من الجزائر : عمار قردود
شنّ نشطاء تونسيون حملة ضد مؤسسة الأزهر المصرية، على خلفية إعلان أحد علمائها عن مواقف مناهضة لمقترح الرئيس التونسي بإقرار المساواة في الميراث بين المرأة و الرجل.
وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، محمود مهنا، في تصريحات نقلتها جريدة الشروق المصرية، إلى أن “الذي شرع الميراث هو ملك الملوك وهو الله، وبلغنا هذا التشريع الرسول، ولا يجوز لتونس ولا لرئيسها ولا للعالم كله، أن يشرع أو يبتدع في دين الله”.
وأثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا على مواقع “السوشيال ميديا” في تونس، بين من اعتبرها “تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية التونسية”، وبين من يرى فيها “قراءة منطقية لمؤسسة دينية في مثل هذا النوع من القضايا”.
ودعا تونسيون شيوخ الأزهر إلى “الاهتمام بشؤون بلادهم الداخلية، والعمل على القضايا التي تتعلق بالمرأة المصرية”.وأشار آخرون إلى أن تونس تمتلك مؤسسات دينية قادرة على حسم هذا الجدل المجتمعي، غلى غرار الزيتونة.فيما ساند قسم آخر مقترحات المسؤول بمؤسسة الأزهر، في قضية المساواة في الميراث.
و تصادف هذا الجدل القائم و الواقع في تونس بين مظاهرات ومظاهرات مضادة لدعم فكرة المساواة في الميراث أو رفضها و الذي إنتقلت أصداءه إلى كل دول العالم،مع ذكرى ميلاد محمد الخضر حسين الــــ142 و هو أحد مشايخ الأزهر الشريف و بالرغم من ولادته بتونس و تحديدًا بمدينة نفطة يوم 16 أوت 1876 من أصول جزائرية، فأبوه من عائلة “العمري” من قرية “طولقة” بمدينة “بسكرة” الجزائرية، وأمه من “وادي سوف” بالجزائر.،إلا أن هناك نزاع حاد و محتدم بين الجزائر و تونس حول جنسية هذا الإمام الفاضل،فهل هو تونسي أم جزائري أم هو تونسي-جزائري؟ام له جنسية أخرى؟.
لقد تناوب على مشيخة الأزهر الشريف نحو 48 إمامًا بداية من الإمام محمد الخرشى وصولاً إلى الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب، أغلبهم إن لم يكونوا جميعًا من المصريين، لكن هناك عرب أصبحوا فى منصب الإمام الأكبر ليتولوا شؤون الأزهر الشريف، وبالتحديد من الجزائر و تونس وهو الشيخ محمد الخضر حسين الإمام التاسع والثلاثون للأزهر الشريف.
ومحمد الخضر حسين (1876م – 1958) هو عالم دين جزائرى (تونسى المولد)، تولى مشيخة الأزهر من 1952 – 1954، تحل اليوم الذكرى الـ142، على ميلاده إذ ولد في أوت 1876، ورحل عن عمر ناهز 81 عامًا في 28 فيفري من عام 1958. ودفن بجوار صديقه أحمد تيمور باشا بوصية منه بمصر، ونعاه العلامة محمد علي النجار بقوله: “إن الشيخ اجتمع فيه من الفضائل ما لم يجتمع في غيره إلا في النّدْرَى، فقد كان عالما ضليعا بأحوال المجتمع ومراميه، لا يشذ عنه مقاصد الناس ومعاقد شئونهم، حفيظا على العروبة والدين، يردّ ما يوجه إليهما وما يصدر من الأفكار منابذًا لهما، قوي الحجة، حسن الجدال، عف اللسان والقلم …”.
ولد محمد الخضر حسين فى مدينة نفطة بتونس فى 16 أغسطس 1876م، وأصل أسرته من الجزائر، اسمه الأصلى محمد الأخضر بن الحسين بن على بن عمر، فلما جاء إلى مصر حذف “بن” من اسمه على الطريقة المشرقية، وغلب عليه الخضر عوضًا عن الأخضر. ولما بلغ الشيخ سن الثالثة عشرة انتقل إلى تونس مع أسرته ودرس فى جامع الزيتونة وهناك درس على يد خاله محمد المكى بن عزوز الذى كان له شهرة كبيرة بالجامع.
