أقرت المفوضية الأوروبية، الجمعة الماضية، ثلاثة برامج دعم جديدة متعلقة بالهجرة لفائدة دول شمال إفريقيا، بقيمة إجمالية تزيد عن الـــــ 90 مليون أورو، منها سطر معتبر موجه إلى تونس.
وجاء هذا الدعم بعد الخلاصات التي خرج بها المجلس الأوروبي، المنعقد في الأسبوع الماضي، حيث التزم القادة الأوروبيون بالرفع من الدعم الخاص بطريق الهجرة العابر لوسط البحر الأبيض المتوسط.
ويندرج هذا الدعم في إطار الصندوق الائتماني الاستعجالي للاتحاد الأوروبي من أجل إفريقيا، وسيرفع من قيمة المساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للاجئين والمهاجرين، وستحسن قدرة البلدان الشريكة على إدارة حدودها.
كما يأتي هذا الدعم الجديد بعدما كان قد اقترح الأوروبيون، منذ أيام، إقامة مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على دول شمال إفريقيا؛ وهو الأمر الذي رفضته المملكة المغربية، وبررت ذلك بأن هذا الأمر سيكون له نتائج عكسية.
وسيوجه مبلغ 90.5 مليون أورو للبرنامج المعني بإدارة الحدود في المنطقة المغاربية قيمته 55 مليون أورو، حيث سيدعم الاتحاد الأوروبي جهود المؤسسات الوطنية في تونس و المغرب لإنقاذ الأرواح في عرض البحر وتحسين إدارة الحدود البحرية ومكافحة مهربي الأشخاص النشيطين في المنطقة.
وبفضل 6,5 ملايين أورو، سيعزز الاتحاد الأوروبي مساعدته للمهاجرين من خلال دعم الاستراتيجية الوطنية للهجرة التي أطلقها المغرب عام 2014؛ وهو ما سيسهل حصول “المهاجرين المستضعفين” على الخدمات الأساسية، ويحسن قدرة الجمعيات والمنظمات المحلية على تقديم هذه الخدمات بشكل فعال، وستقوم منظمات المجتمع المدني بتنفيذ هذا البرنامج.
فيما سيوجه جزء من الدعم لحماية اللاجئين والمهاجرين في ليبيا في نقاط النزول ومراكز الاحتجاز والمناطق الصحراوية الجنوبية النائية والأوساط الحضرية، عبر برنامج “المقاربة المندمجة للحماية والمساعدة الاستعجالية للمهاجرين المستضعفين والعالقين في ليبيا” الذي تبلغ قيمته 29 مليون أورو، وسيتم تنفيذه مع المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقالت “فيدريكا فيدريكا موغيريني”، الممثلة العليا للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، إن هذه البرامج الجديدة “ستدعم إدارة تدفقات المهاجرين على نحو إنساني ومستدام، من خلال إنقاذ وحماية أرواح اللاجئين والمهاجرين ومنحهم المساعدة ومكافحة المتاجرين بالأشخاص ومهربيهم”.
وأوضحت المسؤولة الأوروبية أن المقاربة المندمجة التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي “تجمع بين التدخل في عرض البحر والتعاون مع البلدان الشريكة على مستوى طرق الهجرة، وحتى داخل ليبيا وفي منطقة الساحل الإفريقي”.
وقالت موغيريني إن “هذا العمل الجماعي أعطى نتائجه وسيثمر مزيدًا من النتائج إذا تمسكت الدول الأعضاء بالالتزامات التي اتخذتها عند تأسيس الصندوق الائتماني في قمة فاليتا عام 2015”.
وترغب أوروبا، من خلال هذه الشراكة، في مواجهة الهجرة غير الشرعية؛ فقد قال “يوهانس هان”، المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار ومفاوضات التوسع، إن “العمل المشترك مع دول الجنوب سيمكن من مواجهة هذه التحديات لما فيه صالح أوروبا والمهاجرين والبلدان الشريكة”.
كما يسعى الاتحاد الأوروبي، من خلال هذا الدعم المالي الموجه إلى السلطات في دول شمال إفريقيا، إلى تحسين إدارة الحدود وتوفير الحماية والمساعدة المستعجلة للمهاجرين المستضعفين، وفق تعبير المفوضية الأوروبية.
