من الجزائر:عمّــــــــار قـــــردود
كشفت مصادر أمنية جزائرية متطابقة لــــ”أنباء تونس” أن مصالح الأمن الجزائرية ألقت القبض بمدينة وهران-غرب البلاد-،خلال الأيام القليلة الماضية،على الجزائري”سليم سيمور” بتهمة التجسس على الجزائر لصالح إسرائيل .
و بحسب ذات المصادر فقد عثرت مصالح الأمن لولاية وهران بحوزة العميل الإسرائيلي أجهزة هواتف تحتوي على صور للقوات البحرية الجزائرية للمرسى الكبير والمنشآت العسكرية و الأمنية الهامة و الحساسة. و يُقيم عميل الموساد الإسرائيلي “سليم سيمور” البالغ من العمر 26 سنة بمدينة وهران و يعمل نادل بفندق “مزغنة” Mazghana.و هو أحد نشطاء و أعضاء حركة تقرير مصير منطقة القبائل “الماك” الإنفصالية التي يتزعمها فرحات مهني.
هذا و في 3 جوان الماضي، دعا زعيم “حركة تقرير مصير منطقة القبائل ـــ الماك” فرحات مهني، من لندن، “الشباب القبائليّ” إلى تشكيل “هيكل إجهاد”، أي بعبارة أخرى إنشاء قوّة مسلّحة تعمل ضدّ أجهزة أمن الدولة الجزائريّة، ما أثار سخطاً عاماً وسلسلة ردود أفعال غاضبة. وحظيت هذه الدعوة، التي قُدمت على أنّها “مرحلة جديدة في مسار تحقيق استقلال منطقة القبائل”، بسيل من التعليقات، شملت نقداً قاسياً حتى من صفوف أنصار القضيّة الأمازيغية الذين اعتبروها غير مسؤولة وخطيرة. لقد انتقلت حركة “الماك” التي تأسست في 2001 على يد مهني (وهو يقيم اليوم في المنفى)، من الدعوة إلى الحكم الذاتيّ الذي يفترض اعترافاً رسميّاً بالدولة الجزائريّة وجزائريّة منطقة القبائل إلى الخيار الاستقلاليّ الذي صارت معه الحركة تعتبر الدولة والأمّة الجزائريّتين “كيانين استعماريّين”.و هناك معلومات تؤكد قيام كوادر من الأجهزة الإسرائيليّة بتدريب شباب قبائليّين، بينهم شابات، بخاصّة في اليونان وقبرص، على القيام بعمليّات خاصّة في الجزائر.
و في أفريل الماضي، قضت محكمة الجنايات الجزائرية بأحكام من بينها عقوبة الإعدام والحبس لمدة 10 سنوات بحق خلية تجسس مكونة من 7 أفراد بتهمة التجسس لصالح الدولة العبرية.
المحكمة الجزائرية أصدرت قرارا بإعدام متهم ليبيري من أصل لبناني، بتهمة التجسس لصالح جهة أجنبية وإنشاء منظمة إجرامية تهدف للمساس بأمن البلاد.كما تمت إدانة المتهمين الآخرين وهم من جنسيات إفريقية مختلفة بالسجن 10 أعوام ودفع غرامات.
يذكر أن المتهمين اعتقلوا في عملية لقوات الأمن الجزائرية عام 2015، وبحوزتهم وثائق وأجهزة اتصال، لها علاقة بالتجسس لصالح تل أبيب.ويأتي هذا الحكم ليؤيد حكمًا سابقًا صدر عام 2017 عن تمكن الجزائر من الكشف عن خلية، تقول إنها تابعة للموساد.
و في سنة 2014 باشرت المخابرات الجزائرية عملية بحث واسعة لثقفي أثر 5 جواسيس يعملون لصالح مخابرات الكيان الصهيوني “الموساد” بالجزائر. و أن هؤلاء العملاء دخلوا الجزائر بطريقة قانونية على أساس أنهم رجال أعمال لبنانيون وسوريين ويريدون الاستثمار في السوق الجزائري، حيث قاموا بالعديد من الرحلات الجوية نحو الجزائر العاصمة على أساس أخذ فكرة عن السوق الجزائري، ولكن في واقع الأمر كانت لديهم مهام محددة تتمثل في الحصول على معلومات حساسة حول الوضع في البلاد، وهي الألعوبة التي تفطنت لها الجهات الأمنية الجزائرية . يشار إلى أن هذه المرة ليست الأولى التي يكشف فيها عن وجود عملاء لــــ”الموساد” في الجزائر، حيث سبق وكشف “هاكر” جزائري عن استغلال جهاز المخابرات المذكور للبطالين الجزائريين ومواقع التواصل الاجتماعي لغرس سمومها في الجزائر، لإشعال شرارة الربيع العربي في الجزائر.
