بقلم أحمد الحباسي
الساحة السياسية التونسية لا تعدو اليوم أن تكون جوقة كلاب تنبح تحت قبة البرلمان وفي وسائل الإعلام تكشف لنا عن غبائها و بؤسها الفكري وضحالة عمالتها للقوى الأجنبية فيما تتعمق الأزمة في البلاد و يتوغل الإسلاميون في مفاصل الدولة والمجتمع.
فى سكون الليل ربما نسمع نباح الكلاب وفي الهزيع الأخير من الليل يكون صوت نباح الكلاب مثيرا للتساؤل والريبة لأن ذلك النباح وفى تلك الفترة تجعل البعض يصدق أن حدثا جللا بصدد الحدوث فيخرج الفلاح لتفقد مواشيه وأملاكه خوفا من “زوار الليل”، لكن ربما يطول النباح و لا ينتهى فيصاب المرء السهد ولا يجد سببا لهذا النباح فيلعن الليل والكلاب.
هذا ما يحدث اليوم فى الجنوب وفى بعض الجهات من الجمهورية، خاصة وأن النباح هذه المرة قد علا وتواتر واستمر وتضاعف منذ أن تم الإعلان على احداث لجنة برلمانية مهمتها تقصي الحقائق حول شبكات تسفير الإرهابيين التونسيين من تونس إلى سوريا.
من يخاف تقصى الحقائق جول تسفير الشباب التونسي إلى سوريا
طبعا علا النباح من بعض المنتمين لحركة النهضة ومن والاهم من المشبوه فيهم بتسفير هؤلاء الإرهابيين إلى سوريا لمساندة تنفيذ المؤامرة على الشام بعلة البحث عن الحرية للشعب السوري، فزيارة الوفد البرلماني التونسى إلى سوريا منذ فترة و مقابلة الرئيس بشار الأسد وبعض مساعديه والإطلاع على عدة خفايا مهمة حول شبكات التسفير وما تملكه أجهزة المخابرات السورية فى علاقة بهذا الملف الشائك يظهر أنه أقلق وأربك جماعة النهضة وجعلهم يصعدون لغة الخطاب بحيث خرجت النائبة يمينة الزغلامي مهددة بأنها تملك ملفات وأن فتح ملف شبكات التسفير سيجعلها تفتح هذه الملفات وعلى النهضة وعلى أعدائها.
ربما تابع الكثيرون حملة النباح القذرة التي رافقت إقالة وزير الداخلية السابق لطفي ابراهم، حملة متواصلة لضرب مؤسسة الحرس الوطني كعنوان لصموده ضد المجموعات الإرهابية بالتوازي مع صمود قطاعات أخرى من الجيش وفرق الأمن المختصة في مقاومة الإرهاب.
يعنى أن الوزير المقال كان يتعرض لحملة إقصاء دبرتها حركة النهضة منذ أن كان آمرا للحرس الوطني، وهذه الحملة المدبرة من طرف مرشد الإخوان نفسه راشد الغنوشى بالاشتراك مع بعض القياديين الآخرين المنتمين لشق الصقور كما كشف القيادي السابق في الحركة صابر الحمرونى المشارك في عملية باب سويقة الشهيرة في تصريح مثير لإحدى القنوات التونسية.
هذا يجرنا إلى سؤال منطقي يقول : من دفع بالصحفي الفرنسي نيكولا بو إلى واجهة الأحداث ومن مول تلك الافتراءات والأراجيف التي أطلقها الصحفي العميل للمخابرات الفرنسية والقطرية و لماذا “ذابت” لجنة “تقصى الحقائق” التي وعدنا بها وزير النهضة للعدل غازي الجريبي ووزير الداخلية بالنيابة، هل شارك رئيس الحكومة في مؤامرة الإطاحة بوزير الداخلية لضرب عصافير بحجر واحد ومن بين تلك العصافير التخلص من غريم محتمل في الإنتخابات الرئاسية التي يطمح الشاهد في دخولها بمباركة مستترة من زعيم الإخوان صاحب ربطة العنق الزرقاء.
هذا الفشل المدوي للباجي قايد السبسي
سقطت حركة نداء تونس لما اعتلى “ولد الباجى” سدة اللجنة التنفيذية، تشظى الحزب إلى كيانات ورموز ونالت منه حملات المد والجزر القذرة والمحمومة التي تلت مؤتمر الحمامات الشهير.
ربما لم يتدخل رئيس الدولة للجم طموحات ابنه المتصاعدة وربما كان الرئيس مقيدا بإرهاصات تحالف النكبة مع حركة النكبة و ربما تلهى الرئيس بتبعات فشل رئيس حكومته المعين يوسف الشاهد في إدارة البلاد وترك الحبل إلى اتحاد النقابات الضالعة في الفساد إلى أعينها ليعيث في مستقبل البلاد فسادا، لكن الثابت أن الرئيس قد فشل فشلا ذريعا في لم الشمل وإعادة الحياة إلى حركة نداء تونس وكانت “باكورة” ارتدادات هذا الفشل المدوي سقوط الحزب المهين في انتخابات ألمانيا ثم في الإنتخابات البلدية الأخيرة واكتساح حركة النهضة لأهم موقع في خريطة البلديات وهي بلدية تونس بما تعنيه هذه البلدية وهذا الموقع من رمزية تاريخية.
