من الجزائر : عمار قردود
رغم مسارعة قناة التاسعة التونسية، اول أمس السبت 19 ماي 2018 إلى النفي نفيًا قطعيًا، تعرضها لأي “ضغوطات من قبل أطراف خفية منعتها من عرض الكاميرا الخفية “شالوم”، التونسيون بصوت واحد : وداعًا “لهتراؤت” להתראות يا إسرائيل…؟
في بلاغها التوضيحي اعتبرت القناة عدم بثها للكاميرا انها “لا ترتقي لمستوى الجودة المطلوب كما أن السياق الحالي الذي تعيشه القضية الفلسطينية يجعل من محتوى البرنامج إستفزازيًا مجانيًا للمشاهدين وبحثًا عن الإثارة في الموضوع لا يتحمل الهزل او التهريج”.
كما أوضحت أنها لم تمنع منتج البرنامج من عرض برنامجه في أي فضاء آخر. وشددت القناة في نص بلاغها ان ما يروج له حول تعرض القناة لضغوطات جعلتها تتراجع عن بث الكاميرا الخفية “لا أساس له من الصحة و محانب تماما للحقيقة”.كما أوضحت انها “لا تخضع إلى أي إملاءات كما لا ترضخ إلى أي ضغوطات”.
وأشارت القناة في نص البلاغ إلى أن “الضيوف الذين تم الإيقاع بهم في البرنامج المذكور هم بالأساس مجموعة فنانين وسياسيين لا سلطة لهم ولا نفوذ يسمح بالضغط على أي طرف كان”.
رغم ذلك فان قناة تونسنا قررت في خطوة جريئة منها و ربما إستفزازية الدخول على الخط و الإستثمار في قضية برنامج الكاميرا الخفية “شالوم” حيث بدات في بث حلقاته منذ امس الاحد 20 ماي في محاولة منها لفضح عدد من السياسيين و المثقفين الذين أبدوا موافقتهم في التعامل مع إسرائيل خاصة في هذا الظرف بالذات المتسم بالتوتر الكبير في فلسطين على إثر فتح السفارة الأمريكية بالقدس الشريف بالتزامن مع الذكرى الــــ70 للنكبة.
و يستضيف برنامج الكاميرا الخفية “شالوم” شخصيات سياسية وثقافية ورياضية تونسية بارزة بسيناريو محبك عن طريق حوار مع قناة عالمية ، حيث يعرض المحاور على الضيف أموالاً طائلة و دعمًا سياسيًا شريطة التعامل و التطبيع مع الصهاينة.
وحسب السيناريو فانه يتم الاتصال بالضيف وإيهامه بان قناة الــ”سي آن آن” الأمريكية تود محاورته وتتجه إليه سيارة مرسيديس رئاسية تحرسها سيارة بورش ويتم نقل الضيف إلى قصر بجهة “سكرة” وهناك يلتقي إمراة يتم تقديمها على انها سفيرة إسرائيل بتونس كما يلتقي حاخامًا إسرائيليًا يتم تقديمه على أنه عميل بــــ”الموساد”.هذا ويتم عرض مبالغ مالية على الضيف وإقتراح تعامله مع إسرائيل مقابل تمكينه من إمتيازات تصل إلى منصب رئيس جمهورية.
و هنالك من التونسيين من أبدى إستعداده التام و بصدر رحب لذلك و هناك من رفض التطبيع جملة و تفصيلا.
و يبدو أن هناك أحزابًا سياسية و لوبيات مالية وشخصيات إعلامية تدخلت لمنع بث البرنامج حتى لا يتم كشف حقيقة بعض الشخصيات السياسية والدينية التي قبلت التعاون مع إسرائيل. و هي الشخصيات التي كشفت عن هوياتها و أسمائها إذاعة “شمس أف أم” و التي قبلت التعامل مع إسرائيل في الكاميرا الخفية “شالوم”.
و هذه الشخصيات هي : عبد الرؤوف العيادي -كان إلى وقت قريب معروفا بمعاداته للصهيونية- ،عادل العلمي -رجل دين وافق على العرض وطلب تصريف المبلغ بالدينار التونسي- ،الناشطة السياسية احلام كامرجي،المغني محسن الشريف ، القيادي الاسلامي محمد بن سالم -لم يأخذ المال- ،رجل الاعمال سليم شيبوب , المدرب مختار التليلي ،الناشط منذر قفراش، الممثل رؤوف بن يغلان.