ووُضع الصندوق الائتماني الاستعجالي للاتحاد الأوروبي من أجل إفريقيا عام 2015 للتصدي للأسباب العميقة للهجرة غير النظامية والنزوح القصري، وتبلغ الميزانية المرصودة له إلى حد الآن تبلغ 3,43 مليارات أورو من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وجهات مانحة أخرى.
وبفضل الدعم الذي أضيف اليوم، ستستفيد دول شمال إفريقيا، وعلى رأسها تونس، من 461 مليون أورو موزعة على 19 برنامجاً تستجيب للحاجيات المتعددة في المنطقة وما بعدها.
تونس أبدت رفضها لإقامة مخيمات للمهاجرين غير الشرعيين على أراضيها ثم تراجعت تحت ضغوطات أوروبية
و كانت تونس قد أعلنت رفضها إقامة مخيمات احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين على أراضيها، داعية في نفس الوقت الشركاء الأوروبيين لتنظيم الهجرة بدلًا من سياسة غلق الأبواب و”رفض الآخر”.وقال وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي،إن تونس لا يمكن أن تتحمل مسؤولية تدفق المهاجرين غير الشرعيين على سواحل جنوب أوروبا.
وأوضح الجهيناوي ، في حوار لصحيفة (العرب) اللندنية “نحن في تونس لا نتحمل مسؤولية تدفق المهاجرين غير الشرعيين، على سواحل جنوب أوروبا، ومسؤوليتنا تتعلق فقط بالتونسيين، وما عدا ذلك أمر لا يعنينا وليس من مسؤوليتنا”.وأضاف في تصريحه “نعم نتعاون مع الإيطاليين والأوروبيين أثناء عمليات إنقاذ المهاجرين في عرض البحر، وهذا من منطلق الواجب والقانون الدولي، لكن لا نتحمل المسؤولية”.
وتعمل دول التكتل الأوروبي على إقامة منصات إقليمية لإنزال المهاجرين خارج أوروبا وتخصيص موازنة لمحاربة الهجرة غير القانونية وتعزيز التعاون مع دول المنشأ والعبور.لكن دول جنوب المتوسط ومن بينها تونس، ترفض بشكل قطعي فكرة إقامة مخيمات احتجاز للمهاجرين غير الشرعيين على أراضيها.وقال الجهيناوي إن تونس ترفض فكرة “منصات إنزال المهاجرين غير الشرعيين، أو إقامة مخيمات احتجاز على أراضيها”.
وتابع الوزير التونسي “مثل هذه الفكرة لن تحل المشكلة، ذلك أنها تقوم على ترحيل أو نقل المشكلة من البحر إلى الأرض”، داعيا بدل ذلك إلى “تسهيل وترتيب وتنظيم الهجرة عوضًا عن الانغلاق والانعزال ورفض الآخر”.
وتونس شريك مهم للاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير الشرعية في حوض المتوسط انطلاقًا من سواحلها، لكنها تطالب في نفس الوقت بالمزيد من الدعم لتعزيز فرص الشباب العاطل في الحصول على فرص عمل.وقال الجهيناوي “لقد قلنا للأصدقاء الأوروبيين إنه عوضا عن مكافحة الهجرة في البحر، كان لا بد من العمل من أجل خلق مواطن شغل لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين الذين تدفعهم أوضاعهم الاجتماعية إلى المغامرة بحياتهم في البحر”.
وغرق أكثر من 80 مهاجراً غير شرعي على سواحل جزيرة قرقنة التونسية في الثالث من شهر جوان الماضي بعد غرق مركبهم وقبلها غرق 46 آخرين في حادث مشابه في أكتوبر الماضي.وأشعلت الكارثتان غضبًا شعبيًا في تونس بسبب تعطل مشاريع التنمية وتفشي البطالة في صفوف الشباب ما دفع الكثير منهم للمغامرة بحياتهم في البحر للوصول للسواحل الأوروبية.
