من الجزائر : عمار قردود
بالرغم من أن زعيم حركة النهضة راشد الغنّوشي إستبعد ،في ماي الماضي، الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة-سنة 2019- في تونس إذا ما قرّر الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي الترشّح لفترة رئاسية ثانية، مؤكّدا أنّه “لا يرى نفسه مرشّحًا ضد السبسي ولا منافسًا له”.
وتابع الغنّوشي في حوار له، الجمعة، مع صحيفة “الشروق” التونسية، أنّ البلاد “ليست في حالة فراغ وأمامها سنتان”، في إشارة إلى الاستحقاق الانتخابي الرئاسي في 2019، لافتًا إلى أنّه سيتمّ التداول في ملف مرشّح “الرئاسية”، داخل هياكل حركة النهضة بعد الانتخابات البلدية.
وأشار الغنّوشي إلى أنّ النظام الداخلي للنهضة يقرّ بأنّ رئيس الحركة هو مرشحها الطبيعي، “ولكن تنزيله في الواقع ليس آليًا، والترشح للرئاسة أمر تتداخل فيه معطيات عديدة منها طبعا ما هو وطني، ولكن هناك أيضا ما هو إقليمي ودولي، تنزيل هذا المبدأ له حسابات الزمان والمكان”، وفق تعبيره.
قلت بالرغم من ذلك فإن زعيم “الإسلاميين” في تونس يطمح للترشح إلى رئاسة تونس،حيث كشف مصدر ديبلوماسي جزائري لــــ”أ،باء تونس” أن الغنوشي طلب لقاء الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لإستشارته للترشح للإنتخابات الرئاسية التونسية في 2019 بإسم حركة “النهضة” لكن رفضه قوبل بالرفض.و قد أجرى سلسلة إتصالات مع مسؤولين جزائريين مقربين من الرئيس بوتفليقة و طلب منهم عرض الموضوع-ترشحه لرئاسيات 2019-على الرئيس الجزائري و إفادته برأيه الحكيم،لكنه لم يتلقى حتى الآن على أي رد.
و تأكيدًا لما انفرد بنشره “ميدل ايست اونلاين” سابقًا، أعلنت حركة “النهضة” أن رئيسها راشد الغنوشي هو مرشحها للانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في نوفمبر 2019 فيما رأى مراقبون أن قيادة رئيس الحركة “الدينية” للبلاد لا تليق بتجربة الدولة “المدنية”.
وكشف عماد الخميري الناطق الرسمي باسم حركة “النهضة”في جوان الماضي، أن راشد الغنوشي “معني بالانتخابات الرئاسية” مشدد على أن “الإمكانية النظرية الوحيدة لترشيح شخص من داخل الحركة هي راشد الغنوشي”.
وقال الخميري ا لإذاعة “الديوان أف أم” المحلية إن الغنوشي “يملك كل الإمكانيات ليكون المرشح الرئيسي للحركة ويكون رئيس الجمهورية”.
ومنذ سنوات، يكرر الغنوشي أنه لن يترشح لأي منصب في مؤسسات الدولة بما فيها رئاسة الجمهورية.
وفسر الخميري تراجع الغنوشي بأن “تغير الظروف السياسية من مقتضياته تغير الآراء والمواقف” وأنه “لا حرج” في تغيير الغنوشي لموقفه واصفا إياه بـ”الهامة السياسية”.
ويبدو أن عزم الغنوشي على الترشح لا يواجه رفضًا من قبل خصومه فقط بل أيضا من قبل عدد من القيادات النهضاوية وفي مقدمتها عبد الحميد الجلاصي الذي كان نافسه على رئاسة النهضة منافسة شديدة خلال مؤتمرها الماضي.
وشدد الجلاصي على أن “ترشح الغنوشي لرئاسة الجمهورية ليس بالأمر الهين ولا بهذه السهولة باعتبار تعقيدات المشهد السياسي وأيضا باعتبار موقف مؤسسات الحركة”.
ويرى مراقبون أن الغنوشي بدأ التخطيط للترشح للرئاسة منذ العام 2014 تاريخ الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي مني فيها منصف المرزوقي مرشح الإسلاميين بهزيمة لم تتوقعها النهضة وفاز فيها الرئيس الباجي قائد السبسي.
وخلال السنوات الثلاث الماضية قاد الغنوشي جهودًا في الداخل وفي الخارج للترويج لنفسه على أنه شخصية سياسية مؤثرة بل نافذة في المشهد السياسي التونسي محاولا رسم صورة رجل الدولة القادر على قيادة البلاد.
ولم تقتصر تلك الجهود على محاولة تلميع صورته لدى التونسيين بل تجاوزتها إلى خارج تونس إذ أدى العديد من الزيارات إلى عدد من البلدان العربية والأجنبية على رأسهم الجزائر.
وأثارت تلك الزيارات جدلاً في الأوساط السياسية لكونها أشرت الى أن الغنوشي يقود دبلوماسية موازية لدبلوماسية الدولة خاصة وأنه اغتنمها ليتحدث كما لو أنه رئيس دولة.
وعلى الرغم من أن الغنوشي يصفه بعض التونسيين بأنه “الحاكم الفعلي” فإن صورته ما انفكت تهتز داخل النهضة وخارجها على وقع خطابه السياسي الممزوج والعنيف وأيضا على وقع تحركات كانت في غالب الأحيان تتم بشكل مريب.
ومن أخطر تلك التحركات اللقاءات والاتصالات بسفراء عدد من البلدان الأجنبية في تونس وفي مقدمتها سفراء الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.
ويبدو، كما يذهب إلى ذلك محللون سياسيون، أن الغنوشي حصل على الضوء الأخضر من قبل تلك البلدان إضافة إلى الجزائر حيث يرتبط بعلاقة وثيقة مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وفي أحدث عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة “أمرود كونسلتينغ” نشرت نتائجها شهر جوان الماضي قال 1.4 بالمئة من التونسيين إن الغنوشي قادر على قيادة البلاد.
وأظهرت عملية أخرى لسبر الآراء أجرتها مؤسسة “سيغما كونساي” خلال الأشهر الماضية أن 73 بالمئة من التونسيين يرفضون أن تحكم البلاد حكومة إسلامية.
وعلى الرغم من ذلك يسعى الغنوشي إلى إقناع التونسيين بأنه يمتلك من المؤهلات ما يمكنه من تولي منصب رئاسة الجمهورية وإلى إقناعهم بأنه يمثل أحد قادة ما يسميه بـ”الإسلام الديمقراطي” مقابل إسلام “داعش”.
وتظهر قراءات أن الغنوشي استفاد كثيرا من حالة التشتت التي تعيشها القوى العلمانية الديمقراطية ومن حالة الفراغ السياسي ويستثمرها في تحقيق حلم رئاسة الجمهورية.
شارك رأيك