بقلم: سيماء المزوغي
إلى جماعة “موش وقتو”، وكل من يتفرع منها من نظريات وشنفريات وكلاميات وبهلوانيات ومرجعيات واهية..
إلى من يتحدّث عن الحريات العامة ويسكت عن الحريات الفردية..
إلى من يضع الحقوق الفردية تحت غطاء الهيمنة الثقافية الامبريالية..
الى المزايدين المتشدقين باسم “العلمانية”، محطمي الطموح ومهدمي الخطوات الجادة ..
إلى من يؤمن قولا وفعلا بمبادئ الجمهورية وبعلوية القانون.. فالحرية في النهاية ليست إلا حقك في أن تكون مختلفا..
إلى الجماعة التي تريد أن تطوّق الفرد وتحاصره بقبضة من حديد في كل زواية من زوايا المحافظين والسلفيين والرجعيين وحتى “التقدميين”..
إلى الحالمين أيضا بتحرر الفرد واستقلاله من هيمنة الجماعة وأحكامها وشروطها واملاءاتها وكل أنواع نفاقها..
الحرية لا تكون حرية إلا بحرية الضمير وحرية الجسد..وبالمساواة التامة.. لقد آن الأوان أن ننزع أقنعة النفاق، أن نتصرف كبشر راشدين لا كأوصياء على البشر، أن نتصالح مع المختلفين، أن نلجم مفردات النفاق الاجتماعي إلى الأبد.. آن الأوان أن نقاوم غرورنا وتضخم أنواتنا وننسى صراعاتنا السياسية ونتحد حول حقوقنا الفردية.. فاليوم أو غدا سننالها.. فلماذا لا نتحد حولها دون مزايدات وتلاعب؟ فالحقوق الفردية لا يصدح بها إلا الشجعان..
إن التقرير النهائي للجنة الحريّات الفرديّة والمساواة الذي تترأسها النائبة المناضلة بشرى بالحاج حميدة والذي جاء بطلب من رئيس الجمهورية حول بلورة ميثاق الحريات الفردية من خلال تقديم مقترحات تشريعية لإدراج ما تمخضت عنه في ترسانتنا القانونية..
إن حرية الجسد لا تعني أساسا الحرية الجنسية فقط، إنما تعني أساسا حرية الفرد في جسده.. ومن هذا المنطلق ظلّ الجسد رهينا للأحكام الأخلاقية، وللعقوبات المعنوية والمادية، فالجماعة ومن ورائها القوانين العالقة تطمس تلك العلاقات بين الراشدين وتحاكمها..
هذا التقرير يجيب عن العديد من الأسئلة ويرتّب حدود الحريات الجنسية بما فيها العلاقات المثلية، وحتى العلاقات خارج إطار الزواج مادامت علاقات راشدة.. فلا مجال لمحاكمة الفرد لاختياراته الجنسية وقتل جسده معنويا ومجتمعيا و”أخلاقيا”.. وتبقى مهمة الحرية هي أن تجعلنا نتحرر مع ومن أنفسنا أولا..
إن التقرير النهائي للجنة الحريّات الفرديّة والمساواة وضع النقاط على تلك الحروف التي تركتها بعض فصول الدستور عارية من الحسم في صياغة لغوية مبهمة متضاربة تأخذ من كل شيء بطرف، تُرضي هذا وذاك وتنفتح على كل التناقضات الممكنة، إن التقرير النهائي أجاب قطعيا عن التأويلات التي وردت في: “الدولة راعية للدين ، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية ، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي .تلتزم الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبحماية المقدسات ومنع النيل منها ،كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف والتصدي لها».
هنالك من انسلخ عن الدين الإسلامي عن قرار يعود لهم واعتنقوا ديانات أخرى وهنالك من لا يؤمن بأي دين أو معتقد مهما كان وصفه أو توصيفه أو نعته أو منعوتة.. فما يتبعه الناس لا حصر له من ملل أو نحل.. هذا التقرير حسم وانحاز لخيار حضاري استراتيجي هو ضمان حرية المعتقد والضمير دون خوف أو رعب من جماعة “موش وقتو” وكل الجماعات الأخرى وضرب بمقولة لا يجوع الذئب ولا يشتكي الراعي عرض الحائط..
كما قيل فإن الحرية هي نتاج النظام، هذا التقرير لبنة أولى من لبنات النظام والسلم الاجتماعي والنفسي وحتى الإستراتيجي، وكما أنّ ثمن الحرية هو اليقظة الدائمة، فلا بدّ لنا أن لا ننام أمام حقوقنا الكونية.
هذه معركتنا الحقيقية وسنخوضها متحدين رغم اختلافاتنا.. سنربحها لأن التاريخ لا يرجع بمسار عكسي ولان الثورة توق إلى الأمام لا تراجع إننا نطلب التقدم لا الارتداد ونطمح إلى الكونية واحترام الإنسان حتى نكون في مستوى التقدم والتحديث.
*إعلامية
شارك رأيك