ودرس على يد مشايخ آخرين أبرزهم الشيخ سالم بوحاجب الذى كان من أعمدة الإصلاح فى تونس، درس على يديه صحيح البخاري، وقد تخرج الشيخ فى الزيتونة سنة 1898م، وألقى دروسًا فى الجامع فى فنون مختلفة متطوعًا، وبقى كذلك مع حضور مجالس العلم والأدب المختلفة.
فى أبريل 1904م أنشأ الخضر حسين مجلة “السعادة العظمى”، وهى أول مجلة عربية ظهرت فى تونس، وكانت تصدر كل نصف شهر، ولم يصدر منها سوى 21 عددًا ثم انقطع صدورها، وقد كان الشيخ يكتب أغلب مقالاتها،
بعد ذلك وجهت له تهمة روح العداء للغرب خاصة سلطات الحماية الفرنسية، فأحس الشيخ بأن حياته وحريته فى تونس معرضة للخطر، فسافر إلى إسطنبول بحجة زيارة خاله بها، وبدأ رحلته بمصر ثم دمشق فاسطنبول، وعندما سمع بأن الأحوال هدأت بتونس عاد إليها عن طريق نابولى الإيطالية، لكنه وجد أن الأمر ازداد تعقيدا، فأزمع الهجرة نهائيا و اختار دمشق موطنا ثانيا له، وخلاله رحلته مر بمصر والتقى بمشايخها الكبار الساكنين بها مثل الشيخ طاهر الجزائرى و محمد رشيد رضا و الشيخ محب الدين الخطيب.
محمد الخضر حسين فى مصر
وصل محمد الخضر حسين إلى القاهرة فى سنة 1920م، واشتغل بالبحث وكتابة المقالات، ثم عمل محررًا بالقسم الأدبى بدار الكتب المصرية، واتصل بأعلام النهضة الإسلامية فى مصر وتوثقت علاقته بهم، ثم تجنَّس المصرية، وحصل على شهادة العالمية، وحصل على عضوية هيئة كبار العلماء برسالته “القياس فى اللغة العربية” سنة 1950م).
شيخ الأزهر الشريف
ثم اختير شيخًا للأزهر فى 16 سبتمبر 1952م واستقال فى 7 يناير 1954م)، وذلك احتجاجاً على إلغاء القضاء الشرعى ودمجه فى القضاء المدني.
تقول القصص إنه لما تولى مشيخة الأزهر كتب استقالة غير مؤرَّخة من صورتين، احتفظ بإحداهما فى مكتبه، وأعطى الأخرى للشيخ بسيونى مدير مكتبه، وقال له: “إذا رأيتنى ضعيفًا فى موقف من المواقف فابعث بالصورة التى معك إلى المسئولين نيابةً عني، وهذه مسؤوليتك أمام الله”.
معارك محمد الخضر حسين مع المثقفين
فى عام 1926م أصدر الشيخ على عبد الرزاق كتابه (الإسلام وأصول الحكم” الذى أثار ضجة كبرى فى ذلك الوقت، وكان محمد الخضر حسين ممن تصدوا للرد على الشيخ على عبد الرازق لتفنيد دعاوى الكتاب، وأصدر كتابه: (نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم) فى نفس العام، تتبَّع فيه أبواب كتاب على عبد الرازق، فكان يبدأ بتلخيص الباب، ثم يورد الفقرة التى تعبِّر عن الفكرة موضوع النقد فيفندها.
كذلك كان للخضر حسين موقفا صعبا من كتاب (فى الشعر الجاهلى) للدكتور طه حسين وذلك بتأليف كتاب (نقض كتاب فى الشعر الجاهلي).
وبحسب كتاب “الأزهر..الشيخ والمشيخة” للكاتب الصحفى حلمى النمنم، وزير الثقافة المصري السابق، أن اختيار الخضر حسين شيخا للأزهر الشريف، على خلفية استقالة الشيخ عبد المجيد سليم من المشيخة فى سبتمبر من عام 1952، بعدما رأى أن وجوده غير مرغوب فيه، ولم تشأ
شارك رأيك