بقلم احمد الحباسى
رفضت الأغلبية الصامتة المطحونة المغلوبة على أمرها أن تزيد من أوجاعها و تعطى حكومة السيد يوسف الشاهد مزيدا من الفرص لإهدار الوقت و الجهد و المال و لم يذهب المواطن الصالح إلى مواقع الاقتراع البلدي ليقول لا لحكومة الحرب المرتبكة الفاشلة ،
انتهت المهلة المحددة بمائة يوم و التي تحولت إلى مهلة مفتوحة و قال الشعب كلمته للحكومة و للرئيس و لمجلس نواب الشعب و لهيئة الحقيقة و الكرامة و لهيئة العميد شوقي الطبيب و لمجلس القضاء الأعلى و لنقابة التعليم و لاتحاد الشغل و لاتحاد الأعراف و اتحاد الفلاحين ، قال الشعب أيها السادة و السيدات ” باستا ” لكل هؤلاء و لمن يقف وراءهم و لمن يقف معهم ،
ربما نبه بعض السياسيين الفاشلين مثل مرزوق و الهمامى و عبو و الشابى إلى ثورة شعبية قادمة و تحدثوا عن حالة غير مسبوقة من الاحتقان و الإحباط لدى الشباب و ربما استشعرت الداخلية هذه الحالة و صمتت صمت الخرفان و لم ” تبلغ ” عنها رئيس الحكومة النائم في العسل ، كان مشهد كلمة الرئيس لحث الناس على الاقتراع مثيرا للنحيب و البكاء المر لان الرجل لم يتفطن رغم حنكة السنوات إلى أنه فئ واد و الشعب فئ واد آخر و أن نكث الوعود الانتخابية سيجعل حكومة الفشل تدفع الثمن بالحاضر كما يقال .
نعم كان هناك شعور عميق بالإحباط لدى الشعب بكل طبقاته و كانت هناك حالة من الغليان غير مسبوقة و كانت هناك بوادر ثورة شعبية و نار تحت الرماد لكن هؤلاء السياسيين الفاشلين لم تكن لهم القدرة على فهم ما يحدث و لا تشريح الحالة و وصف الدواء ، ببساطة لان كل هؤلاء هم أصل الداء و المشكلة ،
لم يكـــن باستطاعة أشخاص مثل محسن مرزوق و احمد نجيب الشابى و محمد المرزوقى و الباجى قائد السبسى و راشد الغنوشى و محمد عبو و كل من نشاهدهم و نسمعهم على مدار الأيام و الساعات على منابر الإعلام أن يفهموا ماذا يحدث و كيف ستكون ردات الفعل الشعبية ، الغباء السياسي لهذه الشخوص كان مثيرا للغثيان و لعل أول من دفع فاتورة هذا الغباء السياسي المفرط هو الاتحاد العام التونسي للشغل و نقابة التعليم المشبوهة و من هذا المنبر نقول أن الاتحاد سيدفع فاتورات أخرى و أن نقابة التعليم و رجال التعليم بالأساس سيدفعون فاتورات أخرى إذا أصروا على مواصلة نهج العبث بمصالح الشعب و استغباء الطبقات الشعبية المطحونة التي ضاقت ذرعا بهذا المكون النقابي المشبوه ، ليفهم السيد الطبوبى أن اللعبة بمصالح شبابنا هي خط احمر و أن الشعب ليس لعبة فئ يديه و لا أيدي ربيبه نقيب رجال التعليم ، انتهت اللعبة و لم يعد هناك من وقت و على الاتحاد تحمل مسئولياته و عدم الدفع إلى الحرب الأهلية .
