بين الحملات التي استهدفت رئيس الدولة بخصوص فشل ابنه في تسيير حزب نداء تونس والتشكيك في خبرة السيد لطفي براهم والإجهاز على مسيرته وتاريخه هناك لغو كثير و تجني على هذه البلاد و رجالاتها.
بقلم أحمد الحباسي
كررنا دائما انه مع الوطن ومصلحة الوطن لا شيء يدفعنا إلى الصمت و المواربة. نكرر اليوم مجددا وأمام ما نشاهده و نسمعه أنه لا يمكن أن نكون شهاد زور على أهم فترة مستعصية صعبة تعيشها البلاد و يعانيها الشعب المسكين. نقولها بمنتهى الإختزال و الصراحة أن هذا القلم لن يكون مع أحد نشتم منه رائحة خيانة الوطن أو بيع الضمير أو الإستنجاد بقوى خارجية و نجدد القول اليوم أنه ليس متاحا أن نصمت باسم البراغماتية و المسايسة و غطى عين الشمس بالغربال و”بربي نقص شوى من النقد لفلان” بل نعلن صراحة أن كأس الصبر قد فاض وأن القلم إذا فقد مصداقيته فمآله زبالة التاريخ و بالتالي فنحن ننقد و ننتقد من باب مصلحة الوطن ولن نكون الحطب الذي يشعل الأزمات أو يعمق الانقسامات.
معركة على الحكم و ليست معركة الشعب
بهذا المعنى من حقنا المجاهرة بأن ما يحدث بالذات في الساعات الأخيرة من نقاشات ومداخلات وتحاليل حول خطاب الرئيس بعد ساعات أو حول كيفية وأسباب إقالة وزيري الداخلية السابقين الهادي المجدوب ولطفي براهم أو ما حدث في اجتماع الرئيس ببعض نواب حركة نداء تونس أو بالإنقلاب على ابنه إلى آخر القائمة لم يكن إلا مجرد صيد في الماء العكر ومحاولة لتضليل الرأي العام.
الإختلاف رحمة وحرية التعبير مضمونة وتستحق الدفاع عنها ولكن ما نسمعه ونراه و نقرأه مثير للغثيان حقا وهو يدخل في نطاق حملة مغرضة و قليلة الحياء وغير صحية تستهدف موقع الرئيس وموقع الرئاسة ولا تبعد في خفاياها و مضامينها عن بقية الحملات التي استهدفت موقع الرئاسة وهيبة الدولة.
المثير في هذه الحملات التي استهدفت الرئيس أنها جاءت بنا على الطلب وبناء على إذاعة قالوا وتحت ضغط الحاجة الملحة لضرب حزب النداء في عنوانه المتعلق بابن الرئيس بعد أن بلغت الحرب المعلنة بين المدير التنفيذي ورئيس الحكومة مداها حتى وصفها البعض خاصة اثر كلمة السيد يوسف الشاهد التي هاجم فيها ابن الرئيس بالإسم والعنوان بليلة السكاكين الطويلة في تشبيه مرعب يعلمه المؤرخون والمتابعون لما حصل في تلك الليلة الظلماء في عهد الزعيم النازي أدولف هتلر.
في هذه المواجهة المثيرة وفي هذه اللحظات الصعبة التي تمر بها البلاد لا يمكن لعاقل محنك يعمل في مجال السياسة وخبر منزلقاتها وتضاريسها أن يقف مع شق دون آخر لان معركة الطرفين هي معركة على الحكم و ليست معركة الشعب و معركة مصالح الشعب.
الفشل المعلن لإبن الرئيس و انهيار حزب النداء
لا بد من الإقرار اليوم أن وجود ابن الرئيس على رأس حركة النداء لم يعد مطلوبا من فئة كبيرة من أبناء الحزب ولا بد من الإقرار أيضا أن ابن الرئيس يتحمل بمفرده مسؤولية انهيار الحزب في انتخابات ألمانيا وفي الانتخابات البلدية الأخيرة وما سبقها وتبعها من أحداث أكدت تهلهل وهوان هذا الحزب.
هذا الفشل المعلن يعبر بصراحة ودون لف أو دوران عن عدم كفاءة الرجل و قلة بل انعدام خبرته السياسية إضافة إلى عدم قدرته على التفاعل والتعامل مع كل المستجدات و الإرهاصات والإرتدادات التي تعرض إليها الحزب منذ رحيل الأب المؤسس إلى قصر قرطاج.
نحن لسنا بصدد إدانة الرجل و لكن بصدد معاينة الواقع الذي يعيشه الحزب منذ انتصاب ابن الرئيس على رأسه في تعد كبير على منطق الجاذبية السياسية ومنطق انتظر حتى يأتي دورك ومنطق القدرة على اللعب مع الثعابين.
اليوم فقد الحزب “الحاكم” مواقعه و لم يعد قادرا حتى على إبعاد بعض “الذباب” عن وجهه وحين ننتبه إلى أن هذا الحزب قد جاء ليشكل الجهة الرافضة للإسلام السياسي ومشاريع تقسيم هذا الوطن وبيعه بالقطعة لدول الخليج وأن هذه المشاريع الخبيثة التي تنفذها حركة النهضة قد نجحت في ضرب مؤسسات الدولة في غياب وعى ابن الرئيس بهذه المشاكل المهمة وخروجه عن النهج المطلوب فمن المؤكد أنه لا مكان حقيقة لإبن الرئيس في كامل المشهد السياسي.