ليبيا هي الأخرى رفضت إقامة مخيمات للاجئين على أراضيها قبل أن تتراجع
رفضت حكومة الوفاق الليبية اقتراحًا إيطاليًا بشأن إقامة مخيمات استقبال للاجئين على حدود البلاد الجنوبية.وقال نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبي، أحمد معيتيق، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الداخلية ونائب رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو سالفيني في طرابلس أمس: “نتفق مع أوروبا في ما يتعلق بمسألة الهجرة. لكننا نرفض بشكل قاطع إقامة أي مخيمات للمهاجرين في أراضي ليبيا”.
ومن جانبه، كتب سالفيني في تغريدة له بعد المحادثات مع المسؤولين الليبيين: “لقد اقترحنا إقامة مراكز استقبال عند الحدود الجنوبية لليبيا، لتفادي تحويل الدولة إلى عنق زجاجة (لتدفق المهاجرين) مثل إيطاليا”.
ويعرف سالفيني الذي يمثل في الحكومة الإيطالية الجديدة تيارا من اليمين المتطرف، بمواقفه المتشددة من المهاجرين. وأعلن أن بلاده لن تسمح للاجئين بعد الآن أن يدخلوا أراضيها عبر البحر. كما توعد بطرد نصف مليون من المهاجرين غير الشرعيين و”غير الطيبين” من البلاد، حسب رأيه.
المغرب وافق على العرض الأوروبي و الجزائر الوحيدة التي أصرت على الرفض
و من ضمن دول الشمال الإفريقي وافق المغرب على المقترح الأوروبي،فيما أبدت الجزائر رفضها المطلق لذلك و بقيت متشبثة بموقفها عكس الدول الأخرى التي تراجعت تحت ضغوطات أوروبية و ربما إغراءات مالية.
15 ألف مهاجر حاولوا الوصول إلى أوروبا عبر المغرب خلال 6 أشهر
كشف مرصد الشمال لحقوق الإنسان، عن محاولة أكثر من 15 ألف مهاجر غير نظامي الوصول إلى أوروبا انطلاقا من شمال المغرب، خلال النصف الأول من السنة الجارية، مشيرا إلى أن أغلب تلك المحاولات تمت عبر “قوارب الموت”.
وأوضح المرصد أن أربعة آلاف مهاجر غير نظامي قاموا بمحاولات الوصول إلى أوروبا خلال الثلاثة أشهر الأولى من السنة الجارية، بينما سجلت المحاولات الباقية خلال الثلاثة أشهر الموالية.
وسجل المصدر من خلال “نشرة دينامية الهجرة” “قيام المهاجرين بأزيد من 400 محاولة للوصول إلى الضفة الأخرى”.
وبخصوص الوسائل المستعملة والطرق المعتمدة في تلك المحاولات، أشار التقرير إلى أن 90 في المائة منها تم عبر ركوب “قوارب الموت”، و5 في المائة عن طريق اقتحام السياجات الحدودية لسبتة ومليلية، في مجموعات صغرى تضم أقل من 300 مهاجر، والتي يقول المرصد إنه قد “تم التصدي لها من طرف حرس الحدود الإسباني والمغربي”.
ورصدت النشرة تصدر حاملي جنسيات دول أفريقيا جنوب الصحراء، إذ يمثلون 82 في المائة من المقدمين على تلك المحاولات، في حين لا تتجاوز نسبة باقي الجنسيات، خاصة من الجزائريين والسوريين، 1 في المائة.
أما عن المهاجرين المغاربة، فيسجل المصدر استمرار ارتفاع عدد هؤلاء من الراغبين في الوصول إلى أوروبا، حيث يمثلون نسبة 17 في المائة.
هذا ويشير المرصد إلى أنه من المنتظر “استمرار ضغط المهاجرين غير النظاميين الراغبين في الوصول إلى أوروبا انطلاقًا من المغرب خلال الفترة المقبلة خصوصًا عن طريق استعمال قوارب الموت”، مرجعا هذا الأمر إلى عدة عوامل من بينها “تحسن الأحوال الجوية بالبحر الأبيض المتوسط”، و”صعوبة ضبط الحدود البحرية خلال هذه الفترة”.
من الجزائر:عمّــــــار قــــــردود
شارك رأيك