دعت اللجنة الدولية للحقوقيين اليوم مجلس نواب الشعب التونسي إلى إلغاء قراره الصادر في 26مارس 2018 وإتاحة الفرصة لهيئة الحقيقة والكرامة لتنفيذ ولايتها لمدة سنة أخرى على الأقل بهدف الانتهاء من تحقيقاتها في انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة، وعند الاقتضاء، إحالة القضايا إلى الدوائر الجنائية المتخصصة.
واعتبرت في تقرير لها أن مجلس نواب الشعب لم يأخذ في الاعتبار ولم يتبنى أي إجراءات لمعالجة التبعات القانونية والعملية لقراره، بما في ذلك كيف سيتم التعامل مع التحقيقات غير المكتملة من قبل هيئة الحقيقة والكرامة، وكيف سيتم إحالة التحقيقات الأخرى إلى الدوائر الجنائية المتخصصة ومن قبل من، وكيف سيتم الحفاظ على الأدلة وحمايتها، وكيف سيتم أرشفة المستندات والوثائق وغيرها من الملفات التي جمعتها هيئة الحقيقة والكرامة بشكل صحيح وملائم، ومآل التقرير النهائي إذا لم تنته الهيئة من صياغته في الإطار الزمني المحدد.
وذكّر أن مدة ولاية هيئة الحقيقة والكرامة المحددة بأربع سنوات تنتهي يوم 31 ماي 2018.
وبموجب قانون العدالة الانتقالية لعام 2013، فإن مدة ولاية هيئة الحقيقة والكرامة هي أربع سنوات قابلة للتمديد لسنة إضافية واحدة بناء على قرار معلل من هيئة الحقيقة والكرامة. وينص قانون 2013 على ضرورة رفع قرار التمديد إلى مجلس نواب الشعب. إلا أن القانون صامت فيما يتعلق بما إذا كان رفع قرار التمديد هو لمجرد الإخطار، أم أن موافقة مجلس نواب الشعب ضرورية ليكون القرار فعالا. وفي جميع الأحوال صوّت 68 عضواً في مجلس نواب الشعب، في 26 مارس، ضد تمديد فترة ولاية هيئة الحقيقة والكرامة.
ويشترط النظام الداخلي أن تتخذ قرارات مجلس نواب الشعب من طرف 72 من أعضائه على الأقل. وأدى عدم اكتمال النصاب القانوني لقرار مجلس نواب الشعب الصادر في 26 آذار/مارس إلى المزيد من الغموض والجدل حول مشروعيته، الأمر الذي زاد من تعقيد وضع هيئة الحقيقة والكرامة وغيرها الفاعلين، بما في ذلك على وجه الخصوص الضحايا أنفسهم.
وقال سعيد بنعربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في اللجنة الدولية للحقوقيين أنه: “من غير المسؤول إطلاقاً أن يعصف مجلس نواب الشعب التونسي بمسار العدالة الانتقالية بأكمله ويقيد عمل هيئة الحقيقة والكرامة دون أن يقدم أي حلول أو تصور مستقبلي لمآل هذا المسار”.
“يجب على مجلس نواب الشعب، كأحد سلطات الدولة الثلاث، أن يمتثل لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي بإثبات حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، وتوفير سبل الانتصاف وجبر الضرر الفعالة للضحايا”.
قرار مارس يتعارض مع جميع هذه الالتزامات.
القرار ينكر حقوق الضحايا والمجتمع في معرفة الحقيقة، بما في ذلك الظروف والأسباب التي أدت إلى عقود من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البلاد، حيث لم تتمكن هيئة الحقيقة والكرامة من إنهاء التحقيقات أو إصدار تقريرها النهائي.
كما يحمي القرار المسؤولين عن الانتهاكات من المحاسبة الجنائية، حيث أحيلت حتى الآن ثمانية ملفات فقط من قبل هيئة الحقيقة والكرامة إلى الدوائر الجنائية المتخصصة. ولا يزال مصير الحالات التي تم التحقيق فيها ولكن لم يتم إحالتها قبل 31 ماي 2018 غير واضح. وتلقّت هيئة الحقيقة والكرامة 62712 ملف.
وأضاف بنعربية أن “مجلس نواب الشعب يتخلى بشكل صارخ عن مسؤوليته في احترام وحماية حقوق الضحايا”. واختتم أنه: “بدلاً من المناورات السياسية المريبة التي لا يمكن إلا أن تعزز الإفلات من العقاب، يجب على مجلس نواب الشعب أن يلغي قراره ويزيل جميع العقبات التي تعيق عمل هيئة الحقيقة والكرامة في ضمان المساءلة عن الانتهاكات “.
إطار مرجعي
في 24 ماي 2018، صدر عن هيئة الحقيقة والكرامة ووزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان بلاغا مشتركا أعادا فيه تأكيد التزام تونس بمسار العدالة الانتقالية على النحو المنصوص عليه في الدستور. وبموجبه، تمت دعوة هيئة الحقيقة والكرامة الى إحالة جميع القضايا المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى الدوائر الجنائية المتخصصة، وضبط المعايير اللازمة لجبر الضرر للضحايا وتحديد طرق صرف التعويضات المحمولة على صندوق الكرامة ورد الاعتبار، وإرسال التقرير النهائي لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيس الحكومة
شارك رأيك