بقلم أحمد الحباسي
تصر حركة النهضة على إيهام المتابع التونسي لما يحصل في فلسطين و بالذات ما يحصل هذه الأيام من تحولات في الموقف الأمريكي حول قضية القدس على أنها مع القضية و مع نصرة القضية الفلسطينية ،
هذا ليس صحيحا و هو مجرد حالة ذر للرماد على العيون تعودنا عليها من الإخوان منذ ما قبل حرب سنة 1948 ، نقولها بمنتهى الصراحة و الوضوح و لكل عقل راجح ، الإخوان لم و لن يكونوا يوما مع نصرة الشعب الفلسطيني ، ربما احتاج الإخوان للقضية من باب التجارة بالمواقف السياسية و من باب البحث عن كسب تعاطف الشعوب العربية لكن عواطف و عقل الإخوان لا يمكن أن ينام في الحضن الفلسطيني و مشاعر الإخوان الحقيقية كما نعرفها لا يمكن أن تنصرف إلى نصرة قضية عربية أو التفاعل مع اكبر مظلمة في القرن العشرين ،
من يريد البرهان عليه بالرجوع إلى كتب قيادات الإخوان و بالذات كتب القياديين ثروت الخرباوى و على عشماوي على سبيل الذكر لا الحصر و من يريد أن يفهم أكثر عليه بمتابعة مسلسل ” الجماعة ” الذي يوثق للأسف الشديد بالصوت و الصورة علاقة الإخوان بإسرائيل على حساب القضية الفلسطينية .
عزيزي و صديقي العظيم شمعون بيريز كانت بداية الخطاب الذي أرسله رئيس الإخوان المعزول محمد مرسى إلى رئيس إسرائيل الراحل شمعون بيريز في 19 جويلية 2012 لاعتماد ترشيح السفير المصري عاطف محمد سالم في تل أبيب و هو الخطاب القذر الذي أنهاه أمير جماعة الإخوان الحاكم في مصر في تلك الفترة السيئة جدا على الأمة العربية بعبارة ” صديقكم الوفي …محمد مرسى ” ،
دعونا نتوقف عند هذه اللحظة لنذكر أن حركة النهضة التونسية هي جزء لا يتجزأ من حركة الإخوان و ” عزيزنا ” مرشد الحركة راشد الغنوشى قد بايع مرشد الإخوان المسلمين في المحروسة عمر التلمسانى على السمع و الطاعة و هو ” قانون ” لا يختلف كثيرا عن قانون الصمت لدى جماعات المافيا ( la loi de l’omerta ) ، دعونا نذكر فقط بأن نفس محمد مرسى العياط هو نفس الشخص الاخوانى الذي كان يصرخ في ميادين تجمعات الإخوان الخطابية بتلك العبارات ” خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود ” ، فهمتم الآن كيف تحول مرسى من عدو للكيان إلى صديق عزيز لقائد نفس الكيان ” العزيز ” شمعون بيريز صاحب مجزرة ” قانا ” الشهيرة و كثير من المجازر الأخرى التي ارتكبها الرجل في مراحل كثيرة من تاريخ إسرائيل الدموي .
