من الجزائر : عمار قردود
اقترح راشد الغنوشي، زعيم حركة “النهضة” التونسية، قيامه بدور الوساطة بين المغرب والجزائر من أجل تصفية الأجواء و رأب الصدع و التقريب بين وجهات النظر بين الجارين و ذلك عبر الجلوس إلى طاولة الحوار و التطرق إلى جميع النقاط الخلافية التي تسببت في توتير العلاقة بين البلدين.
و أفادت مصادر إعلامية بريطانية إن زعيم التنظيم الإسلامي “النهضة” راشد الغنوشي أجرى مكالمة هاتفية قبل أيام مع رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، والوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى، من أجل اقتراح وساطة تونسية للحد من التدهور المستمر للعلاقات المغربية الجزائرية.
و بحسب ذات الموقع فقد “نفى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ، الذي اتصلت به ميدل إيست آي ، تلقيه أي اتصال من راشد الغنوشي”.
وكشف مصدر دبلوماسي جزائري للموقع البريطاني “ميدل إيست آي” أن الغنوشي، أبرز الإسلاميين التونسيين، تحدث مع رئيس الحكومة الجزائرية ليعرض عليه التوسط لدى “شخصيات مغربية مؤثرة”.
وأشار الموقع إلى التقارب الإيديولوجي الإسلامي بين زعيم حركة “النهضة” وحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، والعكس مع الجزائري أحمد أويحيى الذي يُقال إنه “يكره الإسلاميين”.
و جاء في الموقع البريطاني أنه “في يناير 2017 ، التقى أحمد أويحيى ، رئيس الأركان في رئاسة الجمهورية ، مع الزعيم الإسلامي في تونس ، كجزء من الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة في ليبيا.
وكشفت ميدل ايست في ذلك الوقت أن المحادثات ركزت على وجود المنظمات الإسلامية الليبية على مائدة المفاوضات ، حيث تطالب الجزائر بقطع علاقاتها مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”.
“في نوفمبر 2011 ، كان راشد الغنوشي الذي ذهب إلى الجزائر للقاء الرئيس بوتفليقة وأحمد أويحي (رئيس الوزراء في ذلك الوقت) لمناقشة العلاقات الجزائرية التونسية بعد رحيل زين العابدين بن علي وانتصار النهضة في الانتخابات التشريعية.
ووفقاً للمعلومات التي جمعتها “إي إم إي” ، ورد أن رئيس الوزراء الجزائري أخبر المحاور التونسي أنه لا يرى “الحاجة إلى أي وساطة” لأنه “في المغرب لوقف حملته الإعلامية التي تستهدف الجزائر”.
“من غير المحتمل أن ينجح هذا الاقتراح” ، يصر مصدرنا في الشؤون الخارجية الجزائرية “لأن القرار بشأن الأزمة الحالية بين الرباط والجزائر العاصمة يعتمد بشكل كامل على القصر الملكي”.
وذكرت المعطيات ذاتها أن الوزير الأول الجزائري أخبر الغنوشي بأنه “لا يرى حاجة إلى أي وساطة في ظل الاتهامات المغربية المتكررة التي تستهدف الجزائر”، بحسب تعبيره.
و أوضح الموقع “إن الرئاسة تدرس مجموعة من الخيارات للرد على الحملة المغربية” ، كما يقول زرالدة (المقر الطبي لعبد العزيز بوتفليقة) لــــ MEE. “ما يفعله المغرب لا يستحق دولة تربطها الجزائر بعلاقات دبلوماسية” ، قال مصدرنا في الشؤون الخارجية. “هذا ما تم توضيحه للسفير المغربي عندما تم استدعائه. ”
استقبل نور الدين عيادي ، الأمين العام للشؤون الخارجية ، يوم الأربعاء 2 مايو / أيار ، السفير المغربي لإبلاغه برفض السلطات الجزائرية “تصريحات لا أساس لها من الصحة تشير إلى تورط الجزائر بشكل مباشر”.
تحذير يمكن اتباعه ، وفقًا لمصادرنا ، عن طريق تدابير “مثل طرد بعض الدبلوماسيين المغاربة من الجزائر ، ووقف جميع التعاون الأمني وغيرها من التدابير الأكثر شدة”.
كما طلبت الرئاسة من عبد القادر مساهل ، وزير الخارجية ، تقديم مقترحات لإعادة تأكيد وتوضيح الموقف الجزائري للأزمة الحالية. باختصار: أن الجزائر ترفض المشاركة ، كما تود الرباط ، في المفاوضات بين الصحراء الغربية والمغرب.
في الشهر الماضي ، أشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أن الجزائر “لا تعتبر نفسها صاحبة مصلحة في التوتر الحالي” ، ومسألة الصحراء الغربية هي “مسألة إنهاء الاستعمار”.
يشير مصدر في مجلة Foreign Affairs إلى أن “الوزارة تتواصل حاليًا مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي [مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية وعمان والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر]” بالتفصيل موقف الجزائر العاصمة الذي يواجه أحدث اتهامات المغرب.