أما الشخصيات التي رفضت العرض وتمسكت بعدم التعامل مع “الصهاينة” فهي عبيد البريكي، عمار عمروسية ، محمد عبو، محمود البارودي ، رضا بلحاج – قيادي في النداء سابقا-، و النقابي الامني عصام الدردوري – رفض العرض و هدد بتبليغ الأمن – و محمد علي النهدي الذي تدخلت زوجته بعد ان سمعت الحوار ودفعته الى الرفض .
في إعتقادي أن المشكلة ليس في هل سيتم عرض برنامج الكاميرا الخفية “شالوم” على إحدى القنوات التونسية أو لا؟ و لكن المعضلة أكبر بكثير و تحيلنا إلى الحديث عن هل توجد هناك فعلاً رغبة لدى بعض التونسيين للتطبيع مع إسرائيل في شتى مناحي الحياة سياسيًا و رياضيًا و ثقافيًا و فنيًا و علميًا و أمنيًا و عسكريًا؟ و هل تونس تتجه حكومة و شعبًا رويدًا رويدًا نحو التطبيع مع إسرائيل قريبًا؟.
و في موضوع متصل ،أثار ظهور مفتي الجمهورية التونسية عثمان بطيخ على قناة السابعة الإسرائيلية في مطلع شهر ماي الجاري على هامش ندوة دولية حول حوار الأديان و الحضارات جدلاً واسعًا مطبوعًا بتذمر و سخط كبيرين من التونسيين،لأنه لطالما كانت تونس عصية على إسرائيل. و رغم أن عثمان بطيخ سارع الى التوضيح أنه لا علم له إن كانت مداخلته لصالح قناة إسرائيلية و أشار إلى أن الصحفي قام بتقديم نفسه على أنه فلسطيني، إلا أنه رحّب-أي مفتي تونس-بضيوف الغريبة بجزيرة جربة من رجال الدين اليهود و على رأسهم كبير الأحبار في أوروبا.
كما لم يتمكن ابطال اسرائيل من المشاركة في بطولة العالم للتايكواندو للأواسط التي إستضافتها مدينة الحمامات التونسية بين 9 و13 أفريل الماضي بعد ان كان مقررا حضورهم الى تونس كما اعلنت الجامعة الدولية للتاكواندو و عدد من وسائل الاعلام الاسرائيلية حيث احالت السلطات التونسية دون هذه المشاركة.
مبادرة ” توانسة ضد التطبيع” تطمح لجمع مليون توقيع لتجريم التطبيع
و في ديسمبر الماضي أعلنت مبادرة ” توانسة ضد التطبيع” عن إطلاق حملة المليون توقيع على مواقع التواصل الإجتماعي “لتجريم التطبيع مع العدو الصهيوني”.و دعت المبادرة،جميع التونسيين و التونسيات للإمضاء على عريضة المليون توقيع لتمرير مشروع قانون لتجريم التطبيع في مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه،مؤكدة أن هذه”الإمضاءات هي مساهمة فعالة و عملية للضغط على المجلس و الحكومة لتعجيل النظر فيه”.
و أكدت تمسّكها “بضرورة سن قانون يجرّم التطبيع مع الكيان الصهيوني،بإعتبار أن الصهيونية حركة معادية للإنسانية و حركة عنصرية نازية لما قدمته من شهداء على درب تحرير فلسطين و محاربة الصهيونية و في سائر محطات الصراع العربي الصهيوني”.
و أشارت،في السياق ذاته،إلى “إستهداف مقر القيادة الفلسطينية بحمام الشط سنة 1985 و إغتيال أبو جهاد في أفريل من سنة 1988 و عدد من قيادات حركة فتح في 1991،إضافة إلى إغتيال الشهيد محمد الزواري في 2016 بصفاقس”.
