بقلم أحمد الحباسي
اصاب بالإحباط و أحزن على ما وصل إليه الحال بهذا الوطن المنكوب عندما أسمع ما ينطق به السيد النائب ياسين العيارى، أحار في نفسي عندما أجد من يستمع إلى “خرجات” السيد النائب و من يهلل له ومن يصفق وأسأل السؤال الغبي البريء المفرط في البراءة : ياسين من يصدق ياسين العيارى؟ هل انفصمت شخصية المواطن التونسي بهذا الشكل المرعب أم أن ما يحدث هو ترجمة أمينة لحالة انعدام الوزن الذي يعيشها المواطن نتيجة كل هذه التراكمات القبيحة والقذرة التي جاءت ونتجت عن الثورة.
استمعت إلى ياسين العيارى مرارا و تكرارا ممنيا النفس الأمارة بالسوء أن أجد حرفا واحدا يصدقه ذهني الرافض لمثل هؤلاء النوائب عفوا النواب الذين جادت بهم الثورة في بلد منكوب فلم أعثر على مجرد عبارة أو كلمة أو مفردة تؤكد أن الرجل يتحدث بلغة التوانسة وأن قلبه موجوع مما حدث لأبناء الشعب وأنه لو كان بيده لغير وضع البلاد من سيء إلى أحسن.
بطبيعة الحال لا أحد من العاقلين و المميزين والقائمين بواجباتهم الدينية والمتكلين على الله يصدق ما يقوله لسان النائب ياسين العيارى، الرجل لا يملك تلك الجينة التي يمنحها الله سبحانه و تعالى لعباده الطيبين ليصدقهم الناس ويتدافعوا لسماع أقوالهم ولذلك فما يخرج من لسان هذا النائب سبق للشعب أن شبع من تكراره بل أنه كان الخطاب الكريه المليء بالشعارات الزائفة التي كانت سببا في اشتعال الثورة و نزول الناس إلى الشوارع متحدين “كرطوش” بن على.
يقال حدث العاقل بما يعقل، لكن من الضروري أن يكون النائب المحترم عاقلا من الأساس حتى يختزن حديث العقلاء وما نعرفه عن الرجل أنه تقلب على كل الجهات ولعق من كل الصحون ولو كانت الدنيا دنيا كما يقال لكن سجينا من اجل كل جرائم “الخروج عن النص” المفتعلة التي صدم بها الساحة السياسية والاجتماعية كل ذلك ليصنع من تلك الجرعات الزائدة اسما تجاريا يتهافت عليه المتهافتون من أزلام الثورة المضادة.
الخطب الرنانة حول مقاومة الفساد
يعلم الجميع أن سيادة النائب هو ابن من أبناء حركة النهضة ويعلم العالمون أن هذه الحركة هي سبب خراب البلد نتيجة “مرورها” كالجراد طيلة 3 سنوات كاملة حدث فيها ما لم يحدث طيلة ستين سنة من الاستقلال الذي يقدح فيه سيادة النائب دون ذرة خجل أو حياء من الشهداء الذين ضحوا ليجلس سيادته في مقعده الوثير ويدلدل ساقيه عفوا لسانه بمثل هذه الأراجيف، لذلك نقول من له النما فعليه التوا و من جاهر بعلاقته بحركة النهضة فعليه أن يتحمل مسؤولية جرائمها الفظيعة ضد الوطن و المواطن ومن كان في تلك السلة المشؤومة فعليه أن ينأى بنفسه عن كل الشعارات والخطب الرنانة حول مقاومة الفساد و إصلاح ما يجب إصلاحه في هذا البلد المنكوب.
من العيب والعار أن “يتظاهر” سيادة النائب ضد الفساد و أن نجد جلساءه من حركة النهضة يتقولون نفس الكلام ويرفعون نفس الشعارات البائسة والحال أن الحركة قد ارتكبت في ظرف ثلاث سنوات وربما لحد الآن من الفساد والإفساد والشعوذة السياسية والضرب تحت الحزام ما يندى له الجبين، فكيف سيصدق الشعب شعارات النائب وذويه في حركة النهضة وكيف ستنطلي الحيلة الخطابية مهما تفنن سيادته في تلويكها بطريقته الخاصة التي تكشف تصنعه المبالغ فيه وعدم قدرته على حبك الروايات الماسطة التي تقزز منها الشعب خاصة بعد أن انقشع الدخان و تم فرز الحابل من النابل في الانتخابات البلدية الأخيرة التي أفرزت فوزا ساحقا للمستقلين وتراجعا مذهلا لنصيب الحركة الموصومة بالإرهاب والمتهمة بالوقوف وراء شبكات تسفير الإرهابيين إلى سوريا كما جاء بعدة تقارير إعلامية وبالذات الوثائقي الجزائري الأخير الذي هز أركان وعرش الحركة و دفعها إلى التشنج الظاهر.
يقول السيد محسن مرزوق عن فوز السيد ياسين العيارى بمقعده النيابي عن دائرة ألمانيا أن الفائز هو مرشح حركة النهضة التي خانت تحالفها مع النداء من اجل عيون ياسين وانه فوز مشبوه لهؤلاء الذين لم يتذوق منهم الشعب إلا الدمار والتخريب ونهب المال العام كما جاء على لسان وزير المالية السابق حسين الديماسى.
مرور النهضة في الحكم كمرور الجراد الزاحف
يقول بعض الظرفاء أن سيادة النائب قد جاء في هذه الفترة بفعل فاعل ليغطى على كل ما قامت به حركة النهضة طيلة سنوات حكمها المرعب إلى حد الآن و بعد أن تم إفراغ خزينة الدولة وشحت مواردها وتم “لحس” ما وجد لحسا بحيث شعر المواطنون أن مرور النهضة في الحكم كمرور الجراد الزاحف.
لقد تاجرت حركة النهضة طيلة سنوات الاستقلال بقضية المظلومية الزائفة كما تاجر “أبناء العم” بقضية المحرقة كما جاء على لسان الكاتب روجي قارودى أو النائب اليميني جون مارى لوبان، لعل ما يثير الاستغراب تسليط النائب كل سياط نقده أو انتقاده ضد حزب النداء وضد حكومته متجاهلا عمدا أن ما حصل طيلة ثلاثة سنوات من نهب و سوء إدارة و تقديم تعويضات للقتلة والإرهابيين وبيع و شراء سياسي هو سبب ما هو حاصل اليوم من سقوط الدولة ومؤسساتها المالية والاقتصادية في بئر عميق يصعب انتشالها منه مهما كان العزم الحكومي قويا و متواصل.
من حقنا أن نتساءل ونسأل سيادة النائب الهمام كيف يمكن محاربة الفساد وهو “ينتمي” إلى كتلة برلمانية تشترك في الحكم منذ سنة 2011. وإذا افترضنا أن الفساد موجود في الحكومة فان المنطق يقول أن كتلته مساهمة فيه لأنها ممثلة في هذه الحكومة والحكومة هي مرآة البرلمان و نواب البرلمان ومن بينهم سيادة النائب، ما نقوله يقوم دليلا على اشتراك الجميع بكوكتال الفساد وهو ما يذكرنا بفيلم الفنان الراحل محمود عبد العزيز “يا عزيزي كلنا لصوص”.
شارك رأيك