يعانى حزب الرئيس منذ فترة من حالة إسهال لغوى وجرعات زائدة من اللغو السياسي على يد مجموعة ممن يسمون أنفسهم بالمؤسسين مع أن من يتابع أفكارهم وخطبهم وتصريحاتهم الإعلامية يدرك حالة الإفلاس السياسي التي تجعلهم أضحوكة المتابعين نظرا لضحالة الأفكار المطروحة وسطحيتها الواضحة وعدم امتلاكهم لأدوات الخطاب السياسي فضلا على أن الجميع يعلمون أن هؤلاء ما كانوا ليحتلوا موقعا في الحزب لولا وجود الرئيس على رأسه وأن هؤلاء “الغشاشر” مثل رضا بلحاج و الأزهر العكرمى والأستاذ عبد الستار المسعودي وعبد العزيز القطي لا يمكن أن يشكلوا يوما واجهة حزبية يعتمد عليها لتسيير البلاد، في نهاية الأمر ينطبق على هذه الأسماء الفاشلة المثل الشهير “تسمع جعجعة و لا ترى طحينا”.
دور الجبهة الشعبية في إعادة الروح لحركة النهضة
سقط موقع رئاسة بلدية تونس في يد احد أخطر نساء حركة النهضة سعاد عبد الرحيم، سقطت مواقع أخرى مهمة في يد الحركة نفسها، وفي قراءة أولية لما حصل هناك شعور عام بخيانة قذرة ارتكبتها الجبهة الشعبية بوجه أخص وبعض الأحزاب والشخصيات السياسية الأخرى بصفة أعم.
ما يطرحه الملاحظون اليوم أن الجبهة الشعبية قد خانت الثورة خيانة عظمى وكان لها دور فاعل في إعادة الروح لحركة النهضة بعد سقوطها المدوي اغتيال الشهيدين شكري بلعيد والحاج محمد البراهمى واعتصام الرحيل بباردو.
لقد رفضت الجبهة اليد التي بسطها رئيس الدولة لقيادة الجبهة للدخول في الحكم وبهذا القرار التاريخي الخاطئ الذي يضاف إلى قرارات وأفكار وأطروحات خاطئة أخرى ندد بها النائب المنجى الرحوي منتقدا حمة الهمامى مباشرة داعيا إياه إلى الإستقالة ومغادرة الركح السياسي لفشله في كيفية التعامل مع الأحداث السياسية وبالذات العرض السخي للرئيس المنتخب آنذاك الباجي قائد السبسي تكون الحركة قد ساهمت مباشرة في اغتصاب إرادة ناخبي النداء لإجباره على التحالف مع حركة تكفيرية مشبوهة سالت دماء الشهداء من أجل إسقاط مؤامرتها الدنيئة على مستقبل الثورة و مصير تونس.
ما حصل بعد ذلك من تغلغل النهضة في كل مفاصل الدولة يؤكد فشل الجبهة في إدارة الأمور السياسية وافتقارها لقيادة واعية بإمكانها رتق كل عورات مسارها السياسي والاجتماعي.
المرزوقي وحنفية المال النفطي القطري
لا يزال القطري محمد المرزوقي غائبا عن الساحة السياسية منذ هزيمته المرة في الانتخابات الرئيسية واسترجاع حركة النهضة لمخزونها الإنتخابي الذي “اقترضه” الرجل بغاية النجاح في تلك الانتخابات في سابقة لم تعرفها أية انتخابات في العالم، لعل آخر ما ظهر للعموم من نشاط المؤقت السابق هو تلك الحملة البائسة التي أطلقها من خلال قناة الجزيرة في شهادته على العصر حين أخرج كل ما في جعبته من قاموس السب والشتم للشعب التونسي وبطبيعة الحال لم يفوت الفرصة في كشف عورات أصدقاء الأمس من قيادات حركة النهضة و التكتل، اليوم ينفرط عقد تحالف أصدقاء الخراب وينسلخ “البكاي” عدنان منصر احد اكبر المتاجرين بالذمم السياسية يرافقه الوزير المشبوه والمتهم في قضية البنك الفرنسي التونسي سليم بن حميدان وعماد الدايمى و طارق الكحلاوى، انسلاخ وراء انسلاخ، للتأكيد على أن حنفية المال النفطي القطري قد بدأت تشح وأن اللعبة القذرة قد انتهت وأن المقاول القطري لم يعد بحاجة إلى هؤلاء العملاء.
لن نسمع مستقبلا عن كيان هلامي اسمه حراك شعب المواطنين أو مسمى آخر، انتهت جعفريات الطرطور وتفرق اللئام من على مائدة اللئام.
شارك رأيك