بقلم أحمد الحباسي
لن نسأل لماذا أو كيف أو لمصلحة من أو من وراء ما يحصل في اليمن من مجازر دموية سعودية على مدار الساعة، ولن ندخل في صراع بيزنطي مع أدعياء الفضيلة وشيوخ الطرق التكفيرية الذين دمرت أفكارهم الوطن العربي من المحيط إلى الخليج بالقول أو بالتساؤل الغبي هل تخلى الله على أهلنا في اليمن، ولماذا لا يعاقب الله حكام السعودية ويرد كيدهم إلى نحرهم.
لكن مشاهد الدماء والقتلى قد فاقت كل الحدود وتحدت كل المشاعر فلم يعد لنا طاقة على مزيد الصمت إزاء مجزرة مرعبة مدبرة من نظام رعاية المصالح الصهيونية في المنطقة العربية، النظام السعودي سيء الصيت.
الموروث الوهابي التكفيري المدمر للأمة العربية
بطبيعة الحال كان من المنتظر أن يصمت المجتمع الدولي على مشاهد الدماء في اليمن، وكان من المنتظر إن يتجاهل مجلس الأمن هذه الجريمة المعلنة ضد الإنسانية أو أن يقف أمامها شبه عاجز، وكان منتظرا أن تصمت المؤسسة الدينية السعودية الفاسدة، هذه المؤسسة الكهنوتية الوهابية التي حولت الدين والإسلام إلى كوميديا سوداء وطقوس وثنية وفتاوى مثيرة للغثيان، لم يرتفع لها صوت يتيم احتجاجا على ارتكاب نظام المافيا السعودي مجزرة ضد شعب شقيق دون مبرر إلا ما يكنه هذا النظام من حقد على الثورات وعلى الشعوب التي تبحث عن التحرر وتنادى بالقطع مع الموروث الوهابي التكفيري المدمر للأمة العربية.
اليوم تعيش أمتنا العربية أسوأ فتراتها الحالكة منذ عصور، فقد تجمع للأسف الشديد السياسي الميت والمثقف الميت والصحفي الميت، بحيث تحولت الساحة العربية إلى مقبرة حزينة للأموات وللضمائر الميتة.
الصمت العربي مريب خاصة في ظل هذا الهجوم الإمبريالي الصهيوني الصليبي الخليجي المتآمر لأن أطفال العرب يقتلون تحت القنابل ويفتك بهم السلاح الصهيوني الأمريكي دون أن يرف جفن لهؤلاء الذين يتشدقون دائما بكونهم ضمير الأمة و نبراسها في لياليها المظلمة.
لا ندرى صراحة هل وصل صوت أزيز الطائرات السعودية التي تخرج جدار الصمت العربي في اليمن لتصيب أطفال اليمن بالموت ومن لم يمت فبالعاهات المستديمة وبالارتجاج العصبي في غياب الأدوية والمضادات الحيوية ومراكز الإيواء الطبي و إجراء العمليات المستعجلة.
ربما أقفلت “طائرات التحالف” التي تنفذ ما يسمى بعاصفة الحزم السعودية الأجواء اليمنية ولكن في اليمن لم يعد هناك شيء مفتوح لأن المرافئ مقفلة والمطارات مقفلة والطرقات مدمرة وكل دور ومؤسسات ممارسة الحياة العادية مقفلة ومدمرة، و الأهم من كل هذا وذاك كل هذه الضمائر العربية المقفلة التي لا تستحي ولا تخجل من صمتها الإجرامي على هذه المأساة المروعة.
لا أحد من غوغاء الشارع السياسي والإعلامي والمجتمعي في بلادي يرفع الصوت استنكارا لما يحدث في هذا البلد الشقيق، ولا احد يصوب أصابع الاتهام الواضحة تجاه هذا النظام الصهيوني السعودي الذي دمر الأمة العربية و لا يزال يخطط لمزيد التدمير حتى نضبت أمواله دون أن يفكر في الكف عن إيذاء هذه الشعوب.
الصمت المريب على الهمجية السعودية الإماراتية
لنسأل السؤال الحارق متى كان الصمت على البشاعة والهمجية والبربرية السعودية الإماراتية مكرمة وموقفا إنسانيا محمودا، هل بحجة واهمة واهية يطبل إليها النظام السعودي الآيل للسقوط بكون شعب اليمن قد استمالته الرياح الإيرانية يمكن أن نقبل أو نصمت على جريمة مرعبة وحالة تصفية جسدية متواصلة يرتكبها نظام السجود للشيطانين الأمريكي والصهيوني، نحن أمام حالة إبادة جماعية و تطهير عرقي يرتكبها نظام فاسد قدرت الإدارة الأمريكية نفسها في تقرير التحقيق حول أحداث 11 سبتمبر 2001 انه نظام يمارس إرهاب الدولة.
مع ذلك يصر هذا النظام انه يخوض حربا في اليمن لمعارضة التمدد الشيعي دون أن يدرك أن المتابعين لا يقتنعون إطلاقا بمثل هذه الرواية “الرسمية” لأن المعلوم أن النظام ما هو إلا أداة صهيونية لتنفيذ مشروع الفوضى الخلاقة الرامي لتدمير وتفتيت الدول العربية.
إن الإصرار على اغتيال الشعب اليمنى وتدمير ما تبقى من بنية تحتية متآكلة في اليمن لا يبرر بمحاولة إرجاع ما يسمى نفاقا “بالشرعية الدستورية” المتمثلة في الرئيس العميل عبد ربه منصور هادي لأن الجميع يعلمون أن هذا الرجل ليس إلا ببغاء كريها يأتمر بأوامر الصهيونية يعيش تحت عباءة أسياده في السعودية والإمارات.
و لعل رهان الدولتين على رجل أفاق مصاص للدماء ومجرد خادم من حاشية ملك السعودية هو إحدى الرهانات الخاسرة الكثيرة للنظام والتي حذرت منها بعض الجهات المتعقلة داخل النظام نفسه مطالبة الملك بإعادة تصويب سياسته الخارجية في سوريا واليمن وفي كامل المنطقة العربية عموما بعد أن بات حرق العلم السعودي ظاهرة معبرة في أكثر من ساحة من ساحات التعبير الشعبية العالمية.
هناك اليوم حالة كراهية غير مسبوقة للنظام السعودي وللسياسة السعودية الخارجية برمتها ولعل انخراط هذا النظام الدموي في مؤامرة تدمير وإسقاط النظام السوري قد خلفت ارتدادات وإرهاصات ستعيش عليها السعودية لأجيال قادمة، ولعل انتصار سوريا وانهيار الجماعات المتطرفة السعودية وعودة الدب الروسي إلى المنطقة سيخلط كثيرا من الأوراق السياسية وسيكون نظام المافيا السعودي أكبر تاجر ضمائر خاسر ستلاحقه لعنات دماء الأبرياء في اليمن.
شارك رأيك