الثورة التونسية تذبل و تموت يوما بعد يوم بسم زعاف قاتل اسمه حركة النهضة… والشعب التونسي يصحو على صدمة و كارثة كل يوم… لك الله يا وطني… لك الله يا وطني.
بقلم أحمد الحباسي
لعل الجميع في المشرق والمغرب لا يعرفون حقيقة حركة النهضة التي حكمت ولا تزال تحكم تونس بعد الثورة ولعل هناك من يتابع الحراك التونسي عن بعد ويتصور أن هذا الحزب له علاقة بالثورة أو بمشاكل الشعب التونسي وأن وجوده اليوم في الحكم هو نتاج طبيعي لحركة التاريخ والنضال الذي يزعم هذا المكون الحزبي أنه خاضه ضد ما يسمى بالإستبداد البورقيبى والفساد النوفمبري نسبة ليوم 7 نوفمبر 1987 لما أغتصب بن على الحكم من الرئيس الشرعي الحبيب بورقيبة تحت جنح الظلام وبإعانة من بعض الخونة الذين نكثوا كل عهود الولاء للجمهورية.
الإسلامي لا يتعايش إلا مع من يشبهه في التزمت
بالعكس حزب النهضة هو حزب ينتهج العنف والتكفير أسلوبا في التعامل مع الحكم ومع الشعب ولا علاقة له بالدولة المدنية ولا بالديمقراطية والحرية التي تنشدها الأغلبية الشعبية وتسعى إلى تكريسها عبر صناديق الإقتراع والحراك المدني السلمي.
هذا الحزب أو هذه الميليشيا تدقيقا لا يؤمن بالمؤسسات ولا بالدستور ولا بحرية الإعلام ولا باستقلال القضاء ولا يريد من تونس إلا أن تكون دولة خلافة قروسطية منغلقة على نفسها ومتباعدة ذهنيا عن محيطها ولا تتعايش إلا مع من يشبهها في التقوقع و التزمت…
عندما استمعت منذ ساعات إلى خطاب الرئيس في يوم المرأة و هو يتحدث و يعرف الدولة المدنية و يعيد التركيز على ذلك أعدت السؤال: هل تؤمن هذه الميليشيا الإرهابية أو هل يمكن لميليشيا مارست الإرهاب والعنف مهما كان انضباطها أن تؤمن بالدولة المدنية؟ هل هناك حالة التقاء فكرية بين العنف و مفهوم الدولة المدنية؟ هل يمكن لبن لادن أو البغدادي أو الظواهري أو غيرهم من المرتدين القتلة أن يتعايش فكره مع منظومة الديمقراطية وحرية التعبير وحرية المعتقد والضمير وحرية المرأة وحقوقها الشرعية؟ كيف يمكن لميليشيا تدربت على قطع الرؤوس وتفجير البشر والحجر أن تتحول بقدرة قادر إلى عقل يقبل بالتداول على السلطة وبحق الإختلاف والمعارضة؟ وهل هناك عقل يقبل بأن من حرق الناس أحياء يمكن أن يجتاز امتحان الديمقراطية بسلام؟
في كلمة، النهضة هي النهضة والميليشيا الدموية هي الميليشيا الدموية.
هل في النهضة مناضلون؟ بالطبع هذه أكبر كذبة مهينة للمنطق والتاريخ تنشرها الحركة في وسائل الإعلام وفي كل المناسبات العامة والخاصة لأن النضال تعريفا هو النضال السلمي من أجل الفكرة والمبدأ المجتمعي الذي يهم الأغلبية وليس بعض المتزمتين فكريا والنضال لا يمكن أن يكون بالعنف والتطرف من مجموعة معينة ضد مجموعة أخرى من نفس الشعب ولا بالعنف والتطرف من مجموعة أقلية متعصبة ضد النظام المنتخب الحاكم الذي يمثل الأغلبية والنضال أخيرا يجب أن يكون حاملا لكافة الهموم وليس لجزء من الهموم لا تهم إلا فئة مخصصة بالإسم والتعريف.
