بقلم: المنذر بن عزوز وحادة
من جاء بالشاهد؟ من وضع له برنامج حكومته؟ من شكّل له الحزام السياسي؟
بالتأكيد، وثيقة قرطاج واحد،كانت البداية و المنطلق ، هذه الوثيقة التي أمضى عليها أغلب الأحزاب الوطنية زيادة على كبرى المنظمات الإجتماعية وعلى رأسها كل من الإتحاد العام التونسي للشغل و إتحاد الأعراف..بل أكثر من ذلك كبرى الكتل البرلمانية من نهضة و نداء و غيرهم إحتضنوا السيد يوسف الشاهد و منحوه ثقة عالية ، تيسّر له بأريحية كبيرة تطبيق البنود و التوجهات العامة التي تضمنتها وثيقة قرطاج واحد.
من لحظة منح الثقة للسيد يوسف الشاهد و لفريقه الحكومي ، أصبحت الكرة في ملعبه ليمضي بالبلاد نحو الإستقرار و تحقيق ما يجب تحقيقه من إنتظارات و إستحقاقات إقتصادية و إجتماعية يمكن أن تنقذ البلاد و لو مرحليا…لكن حين تمضي الأشهر و تمضي السنوات و حصيلة العمل الحكومي إجمالا لم تحقق الحد الأدنى من هكذا إنتظارات،هنا فقط كان من المفترض فتح المجال للتقييم و المراجعة لهذه الحكومة ، أين أصابت و أين فشلت ، و من الطبيعي المخوّلين للقيام بمثل هذا الفعل التقييمي هم من أمضوا على وثيقة قرطاج واحد و من وفّروا الحزام السياسي لها ، لكن هذا الفعل التقييمي أو النقدي من مراجعة و محاسبة لم يُنجز و عدم إنجازه من هؤلاء الأطراف يضع الجميع في نفس السلة ، بمعنى سلّة الفشل.
مع تقديري أنّ منسوب الفشل يتقاسمه الجميع بنسب متفاوتة ، لعلّ السيد يوسف الشاهد و فريقه الحكومي المتكون من عديد الأحزاب الممضية على وثيقة قرطاج واحد يتحملون القسط الأكبر منها.
إذن نحن أصبحنا أمام وضع سياسي معقّد شظايا الفشل فيه مترامية عند الجميع و لا يحق لأيّ كان أن يتملّص من هذه الحقيقة..و لا يحق أن نحمّل الفشل لهذا الطرف دون غيره كما أراد مع الأسف أن يسوّقه السيد يوسف الشاهد في كلمته للشعب التونسي حين أراد أن يحمّل المسؤولية لغيره من أشخاص و أحزاب و منظمات ..بل أكثر من ذلك سقط السيد الشاهد في الشخصنة و في ردود فعل مباشرة و مثل هذه الرؤية الضعيفة و الغيرالمتزنة تعكس أن السيد رئيس الحكومة يفتقد لقراءة عميقة و موضوعية و وضوح في الرؤية لحقيقة الواقع السياسي الذي وصلت إليه البلاد…هذه الضبابية في الرؤية و الإختلاط في المفاهيم و الضعف في الخطاب السياسي مقدمات وعناوين ميزت كلمة الشاهد التي توجه بها إلى الشعب التونسي.
أمام هكذا وضع و أمام هكذا فشل، جائت وثيقة قرطاج الثانية والهدف كان من وراءها إنقاذ ما يجب إنقاذه تقريبا بنفس مكونات قرطاج واحد ، لكن ما غاب على الجميع أو بالأصح ما لم يمضي فيه الجميع هو التقييم و المحاسبة و تحميل مسؤولية الفشل لمن يجب أن يتحملها قبل الحديث عن أيّ مضامين أو مخرجات لوثيقة الخبراء..و لو تمّ ذلك لكان الأمر غير الأمر و الوضع غير الوضع ولكان للتوافق صوت عالي، قوي و مسؤول يمكن أن يمضي نحو قناعة موحدة بضرورة تغيير لعناوين الفشل من برامج و إختيارات وأشخاص و فسح المجال لفريق حكومي جديد قادرعلى تسيير شؤون البلاد بشكل أحسن و بأكثر جدوى و جدية ..
السؤال المطروح هنا هوّ الاتي : إذا فشل السيد يوسف الشاهد في إدارة شؤون البلاد بمخرجات وثيقة قرطاج الأولى التي تضمنت بعض النقاط القليلة والتي حضي فيها الشاهد بدعم سياسي واسع و بحزام برلماني كبير،فكيف له أن يوفر اليوم أسباب النجاح في ظل إنكسار التوافق و تقلص حجم الدعم السياسي و إنفضاض حاضة الإتحاد العام التونسي للشغل له و تعقيدات الـ : 63 نقطة و صعوبة أو إستحالة تحقيقها ؟؟
القول أنّ الفشل لا يمكن إلا أن ينتج الفشل ، قول ينطبق على الوضع الراهن في بلادنا.
و من يريد أن تُرفع الغشاوة عن عينيه و يكون قادرا على الرؤية أبعد من اللحظة التي هو فيها ،عليه أن يخرج من دائرة الحسابات والمصالح الفئوية الضيقة.
شارك رأيك