بقلم : عبد الواحد المكني
كتبت يوم فاتح رمضان عن علي شورب حتى أوضح بعض اللبس و نخرج الشخصية من دائرة التجاذب ” خايب و باهي ..شرّير و خيّر “…و ذكرت انه من فئة الصعاليك الذين عاشوا في الحاضرة تونس و يعتره البعض صعلوكا شريفا و الغالبية تعرّفه بأنه صعلوك غير شريف و مجرم هذا لا يعنينا في سياق تحليلنا الآن.
لنعد إلى مسلسل ” شورب” ليس من عادتي أن أحكم قبل انتهاء الأعمال الدرامية و أعطيت رأيي سابقا في مسلسل اسمهان بوصفي مؤرخا و باحثا في الأنتروبولوجيا….و لكن و حسب ما تابعته، أعتقد ان المسلسل لم يلح لنا ناجحا و مبهرا بل أقرب منه الى الفشل فنيا باعتبار ان الأحداث تتحرك ببطء و الشخصيات لم يتقمصها ممثلون مناسبون لكن لنترك هذا للمختصين.
ما يمكن أن أحكم عليه في مضمون المادة الدرامية ووظيفتها الاجتماعية … ان مسلسل شورب جاء الآن في فترة ضعفت فيها الدولة و تراجع دور الزعماء,, ودور الحاضنة الاجتماعية للاعالة على غرار منظمات الشباب من كشافة و مصائف و مضائف و دور صناديق الحيطة و الاعالة و مؤسسات تأطير العاطلين و المهمشين .,في ظل هذا اليتم الاجتماعي و الاحساس بغياب السند و المنقذ ,,و تأتي شخصيات مثل شورب ,,,( و أمثاله) لتملأ فراغا ,, لتلبي حاجة ,,و لفرض الذات و التعبير عن القهر و الاستلاب و الاغتراب ,,بل لتشجع ضمنيا – ودون وعي ربما أو بالتأكيد – على الاستقواء ضد الدولة و مؤسساتها و التهليل لثقافة الكانتونات و “زمرات الباندية” ,,,Gang et Bandetto و شورب عندما صعد نجمه اخر الخمسينات و بداية الستينات قاومته مؤسسات الدولة و حاولت اعطاءه حجمه الحقيقي ( تحدث عن خطورته على المجتمع عبد العزيز العروي و بورقيبة و غيرهما ,,,),صعود نجمه و التهليل لبطولاته تمت مقاومتها انذاك حتى لا يؤسس دولته الخاصة به هو و أتباعه و أمثاله ,,. و تصبح في البلاد دولة في كل زنقة و عصابة في كل حارة,,, ( دولة الفتوات كما كان الحال في مصر مثلا) أما الممسلسل اليوم فانه يسير في الاتجاه المعاكس,,,أي يعطي شحنة اضافية للشباب “الهائج المائج” بطبعه و الذي لم تعد له أي ثقة في المؤسسات و خاصة الأمنية منها ( حادثة غرق محب الافريقي و غيرها من حروب الملاعب,,,) ,,وشحنة اضافية لتقويض مؤسسات الدولة …
مسلسل شورب ينمي في الناشئة عقلية اللادولة و اللانظام اقصد le désordre و لا أقصد anti- système ,,, ينمي فكرة الفوضى و الفوضوية …في عصر يشعر فيه الشبان الذين وعدتهم “الثورة ” بالكرامة و التشغيل و حق الحياة و لم تحقق لهم من الوعود شيئا …يأتي شورب “المسلسل” ليحفز فيهم دافع الفوضى و مزيد التمرّد و فكرة اللادولة و اللانظام( اٌقصد االلأمن) ….ظهرت البوادر الأولى لكذا تأثير ,,,مهاجمة الشبيبة لعربات الميترو في تونس العاصمة و تحطيم البلور في أكثر من 10 سفرات في الليالي الأولى من “المسلسل” قصدي من رمضان ,,,,Bonjour les dégâts ,,,,هذا رأيي و الله أعلم و أحترم رأي من يخالفني.
عبد الواحد المكني
مؤرخ و باحث في الأنتروبولوجيا
شارك رأيك