تخيلوا اليوم أن من أصدروا بيان التنديد بما يحصل في فلسطين من حركة النهضة قد كانوا و لا يزالون طبعا من عشيرة الإخوان الذين كتب مرشدهم تلك الرسالة الشهيرة إلى ” عزيزه ” شمعون بيريز ، فمن سيصدق مضمون بيانهم و صدق مشاعرهم ، تخيلوا أن من رحبوا بالعزيز شمعون بيريز هم أنفسهم من يرفع بعض ممثليهم في هيئة المحامين و القضاء شعارات تطالب الدولة و مجلس نواب الشعب بتجريم التطبيع ،
تخيلوا أن هؤلاء المتاجرين بالذمم و الدماء الذين يقفون مع جماعاتهم الإرهابية التي تدمر سوريا و تطالب إسرائيل بضربها لإسقاط النظام القائم فيها هم أنفسهم الذين يعتبرون صمت المجتمع الدولي خنجرا قتلت به القضية الفلسطينية ، تخيلوا أن حركة الإخوان و مرتزقتها هي من تتحدث عن القضية الفلسطينية و هي من تبرأت لمدة أيام من الشهيد محمد الزوارى لولا اعتراف فصائل الجهاد الإسلامي بهذا المناضل الكبير ،
نحن لا نتحدث عن زيف مشاعر الإخوان و مشاعر حركة النهضة بالذات من باب المكايدة السياسية لان القضية الفلسطينية اكبر من المكايدة فهي تتعلق بمظلمة تاريخية و بواجب قومي عربي يستدعى نصرتها بكل الطرق الممكنة مقابل جماعة كانت و لا تزال تتنفس كذبا و بهتانا لا تعترف إلا بمن يخدم مشروعها الهجين في إنشاء دولة الخلافة و لو وجدت مصالحها مع الشيطان لتحالفت معه ،
جماعة تقول في كل خطبها أن إسرائيل هي العدو لكن حينما اقتضت مصالحها التواصل مع إسرائيل تواصلت معها سرا أو بواسطة سياسيين أمريكيين أو من يمثلون اللوبي الصهيوني في أمريكا و عندما افتضح أمرهم و راج ما راج حول لقاء شيخهم و مرشدهم مع ممثلي الايباك حاولوا التهرب من الفضيحة بكل الطرق و حينما أكدت وسائل الإعلام هذا اللقاء بالصوت و الصورة توارت هذه القيادات عن الأنظار حتى تهدأ العاصفة معتمدين على مبدأ ثابت لديهم و هو ” اختفى عن الأنظار حتى يعم النسيان ” ، هذه هي طبائع حركة النهضة مهما حاولت أن تخفيها بستائر العفة و الانسلاخ من الدعوى إلى السياسي كما حصل بهتانا في مؤتمرها العاشر الذي أسال كثيرا من الحبر و بالذات حول هوية الأموال الخيالية التي صرفت في إعداد ذلك المؤتمر المثير للشبهات .
نحن لا نوجه هذا الخطاب لعزيزنا الشيخ راشد الغنوشى و لا نبحث عن مزيد فتح الجراح المؤلمة و لعل رسالة كبير الإخوان المسلمين المخلوع محمد مرسى لعزيزه شمعون بيريز قد كفتنا مئونة إثبات الخيانة الموصوفة و التحالف الشرير بين مشروع الإخوان في إقامة دولة الخلافة الموعودة على أرض تونس الخضراء و بين مشروع الصهاينة في إنشاء دولة إسرائيل على ارض الميعاد الفلسطينية ،
نحن نريد فقط أن نكشف للمتابعين أن العلاقة الآثمة بين حركة النهضة و مشروع الإخوان الإسلاميين في العالم لا تزال قائمة و أن العلاقة بين حركة النهضة و قوى الشر الخليجية و الغربية بما فيها إسرائيل قائمة و أن القضية الفلسطينية لم تكن يوما من الأيام هما لدى الإخوان منذ إنشاء هذا التنظيم الفاسد على يد الشيخ الراحل حسن البنا ، لعله من العار اليوم أن يحاول بعض المحامون و القضاة الذين يبيضون الإرهاب بل يختارون الوقوف مع حقوق الإرهابيين في العيش بدل الوقوف مع حق الأبرياء في الحياة إطلاق النفير العام لنصرة فلسطين و الجميع عالمون بما في صدورهم من حقد على القضية جعل كبيرهم و مرشدهم السجين محمد مرسى يعتز بصداقة عزيزه شمعون بيريز احد اكبر مجرمي الحرب في العالم و احد اكبر الذين قتلوا الأبرياء الفلسطينيين .
شارك رأيك