و إعتبرت “مبادرة توانسة ضد التطبيع”،أنّ التطبيع لا يقود إلاّ إلى تفكيك البنى الإجتماعية و الإقتصادية و استهداف الشباب و المبدعين،مشدّدة على خيار المقاومة لتحرير الأرض و الإنسان و على “أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلاّ بالقوة”.
قانون بالبرلمان التونسي يجرّم التطبيع مع إسرائيل لم تتم المصادقة عليه بعد؟
وكان البرلمان التونسي أجّل في فيفري الماضي النظر في مشروع قانون تقدمت به مجموعة من الكتل النيابية لتجريم التطبيع مع اسرائيل للمرة الثانية على التوالي، وكان مقررًا أن يدرج بند في الدستور التونسي التوافقي الصادر في ديسمبر 2014 ينص على تجريم كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل، لكن تم إلغاء هذا البند في اللحظة الأخيرة،حيث قدم العشرات من النواب التونسيين في ديسمبر 2017، مشروع قانون للبرلمان يقضي بتجريم التطبيع مع إسرائيل، ويأتي ذلك ردًا على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب،الإعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، والحراك ببعض الدول العربية والإسلامية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل آنذاك.
وأعلن رئيس لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية بالبرلمان التونسي النائب نوفل الجمالي، عن توقيع أكثر من 90 نائباً بالبرلمان على عريضة تطالب بالتسريع في النظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مع إسرائيل.
وقال الجمالي في تصريح نشرته بعض وسائل الإعلام التونسية، إن عددًا من نواب اللجنة اقترحوا بحث مشروع هذا القانون مباشرة.وأضاف “إن لم يصدر القرار عن مكتب البرلمان فإن لجنة الحقوق والحريات تتمتع بسلطة القرار وستنظر في مشروع قانون تجريم التطبيع مباشرة الأسبوع المقبل”.
يذكر أن عدداً من النواب لا سيما نواب كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية طالبوا بإدراج مشروع قانون تجريم التطبيع مع “إسرائيل” في جدول أعمال مجلس نواب الشعب لهذه الفترة، لا سيما وأن مشروع القانون مودع لدى مكتب المجلس منذ ديسمبر 2015.
وتجدد هذا الموقف لا سيما بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تحويل مقر سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس واعتبار المدينة المقدسة عاصمة لإسرائيل.وكانت اسرائيل قد شاركت في “بطولة العالم المدرسية لكرة اليد” التي استضافتها قطر في فبراير الماضي.
ولطالما أثارت مشاركة اسرائيل في بطولات تستضيفها بلدان عربية الرأي العام العربي الرافض للتطبيع معها. كذلك انسحب الكثير من الرياضيين العرب من مواجهة اسرائيليين في بطولات عالمية.
مسيرة تطالب بقانون ضد التطبيع إسرائيل
و خلال الأسابيع الماضية طالب متظاهرون في العاصمة تونس الحكومة والبرلمان بإقرار قانون يجرم كل محاولات وأشكال التطبيع السياسي والثقافي والاقتصادي مع إسرائيل.
ونظم الائتلاف التونسي من أجل فلسطين منذ أيام مسيرة وسط العاصمة بمناسبة يوم الأرض شارك فيها مئات التونسيين المؤيدين للقضية الفلسطينية، طالبوا خلالها بسن قانون ضد التطبيع في تونس.
ورفع المتظاهرون علمًا فلسطينيًا كبيرًا وشعارات تؤيد نضال الشعب الفلسطيني، وتستنكر الجرائم الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وتدعو إلى عمل عربي وإسلامي مشترك لأجل القضية الفلسطينية.
التونسيون لإسرائيل:وداعًا لهتراؤت להתראות يا إسرائيل…؟
رغم و رغم و رغم إلا أن الأكيد أن التونسيون ضد التطبيع مع إسرائيل بالأمس و اليوم و غدًا و أبدًا،فقط لأن التونسي مفطور على ذلك و لأن الشعب التونسي أكثر شعوب الأرض تضامنًا مع فلسطين و مناصرة للقدس الشريف….فلا “شالوم” من التونسيين لإسرائيل و لكن الصحيح أن معظم التونسيين سينطقون بصوت واحد:وداعًا لهتراؤت להתראות يا إسرائيل…؟.
شارك رأيك