ألبيرتو فاجيلو جاسوس الموساد الذي حاول إختراق تنظيم القاعدة من الجزائر
في سنة 2010 كشفت الصحافة الإسرائيلية عن الإسم الكامل لجاسوس الموساد الموفد إلى الجزائر، والذي جرى توقيفه من طرف مصالح الأمن الجزائرية، بعد دخوله التراب الجزائري بجواز سفر إسباني، حيث وقعت صحيفة ”هآرتس” الإسرائيلية في خطإ عندما كشفت عن الاسم الكامل لهذا الجاسوس، لتوضح الصحيفة العبرية أن الإسم الكامل للجاسوس الإسرائيلي هو “ألبيرتو فاجيلو”.
ويؤكد سقوط الصحافة الإسرائيلية في الفخ، من خلال كشفها عن الاسم الكامل لجاسوس تل أبيب، أو الهوية الكاملة التي استعملها لدخول الجزائر، صحة المعلومات التي أوردتها مصادر إ‘لامية جزائرية آنذاك بخصوص الجاسوس البيرتو، الذي دخل التراب الجزائري منتصف شهر مارس 2010، أين تم توقيفه بحي 1850 مسكن بحاسي مسعود بورڤلة، متنكرًا بجواز سفر إسباني وجنسية إسبانية مزورين. ونقل متتبعون يشتغلون على الملف؛
أن هذا الأخير تم تكليفه برصد التحركات الإرهابية بمنطقة الساحل الصحراوي، ومحاولة اختراق التنظيم الإرهابي لما يعرف بتنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال الناشطة تحت إمرة المدعو عبد الملك دروكدال ”أبو مصعب عبد الودود”، الذي نقل نشاطه الإجرامي إلى منطقة الساحل، بعد التضييق الأمني الذي فرضته قوات الأمن الجزائرية بالشمال، وأفاد متتبعون في هذا الشأن؛ أن الموساد حاول اختراق التنظيم من أجل الوصول إلى تحركاته ورصد تهديداته للكيان الصهيوني،
ومحاولة شراء ذمم بعض العناصر الإرهابية، من أجل الحصول على معلومات آنية تحصن الكيان الصهيوني من أية محاولة إرهابية، علاوة على محاولة الظفر باتفاق من شأنه تحريك التنظيم الإرهابي حسب متطلبات الكيان الصهيوني، على غرار الإتفاق الذي أبرمه أمير كتيبة الصحراء حمادة عبادو المدعو عبد الحميد أبو زيد، مع المخابرات الفرنسية، نظير مبالغ مالية مغرية، ومن ثمة التوصل إلى تجنيد أكبر عدد ممكن من الإرهابيين، خدمة للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، سعيا لعسكرة منطقة الساحل، وإقامة قاعدة عسكرية ”أفريكوم”، من شأنها تمكين واشنطن من السيطرة على المنطقة والحصول على خيراتها دون أي عناء. وقد خضع الجاسوس الإسرائيلي الذي تفطنت له مصالح الأمن الجزائرية، إلى تحقيق معمق حول ظروف دخوله إلى الجزائر التي لا تربطها أية علاقات تعامل مع الكيان الصهيوني، في الوقت الذي أوفدت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولا عنها، يشتغل لصالح جهاز الإستخبارات الفيدرالي ”أف.بي.آي”، من أجل التفاوض بشأن الإسرائيلي.
الموساد جنّد 3 آلاف عميل في 11 بلدًا عربيًا
شرح الجنرال الصهيوني المعروف “عاموس يدلين” الذي شغل منصب مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة اختصارًا بـ “أمان” في فترة ليست ببعيدة وهي بين 2006 و2010. في شهادة على القناة الإسرائيلية السابعة في 2014 عمليات التجسس الذي قامت يها الأذرع الأمنية الصهيونية، كان من أبرزها كشفه تجنيد ما يفوق 300 بين عميل إسرائيلي و متعاون مغربي انطلاقًا من المغرب، في عملية ضخمة ضد الجزائر لم يحدد أهدافها في الميدان بالضبط، لكنها لا يمكن أن تتم إلا بعلم ودعم من نظام المخزن الذي من المرجح أنه قدم المساعدة لهذه العناصر من أجل الإضرار بالمصالح العليا للجزائر، التي اعترف الجنرال المتقاعد أن مخابرات الكيان الصهيوني فشلت في الدخول إليها من دون مساعدة دولة مجاورة، وهو ما جعلها تجد ضالتها في جارتها الغربية المغرب الأقصى.
وكشف “يدلين” الذي يرأس “معهد أبحاث الأمن القومي” في إسرائيل، إن الموساد تمكن من تجنيد عملاء في 11 بلدًا عربيًا بلغ عددهم 3000 من المرتزقة الذين استغلتهم دولة الاحتلال في القيام بعمليات في دول مثل مصر وتونس وسوريا والسودان واليمن ولبنان والعراق.
