن الحمامة تطير على علوّ منحدر نتيجة اصابتها فغنّت:”طير الحمام مجروح ناوي علينا ايروح”.
إذًا بين حمامة تمني النفس بانتصار موهوم و نخلة تعتبر ذلك سعي مذموم بدأت حرب التصريحات بين الخوانجية و الندائيين حول تبعات نتائج الانتخابات البلدية و تراوحت بين التبشير بأن شيخة ستكون على رأس بلدية تونس و التهنئة بأنه لن يكون هناك تحالف استراتيجي بين الحزبين في تشكيل المجالس البلدية و أن رئيس قائمة النداء بالعاصمة سيكون شيخ المدينة.
هذه الخلافات الظاهرة بين الحلفاء الأعداء هي تكتيك يهدف الى خلق ديناميكية صوريّة للتغطية على العملية الرئيسية و هي اقتسام الكعكة الحكومية.
الصدمة كانت قوية في جانب الطرفين بخسارة النداء لجزء كبير من مناصريه و عدم نجاح الخوانجية في التحيّل الانتخابي و شراء الذمم رغم الأموال الطائلة التي أنفقوها في الحملة و التي تفوق حسب تقديراتي 50 مليون دينارا و رغم كل التراجعات التكتيكية التي قاموا بها سعيا لاستمالة حراير تونس لكن هذا الغشّ الانتخابي لم يأخذ مأخذه من سيدات البلد.
يبدو أن التفاهم المبدئي حصل قبل موعد الانتخابات البلدية على إعداد وثيقة قرطاج 2 و هي المسكّن الثاني للشعب قبل انتخابات 2019 لامتصاص غضبه و النية متجهة لإعادة تشكيل الحكومة مع الابقاء على السيد يوسف الشاهد و كاتبي الدولة التابعين للخوانجية و تطعيم الفريق الحكومي الجديد بوجوه تابعة للتنظيم و محاولة ارضاء الاتحاد العام التونسي للشغل بإبعاد بعض الوجوه المغضوب عنها من الدائرة الضيقة لرئيس الحكومة و تكون نسبة الحضور في الفريق الجديد متماشية مع نتائج الانتخابات البلدية و من أولويات الاخوان الرئيسية ابعاد وزير الداخلية الحالي لأنهم يحسون أنهم فقدوا السيطرة على هذا الموقع الحسّاس و يتوجسون دائما من الأمنيين الوطنيين و هم يساندون بقاء الشاهد مقابل رأس وزير الداخلية.
المهم في نتائج الانتخابات البلدية بالنسبة للشعب أن جبهة الغضب واسعة و قد تمّ التعبير عنها بوجهين مختلفين أولهما مقاطعة الانتخابات و هو موقف سياسي و ثانيهما النجاح غير المتوقع للقائمات المستقلة و الذي يعزي الى وجود غضب داخلي في الحزبين الحاكمين و كذلك الى اتساع رقعة معاداة النظام ( les électeurs anti-système ) من عموم الشعب.
محصّل الحديث أن القوى الشعبية الديمقراطية التي تحمل مشروع بناء الدولة الوطنية لا بدّ أن تدعم القوة المعدّلة للمشهد السياسي الحالي المزري و هي الاتحاد العام التونسي للشغل.
قد يرى البعض في هذه المنظمة قوة هدم و ليس بناء و هذا موقف مبني على الشطط فوجود بعض الانحرافات و التجاوزات لا ينزع عن هذه القوة العمالية الضاربة صفتها كمجموعة ضغط ايجابي ننقدها و نضغط عليها لكن دون تهرئتها و اضعافها و لا بدّ من دعمها و تقويتها لردّ صولة المدّ الاخواني و كلّ المتربصين بالمصلحة الوطنية العليا عموما.
*عماد بن حليمة محامي
شارك رأيك