الإسلاميون ينشرون الفوضى والقتل وثقافة العنف
النهضة تحمل فكرا يسعى للإقصاء و التكفير وهي تحمل الشريعة والدين ما لا تحتمل وما لم يرد فيهما ساعية بذلك إلى إسقاط مفاهيم مستنسخة من الفكر الوهابي الظلامى الذي أنتج كل هذه المجموعات الإرهابية المسلحة المتغطرسة التي تجوب العالم لنشر الفوضى والقتل وثقافة العنف وتوصم عن قصد الإسلام بوصمة الإرهاب والتطرف.
وبهذا المعنى فلا غرابة أن تجد اليوم المئات من أبناء النهضة في سوريا “متسلحين” بفكر وهابي نهضاوى لا يبعد كثيرا عن فكر أدولف هتلر أو فاشية موسولينى قوامه أقتل ولا تفكر… أقتل لتذهب للجنة… مت لتصبح شهيدا…
لا غرابة أن تشاهد قوافلهم الجرارة منذ يومين تحتل الشارع لتنادى بالخلافة السادسة وبضرب الدولة المدنية في مقتل وربما لن ينفع خطاب الرئيس في تغيير عقلية جاهلية مثل عقول ميليشيات النهضة.
يعتبر رفض هذه الميليشيات الدموية التي شاهدتاها و قرآنا معلقاتها “الإشهارية” منذ ساعات فقط الدستور وحرية الإعلام واستقلالية القضاء وحرية الإبداع وغيرها من الحقوق الإنسانية المكرسة في الدول المتقدمة وجها من أوجه الديكتاتورية والإنغلاق الفكري ولذلك فهذه الحركة الرافضة لكل المبادئ والقوانين الوضعية لا يمكن اعتبارها إلا حركة استبدادية منغلقة بعيدة عن الحس المدني لا تصلح للحكم في بلد مثل تونس شهد العالم بتقدمه العلمي والذهني والمجتمعي وبسلوكه الوسطى المتزن المتحضر.
لقد قتلت المجموعات السلفية النهضوية الإرهابية الشهيد لطفى نقض ورفسته تحت أقدامها وعنفته وكسرت ضلوعه بقوالب الأجر الإسمنتية لا لشيء إلا لانتمائه إلى حزب آخر من جملة الأحزاب المتناثرة على الساحة والتي سلطت عليه حركة النهضة ”حكم التكفير” بذريعة انتمائه إلى “الفلول” – هكذا – أستشهد الرجل تحت الأقدام الإرهابية لحكومة وميليشيات النهضة وعلى مرأى ومسمع من أجهزة الأمن التي لم تأتها ”التعليمات” ؟؟؟ من وزير الداخلية المنتمى لنفس الحركة و الفكر السيد على العريض… قتل الرجل بدم بارد وبقصد إجرامي بربري مخيف… ترك الرجل عائلة تزيد عن الخمسة أفراد لمجرد أنه يحمل في ذهنه رأيا معينا مخالفا لقانون ”الخلافة” والفوضى الوهابية الخلاقة… لمجرد أنه يرفض “اعتناق” دين لم تأت به رسل ولا كتب بل جاء به مشعوذون ينتمون إلى” الظواهري الدجال”…
نحن نتذكر كيف اغتصبت بنت تونسية على يد أعوان أمن و مع أن الحدث “عادى” بمفهوم الجريمة في العالم و يقع في أكثر الدول تحضرا فإن ميليشيات الحركة سارعت كعادتها إلى تحميل الضحية المسؤولية وتشويه سمعتها وقلبت الحقيقة للإيحاء بكون الضحية هي من راودت الأعوان وكانت متواجدة في المكان والزمن الخطأ…
هذا هو فكر النهضة وأسلوبها اللاأخلاقي في التعامل مع الشعب و مكوناته… من لم يكن نهضويا بالنسبة لحركة النهضة فمآله العنف والإغتصاب والضرب والقتل والتعذيب والتشويه.
لا تزال الحركة تتمسك بالحكم وتتسبب في الإحتقان الشعبي وفي سقوط الإقتصاد والتعليم والسياحة وغيرها وتسعى بكل السبل إلى اختلاق أسباب للبقاء بعد سقوطها اثر اعتصام باردو الشهير.
تموت الثورة و تذبل يوما بعد يوم بسم زعاف قاتل اسمه حركة النهضة… يصحو الشعب التونسي على صدمة و كارثة كل يوم… لك الله يا وطني… لك الله يا وطني.
شارك رأيك