أندري أزولاي.. والموساد في المغرب العربي
اتفقت كل المؤلفات التي خصصت لموضوع تغلغل الموساد الإسرائيلي في المنطقة المغاربية عبر البوابة المغربية على شخصية محورية تمثلت في المستشار اليهودي في البلاد الملكي المدعو آندري آزولاي الذي لا يخفي علاقاته الوطيدة بدولة الكيان الصهويني، عبر لقاءاته الكثيرة مع أعلى مسؤوليه.
و لعل أبرز من ركز على دور آزولاي هو الكاتب اليهودي الفرنسي المناهض للحركة الصهيونية “جاكوب كوهن” الذي اعتبر أن المستشار الذي يبلغ من العمر حاليًا 76 سنة يمتلك نفوذًا قويًا داخل النظام المخزني، نظرا لمعايشته زمن كل من الملك الحسن الثاني ونجله محمد السادس، معتبرا أنه يمتلك الأدلة التي تثبت انتماءه إلى منظمة “سينانيم” التابعة للموساد، والتي تعتبر من أكبر الشبكات العالمية التابعة لهذا الجهاز والمنضوي تحتها من العملاء الغير حاملين للجنسية الإسرائيلية، وهي التي تقدم مساعدات للوكالات الإسرائيلية وعلى رأسها الموساد.
هذه العلاقة الوثيقة بين الموساد والنظام المغربي، أكدها كتاب آخر من تأليف يهودي فرنسي آخر يدعى “اغنس بنسيمون”، كشف عن بداية التفاوض بين الكيان الصهيوني والملك المغربي الراحل الحسن الثاني مباشرة بعد وفاة والده الملك محمد الخامس، وكانت أهم قضية تربط بين الطرفين هي في تشجيع هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل مقابل تقديم دعم إلى الملك الجديد ماليا وسياسيا عبر مساعدته على بسط قوته ونفوذه على كل مفاصل الدولة.
“حرب الرمال”.. وحرب الموساد ضد الجزائر
كشف ملف لصحيفة “الأخبار” اللبنانية نشر في شهر سبتمبر 2013، أن جهاز الاستخبارات الصهيوني قدم دعما كبيرا للمغرب الذي نفذ اعتداءا على التراب الوطني عام 1963، مستغلاً حداثة استقلال الجزائر وضعف إمكانياتها على المستوى العسكري، في العملية التي تعرف بـ “حرب الرمال” والتي كان الهدف الصهيوني منها هو ضرب جمال عبد الناصر الذي كان يقود المواجهة العربية ضد التمدد الإسرائيلي في المنطقة، من خلال ضرب الجزائر التي كانت أقرب الأنظمة العربية إلى مصر الناصرية، والعلاقات الكبيرة التي ربطت بين عبد الناصر وأحمد بن بلة.
واعتبر الملف أن تحالفًا وثيقًا ربط بين كل من نظام الحسن الثاني ونظام الشاه في إيران ودولة الكيان الصهيوني، وبصورة خاصة في التعاون العسكري، لبناء قوة ضد حركة المد القومي التي انتشرت في المنطقة العربية ضد إسرائيل والقوى الامبريالية المتحالفة معها، ووصل التعاون الى درجة لعب إسرائيل دورا كبيرا في بناء جدار الفصل العنصري في الصحراء الغربية عام 1975، الذي يبلغ طوله 2600 كيلومتر من أجل الحد من الهجمات التي نفذتها جبهة البوليزاريو ضد الاحتلال المخزني في المنطقة.
وجاءت شهادة الكاتب المصري المعروف حسنين هيكل في كتابه الشهير “كلام في السياسة” في الاتجاه نفسه الذي يؤكد على قوة العلاقة بين العرش المغربي والمخابرات الصهيونية منذ زمن الملك المغربي الراحل الحسن الثاني، الذي قال إنه كان يضع القمم العربية التي كانت تعقد في المغرب تحت مرأى ومسمع من الموساد الذي كان يتجسس على الجلسات المغلقة للقادة العرب في تلك المرحلة الحساسة من الصراع العربي الإسرائيلي. كما أشار هيكل في الكتاب نفسه إلى أن الملك الحسن الثاني كان له دور كبير في نقل مصر من الدول المحاربة للتطبيع مع الكيان الصهيوني إلى صف المطبعين من خلال معاهدة “كامب ديفيد”، حيث لعب دورًا كبيرًا في اختراق الموقف المبدئي للقيادة المصرية ودولة الاحتلال الإسرائيلي التي أقامت له نصبًا تذكاريًا بعد وفاته عام 1999 عرفانًا بالخدمات الكبيرة التي قدمها له طيلة توليه العرش في الرباط.
كما أشارت الكثير من الوثائق التي تعود إلى تلك الحقبة، أن الموساد ساعد الحسن الثاني في النجاة من العديد من المخططات الانقلابية التي استهدفته خصوصا خلال الفترة بين 1960 و1970، عبر تقديم معلومات حول هذه المخططات، وحتى من خلال التدخل المباشر لحماية “كنزها الاستراتيجي” في المغرب العربي الذي تريد الإبقاء عليه مهما كلفها الثمن
شارك رأيك