يجمع المتابعون أن السيد يوسف الشاهد ليس ولم ولن يكون ابن المرحلة، لعل اضطرار الرئيس إلى تعديل الأوتار أكثر من مرة و تدخله المباشر أكثر من مرة في سير العملية السياسية والإقتصادية و معالجته الشخصية لملف نقابة التعليم الذي كاد أن يؤدى إلى حرب أهلية ورضوخ رئيس الحكومة المتزايد لضغوط النقابات لإقالة أهم وانجح وزراء حكومته وهو دليل على عدم وجود حماية شخصية لهؤلاء الوزراء أو ما يعبر عنه بالتضامن الحكومي هي أبسط الدلائل الكثيرة والمتعددة الوجوه على ضعف شخصية القائم على أهم منصب في البلاد.
إن الهجوم اللاذع الذي انتهجه السيد يوسف الشاهد ضد ابن الرئيس قد مثل الحلقة المثيرة التي أكدت للجميع عدم قدرته على ضبط النفس وحسن إدارة شؤون البلاد بل كان هناك من تحدث عن فشل اتصالي حكومي مشيرا إلى فشل طاقم الرجل في تلميع صورته أو على الأقل تجنيبه مثل هذه السقطات السلبية.
الإجهاز على تاريخ لطفي براهم لصالح من؟
من المهم اليوم أن نتساءل كيف بقي في هذه الحكومة شخص فاتر وممل و غير فاعل مثل السيد المهدي بن غربية التي تدور حوله كثير من الشكوك والشبهات والإتهامات المباشرة ويسقط من غربال السيد يوسف الشاهد وزراء اكفاء ناجحون مثل ناجى جلول وسعيد العايدى و لطفي براهم؟
إن محاولة بعض كتاب القطعة و محللي آخر زمن الإجهاز على مسيرة وتاريخ وخبرة السيد لطفي براهم هي محاولات بائسة بكل المقاييس وتخرج من خانة حرية التعبير إلى خانة المس بأعراض الناس ومن يتولى مثل هذا العمل الشائن عليه أن يخجل و يخجل كثيرا لأن ضرب الدف والشطح والردح المهني الإعلامي بأعراض الناس لم يكن ولن يكون يوما سلعة مطلوبة من أحرار و شرفاء هذا البلد.
إن تجريح بعض الأقزام و الموتورين في كفاءة الرجل التي شهد بها العام قبل الخاص لا تنطلي على المتابعين و كان الأحرى بهؤلاء أن يعتبروا من التاريخ وأن لا يرجعوا مجددا إلى ما يسمى “بإعلام العار” و”إعلام المجارى” فهذه الأقلام الراقصة على كل الحبال والتي تريد من المتابع أن يصدق نفاياتها وسمومها لا بد إليها أن تدرك في مثل هذه اللحظات الحاسمة أن وقت النفخ في المزامير وقرع الطبول والرقص مع الذئاب قد ولى و انتهى.
لقد قيل الكثير في كفاءة و نظافة يد الرجل من رئيس الحكومة نفسه ومن وزير الدفاع ومن كثير من الشخصيات المهمة والوازنة في هذا البلد وبالتالي فان شهادة كل ناقص تبقى ناقصة و معدومة الأثر.
لا أدرى صراحة “الرابط” بين عملية التصويب و الإجهاز على تاريخ السيد لطفي براهم و إيقاظ تاريخ سلفه السيد الهادي المجدوب ، لا ادري من أوحى لبعض الأقلام أن تستعيد هذا الماضي لتجد ما تلوكه تحت ألسنتها المشبوهة ومن دفع بهذه الأقلام لتنصب المشانق للسيد لطفي براهم على خلفية أن استعادة الثقة الأمنية قد كان انجازا حصريا و غير مسبوق للوزير السلف السيد الهادي المجدوب.
كان على هؤلاء القوم أن يبنوا آراءهم على معطيات صحيحة وليس على مجرد خواطر مبطنة للشر تجاه الوزير براهم وكان على هؤلاء الأقلام التي مللنا ترهاتها وعبثها بشرف الآخرين أن تمدنا بأسرار لا نعلمها وليس الإكتفاء ببعض العبارات المموهة والفضفاضة بل كان على هؤلاء أن يجيبوا عن السؤال المهم لماذا تمت إقالة الوزير المجدوب وتعويضه وهل أن قبول رئيس الحكومة بتعليمات الرئيس لإقالة الوزير لا يعد دليلا قاطعا على عدم قدرته على إدارة البلاد والإصداع بالرأي الصحيح و معارضة نزوات رئيس الدولة كما تم توصيفها.
ربما لم ينتبه صاحب هذا الرأي المشبوه إلى انه بتصويبه على رئيس الدولة قد أصاب مركز وهيبة و قدرة رئيس الحكومة وهذا ما يعبر عنه بالنيران الصديقة.
شارك رأيك