بقلم سامي بن سلامة
الباجي قايد السبسي عزل الحبيب الصيد بكل سهولة ولما أعجبه الأمر حاول إعادة الكرة لعزل يوسف الشاهد بنفس الطريقة..وثيقة غير دستورية تمضى في قرطاج.
هذه المرة لم تكن موازين القوى في صالحه منذ البداية.. فقد بلغت حركة النهضة شوطا كبيرا من التطبيع مع المجتمع ومع الوضع السياسي بفضل خيارات الرئيس الخاطئة لدرجة أنه أصبح عن طريق ابنه أسيرا لديها..
استسهل الرئيس المنهك المعركة التي أقدم على خوضها بدون أسلحة فعالة..
لم يحشد جميع الأحزاب القريبة منه والمنبثقة عن حزبه..
لم يفصل في تمثيلية حزب المسار وترك عضوا من الحكومة يشارك في الجلسات.. ويعارض توجهاتها الرئيسية..
لم يتفطن أن خطته كانت تفتقد للاعبين في قيمة وفنيات العباسي والبوشماوي…
لم يكن من الوارد لديه إعادة هيئة المحامين للواجهة باعتبار سيطرة سعيدة العكرمي عليها وعلى العميد الجديد..
استنجد براضية الجربي وأقحم اتحاد المرأة في المعركة..لم يكن ذلك كافيا.. وذلك ما فهمه الغنوشي الذي لم يرفض انضمامه لأن موازين القوى كانت من البداية في صالح حركته..
انقلب اتحاد الصناعة والتجارة عليه واصطف بفضل الغرياني وعلاقاته العائلية بالشاهد وعلاقاته المصلحية بالحركة في نفس خندقها..يتبع اتحاد الفلاحين نفس خطوات الحركة منذ زمن طويل..
حزب المبادرة كذلك..
لم يكن من الوارد إقصاء اتحاد الفلاحين النهضاوي ولكن كان من الممكن إقصاء مرجان الإنتهازي لتعديل الكفة..
سوء التقدير كان سمة تحركات رئيس الجمهورية…
عدم سيطرته على الوضع بدت واضحة.. حتى وزير الداخلية خرج عن الصف وتقمص دور صاحب الشرطة تقربا من الحركة… ويبدو أنه لم يتلق التطمينات الكافية للبقاء في الحكومة من فم الرئيس العجوز..
هي هزيمة موجعة لقايد السبسي بينت خطأ جميع الخيارات التي أصرّ على السير فيها…
عوض إضعاف الحركة ضاعف من قوتها…لم يفعل شيئا في ملف الشهداء بل ساهم في طمس معالم الملف..قسم حزبه وجعله تابعا لها… سلمها لجان البرلمان فسيطرت عليه بالكامل.. عزل الصيد بدون موجب..عين الشاهد بدون موجب ولا مقدرة ولا كفاءة ولا مشروع…لا شيء سوى العلاقة العائلية..
لم يستطع عزل الشاهد رغم توفر الموجب… وترك البلد بالتالي فريسة لكفاءته المنعدمة وضيق أفقه.. وسلمه بحكومته إلى الحركة التي أصبحت ولية نعمته… فسيطرت نهائيا على حكومته.. عن طريق المستشارين النهضويين… وعن طريق وزير العدل الذي ما نفك يبرهن على ولائه المطلق للحركة…
مع هذا..
لن يبقى الشاهد وحسم أمره… فلا يمكنه البقاء مع رفض رئيس الدولة وأكبر طرف إجتماعي له.. لن تنفعه الحركة كثيرا فقد أضعف إلى درجة انتقلت فيها حكومته من حكومة وحدة وطنية إلى حكومة مهزلة وطنية… وسيعمل من طالب برأسه إلى القفز برأسه من حيث لا يدري…
طويت صفحة قرطاج 2 العلنية وانتقلت المسألة إلى قرطاج 3 سرية..
تحول الشاهد إلى ألعوبة في يد الحركة… التي لوحت له بإمكانية ترشيحه لانتخابات 2019 الرئاسية..
مشكلتنا الرئيسية في المطالبة بذهاب الشاهد كانت سوء أداءه وسوء إدارته للدولة وتفويته الفرصة للقضاء على الفساد بعد أن توقف في أول الطريق مكتفيا بالجراية وبعض العمليات الإستعراضية..
مشكلة الأطراف المتصارعة كانت إعداد الأرضية لإستحقاقات 2019..
المسؤول الأساسي عن الوضع الرديء الذي تعيشه تونس هو السيد الباجي قائد السبسي فقد أساء الاختيار.. وأساء حتى لم|ا حاول مراجعة الإختيار..
كلمة فقط حول المعارضة…
الغريب في هذا البلد أن المعارضة بجميع أطيافها غير موجودة على الساحة السياسية نهائيا…
ولا توجد ضمن قائمة الفاعلين السياسيين حاليا وكأن الأمر لا يهمها..
منها من أقصاها السيد قايد السبسي كبقايا المؤتمر..ومنها من أقصت نفسها بنفسها كالجبهة أو ربما كالمشروع..
كان عليها إجبار المجلس النيابي على اتخاذ موقف من مبادرة قرطاج المجهضة ولما لا تبنيها وإخراج رئيس الجمهورية منها… ولكنها معارضة في حالة عطالة ذهنية ولا يعول عليها في شيء..
*العضو السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
شارك رأيك