“حتى أن البرقيات الدبلوماسية قد أرسلت إلى سفارات الدول العربية الرئيسية لنقل المعلومات إلى عواصمها. كما سترسل الجزائر مبعوثين في بعض العواصم العربية وتدرس الشؤون الخارجية إمكانية تنظيم سفراء الدول العربية الكبرى في مخيمات تندوف حتى يكون لديهم رؤية أكثر توافقاً مع الواقع. ”
وأضاف المصدر الدبلوماسي الجزائري أن “وساطة الغنوشي على المستوى الحكومي مآلها الفشل لأن القرار بشأن الأزمة الحالية بين الرباط والجزائر يدبر على مستوى المؤسسة الملكية وليس الحكومة”.
و يأتي عرض راشد الغنوشي لوساطته بين الجزائر و المغرب رغم أن مصدر ديبلوماسي جزائري كان قد كشف العام الماضي لـــ”أنباء تونس” أن زعيم “النهضة” بات غير مرغوب فيه لدى المسؤولين الجزائريين و قد طُلب منه بعدم زيارة الجزائر لأن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة غير مستعد لإستقباله مثلما درجت عليه العادة،خاصة و أن الغنوشي كان يُحظى بمكانة كبيرة لدى القيادة السياسية الجزائرية و كانت زياراته إلى الجزائر كثيرة و متكررة و هو الأمر الذي إنزعج منه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الذي أبلغ السلطات الجزائرية بذلك و منذ أزيد من عام لم يزر الغنوشي الجزائر و هو ما يؤكد صحة ما كشف عنه الديبلوماسي الجزائري بالرغم من تفنيد الغنوشي لذلك جملة و تفصيلا.
فقد أكّد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أنّ الأخبار التي راجت مؤخرًا-في 2017-حول “منعه من لقاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وتحرّج رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي من هذه المقابلات المتكرّرة لا أساس لها من الصحة”، معلنًا اعتزامه زيارة الجزائر قريبًا.
وأكّد راشد الغنوشي في حوار أجراه مع صحيفة الشروق الجزائرية في أوت 2017، أنّ “الترويج لقطع لقاءاته مع عبد العزيز بوتفيلقة “محض اختلاق ودسّ رخيص”، مضيفًا أنّ “هذه الأباطيل لا يصدقها أحد يعرف طبيعة العلاقة العميقة التي تربطني بالأخ الرئيس بوتفليقة ومع عموم المسؤولين الجزائريين، ما أعلمه يقينًا كذلك، أن علاقة الرئيس الباجي مع الرئيس بوتفيلقة متينة وتاريخيّة، وهي فوق هذه الترّهات التافهة”
واعتبر الغنوشي أنّ هذه “الشائعات ترمي عبثًا إلى الوقيعة بينه وبين بوتفليقة، وتريد التشويش على العلاقات المميزة بين البلدين”، مشدّدا على “استمرار علاقاته مع الجزائر بما يخدم المصالح المشتركة ، مُعلنًا عن زيارة قريبة سيقوم بها إلى “الجارة الكبرى” ريثما تكون الظروف مواتيةً، في انتظار أن ينتهي المسؤولون من إجازاتهم السنويّة”.وأفاد الغنوشي بأن زيارته المرتقبة “ستكون على غرار الزيارات السابقة، حيث سيلتقي الرئيس الجزائري وعددًا من المسؤولين”.لكن و منذ ذلك التاريخ لم يزر الغنوشي الجزائر لأسباب تبقى غير معروفة و إن كانت تؤكد ما تطرق إليه موقع “أنباء تونس” في آنه.
و أشار مصدر ديبلوماسي جزائري لـــ”أنباء تونس” أن “الحديث عن لعب الشيخ راشد الغنوشي لدور الوساطة بين الجزائر و المغرب لرأب الصدع بينهما كلام غير منطقي لأن الغنوشي بات منذ مدة غير مرغوب فيه في الجزائر بعد توتر العلاقة بينه و بين المسؤولين الجزائريين و بالتالي فإن الغنوشي هو أصلاً في حاجة إلى وساطة بينه و بين الجزائر”.
وكانت الجزائر استدعت السفير المغربي قبل أيام للاحتجاج على اتهامها من المغرب بأنها أدت دورًا في دعم إيران لجبهة البوليزاريو عن طريق سفارة طهران لديها.
وقالت وزارة الخارجية الجزائرية إن الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية استقبل سفير المملكة المغربية وأعرب له عن رفض السلطات الجزائرية تصريحات وصفتها بأنها “أقحمت الجزائر في الموضوع” وبأنها “لا أساس لها”.
وردًا على ذلك الاستدعاء، عبر المغرب عن أسفه لما وصفه بـ”موقف العداء الثابت الذي تتخذه الجارة الجزائر”. وأشارت الخارجية المغربية في بيان إلى أنه رغم الموقف الجزائري فإن “المملكة تظل متمسكة بالحفاظ على الروابط القوية مع الشعب الجزائري”.
شارك رأيك