لقد جرب الشعب الثورة ضد النظام السابق و انتبه بعد أكثر من سبعة سنوات انه ارتكب جرما كبيرا فئ حق نفسه و فئ حق مستقبل أبناءه لا لأنه أزاح نظاما فاسدا بل لأنه قدم نتاج تضحيات خيرة شبابه إلى طبقة سياسية فاسدة و أحزاب تعيش على بيع الضمائر إلى دول الخليج و بعض السفارات و دكاكين المخابرات الأجنبية ، لذلك لم يكن هذا الشعب فئ نظري مستعدا لتقديم الشهداء لينعم أحزاب الغفلة و حكام الفشل مرة أخرى بثمرة هذه التضحيات بل كان الاختيار الصحيح هذه المرة بمقاطعة هذه الدولة برمتها موالاة و معارضة فئ إشارة مدوية واضحة للرئاسات الثلاث بأن القادم أسوأ و أن وقت المحاسبة العسيرة و محاكمة كل الفاشلين الذين دمروا خيرات الشعب و نهبوها و ساهموا فئ وجود الإرهاب و تنمية خطاب الكراهية قد حان و لم يعد لهم منه مفر ،
عندما نتكلم على أن 75 فئ المائة من الشباب يعملون فئ قطاع الاقتصاد الغير الرسمي و تبلغ نسبتهم ما يزيد عن 54 فئ المائة من مجموع القوى العاملة نفهم عزوف هذا الشباب عن الانتخابات و عن كل ما يرمز لسلطة الدولة إضافة إلى أن هذا الرقم المرعب يؤكد فشل سياسة سبعة سنوات عجاف نهبت فيها البلاد من طرف تجار الدم و بيع الذمم و سياسي الفشل الدائم و شعارات الضحك على الذقون ، كانت خطوة مقاطعة الانتخابات صفعة شعبية لنظام و حكومة الفشل المعلن و من المؤكد أن هذه الصفعة ستليها صفعات أكثر تعبيرا و إيلاما فئ الانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة .
لقد ابتلع الشعب على مدار سبع سنوات قاحلة أقراصا كثيرا مضادة للاكتئاب و قبل بأن تحكمه طفرة قبيحة من الدمى المتحركة كانت تثير لغطا و صخبا كثيرا بأنها الوحيدة التي تملك بلسم جروحه و دواء شافيا لكل علله ،
خاض هذا الشعب معارك مفتعلة مشبوهة كثيرة و تعطلت ماكينة الإنتاج بفعل فاعل مارق عن كل القوانين اسمه اتحاد الشغل ، بقى الوطن فئ غرفة الانتظار و سالت دماء الشهداء انهارا و تلطخت حيطان البلد بندوب رسمتها الجماعات الإرهابية التي يعلم الجميع أنها تخدم حركة النهضة و انبثقت من رحمها المسموم منذ ما قبل حكم بن على ، لا تزال أصداء صرخات أبناء البلد الثائرين المصرين على حلم تغيير هذا الواقع البائس الكئيب المزمن تهز قرى و شوارع مدن تونس من شمالها إلى جنوبها و لا يزال الحلم الديمقراطي ماثلا فئ أذهان أحرار هذا البلد و لو إلى حين ، جاء حكم حزب الإرهاب فدمر ما تبقى من الأحلام و تلاه حكم العلمانيين الفاسدين الذين دمروا البلاد على مر حكم بن على و تأجلت كل الأحلام الجماعية لهذا الوطن و لذاك المواطن و أقفلت كل ورش الإصلاح جميعها و علقنا على باب سنة 2018 لافتة ” مقفل بسبب الترميم ” إلى أن حلت الانتخابات البلدية المشئومة و كان انتقام الشعب فضيعا و معبرا و ناجزا .
تبين لهم أن كل خطبهم و ” مشاعرهم ” و نفاقهم و كذبهم و نكثهم للعهود الانتخابية لم تجد صدى لدى أغلبية شعبية تعيش على هامش الحياة و على هامش الفقر ، لقد شاهدنا بألم يصل إلى حد الغثيان عطايا و ” قفافا ” مليئة بالمئونة و أموالا مشبوهة توزع بكرم شديد من أحزاب متعطشة للسلطة ، هذه الأحزاب التي ارتقت على ثورة الشعب لتصل للحكم هي نفسها التي تذله و تحنى ظهره ليلتقط هذه المؤن و الدراهم المعدودة ليزيد من تعاسته بتقديم صوته فئ هذه الانتخابات لنفس الشلة الفاسدة المريضة بهوس السلطة ،
تبين للشعب اليوم أن شعار محاربة الفساد قد كان لذر الرماد على العيون و ربح الوقت ، تبين أن حكومة الحرب تعيش على الصدقات و القروض و أن كل شخوصها مجرد كومبارس مثيرون للسخرية غير قادرين إطلاقا على تغيير واقعنا المر و ترتيبنا الدولي الهابط فئ مؤشر التنمية المرتقبة و الموعودة ، كان لا بد من توجيه صفعة إلى الرئاسات الثلاثة و إلى أحزاب بيع الذمم السياسية و إلى كل هؤلاء السياسيين الفاسدين الذين يعيشون على تبرعات دكاكين السفارات و المخابرات الأجنبية ، اكتشف الشعب انه عاش سنوات من الوهم و لذلك كانت الصفعة مدوية و معبرة لحزب النداء و النهضة فئ الانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة سنة 2019 .
شارك رأيك