بقلم محمد فوزي معاوية
الحقيقة ان الاحزاب التونسية التى فتح لها مسار الانتقال الديمقراطي مجال التأثير في مجريات الاحداث لم توفق الى اليوم في بناء قيادات فعلية بكل ما تعنيه كلمة “القيادة” من معنى بوصفها تاليفة لمضمون و مشروع وتماسك لفريق يتميز بقدرات “قيادية” بكل ما تعنيه الكلمة من معان عصرية و متطورة ( الرؤية الصائبة و المؤلفة /القدرة على التجميع و التوحيد /التشاركية الفعلية و العمل الجماعي …) و ذلك بعيدا عن ” الزعاماتيات ” و الأناءات المريضة و المتورمة.
أحزاب بلا قيادات
لقد ثقلت علي أحزابنا م دون أستثناء, القديمة منها و المتقادمة و الجديدة منها و المتجددة ,مهمة بناء قياداتها ووضع آليات عمل تمكن من استمرارية استكمال بناء كيانها كمسا ر يستهدف تحقيق التوازن بين بعدين اساسيين البعد الجماهيري بانفتاحه و صعوبة ادارة مكوناته من جهة و الدور المحوري والمتميز للنخب الفاعلة و القادرة في نفس الوقت على المسك بمقتضيات الواقية السياسية و الطموحات الخاضعة لقابلية الانجاز من جهة أخرى .و ما يستوجبه ذلك من آليات ديمقراطية تضمن في نفس الوقت ثراء الاجتهادات و القدرة على الحسم في ايطار الوحدة و التما سك لتوسيع دائرة التأثير . و طبعا لا يقام ما اشرنا اليه الا وفق ما تفرضه موازين القوى محليا و خارجيا من جهة و الشجاعة الكافية لرفع التحديات واستغلال الثغرات التى قد يفتحها التاريخ لتحقيق القطيعات وانجاز التحولات النوعية من جهة ثانية .
لكن القضية الجوهرية مع ذلك تبقى متعلقة بتمسك هذه النخبة القيادية بالبادئ و بصدق ايمانها بشعبها وبما هو مشترك وباولوية الصالح العام..امام لوبيات اغلبيتها لاتري الا المصلحة الضيقة و خاصة منها السريعة والآنية مهما كانت هذه المصالح مدمرة لاستقرار المجتمع وناسفة لمقومات دولة القانون. و يتخذ التعثر في اقامة النخبة القيادية داخل الاحزاب بعدا هاما لانعكاساته السلبية على اثراء مضمون المشروع الاصلاحي و على جمع القوي الفاعلة حوله ووضع الاستراتجيات و البرامج الكفيلة بتحقيقه على ارض الواقع.والانتقال الفعلي من مرحلة الحفاظ على المكتسبات الى مرحلة توسيعها وتحقيق النقلات النوعية المشودة.
اللوبيات الخانقة للاحزاب
و نحن و الحق يقال نجد صعوبات في تحقيق ذلك لاسباب تارخية و هيكلية لها علاقة بتجربتنا التاريخية و بانغلاق الحياة السياسية لمدة عقود في ايطار حزب الدولة المنفرد بالعمل و المحتكر للحياة السياسية بما جعلها تنحدر الى الجمود و الى فقدان التأثير و الجدوى … , اما الاسباب الظرفية فهي مع الاسف تاتي وتستفعل لتعرقل عملية الانخراط في هذا المسعى وهي تتغذى من الصعوبات القائمة ومن ثقل التحديات المطروحة و من اتساع نطاق الاعتبارات المصلحية الضيقة ولهفة الساعين الى بلوغ السلطة بالاستناد الى لوبيات لاتسعي الا الى خدمة مصالحها الضيقة بعيدا عن كل ايمان بضرورة صيانة المشروع الوطني المشترك ومقتضيات حماية الدولة أو تحقيق النهوض الجماعي كأرضية للارتقاء و تحقيق الطموحات الفردية و الجماعية.
هذاو لقد اتتسع نطاق تأثيرهذه اللوبيات ضمن مفارقات العمل “الديمقراطي التمثيلي “و ما اصبح يفرضه على العمل سياسي من ضرورة الاعتماد على استراتيجيات ” للتواصل ” كضرورة حتمية و شرط اساسي من شروط النجاعة و التأثير على الرأى العام و خاصة على ناخبين تأكدت قابلية تأثرهم بما يقدم و لو كان متناقضا مع الحصيلات الموضوعية المسجلة غير أن المسألة مكلفة تتطلب نفقات مالية هي غير قادرة على توفيرها دون و ضع استقلالية قرارها في الميزان و هي من الاعتبارات التى تشكل اليوم عاملا ملوثا للحياة السياسية و مهددا للتجارب الديمقراطية يفسح المجال من جديد أمام دعاة ضرورة الحزم و القبضة الحديدية . و للمنحى ” البونبارتي ” الذى انتهى الى تحويل نظام الحكم من الجمهورية الى الامبراطورية.
*قيادي في حزب تونس اولا
شارك رأيك