من الجزائر : عمّــــــــار قــــردود
كشفت تقارير صحفية و حقوقية عديدة و متطابقة أن هناك عشرات النساء التونسيات العالقات في عدد من بؤر التوتر بكل من سوريا و ليبيا و اليمن بمعية أطفالهن.و أنه من ضمن 105 حالات تم إحصاءها هناك 10 نساء يُعانين من مشاكل صحية خطيرة قد تؤدي إلى الموت المحقق،فيما هناك 42 طفلاً يُعانون من سوء التغذية و عدم تلقيحهم باللقحات الطبية اللازمة.
و كان مرصد الشمال لحقوق الإنسان بالمغرب قد أفاد أن “العديد من النساء من جنسيات مختلفة، من بينهن مغربيات و تونسيات تلقين تهديدات من تنظيم داعش”، مطالبًا الحكومة المغربية بـ”العمل على إرجاع النساء المغربيات وأطفالهن الموجودين في مخيمات اللاجئين بسوريا”.و يتواجد 105 امرأة وطفل في “وضعية نفسية كارثية” بكل من ليبيا و سوريا و العراق و اليمن و تركيا.
و بلغ عدد ملفات الأمهات والأطفال التونسيين العالقين في بؤر التوتر، والتي قامت بها جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، 105 حالات، وفق ما كشفت عنه الكاتبة العامة للجمعية، هدى الجندوبي،مؤخرًا.وأضافت الجندوبي، في ندوة صحافية بتونس العاصمة، أن هذه الملفات الواردة على الجمعية تخص 83 طفلاً و22 أمًا تونسية ما زالوا عالقين في مناطق نزاع مسلح بالخارج، مشيرة إلى أن السلطات الرسمية التونسية لم تبذل الجهود الكافية لاستعادة هؤلاء الأطفال، وفق رأيها.
ويتوزع مجموع هؤلاء الأطفال التونسيين العالقين في مناطق النزاع على ثلاث دول عربية تحديدًا، هي ليبيا، التي توجد فيها نسبة 50 بالمئة من هؤلاء التونسيين، وسوريا، بنسبة 32 بالمئة، في حين لا تتجاوز نسبة الأطفال الموجودين في العراق، وتحديدًا مدينة الموصل، 4 بالمئة، بينما تحتضن مناطق أخرى 7 بالمئة منهم.
وأوضحت الكاتبة العامة لجمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج أن سن 26 بالمئة من بين هؤلاء الأطفال أقل من عامين، و24 بالمئة منهم تتراوح أعمارهم بين عامين وأربع سنوات، بينما أعمار 34 بالمئة منهم هي ما بين 4 و6 سنوات، أما عمر 16 بالمئة منهم فيفوق 6 سنوات.
وأبرزت المتحدثة أن هؤلاء الأطفال، الذين ولد عدد منهم بمناطق النزاع المسلح، هم أبناء لآباء تونسيين تورطوا في الالتحاق بجماعات مسلحة إرهابية، مشيرة إلى أن 28 بالمئة منهم ينحدرون، هم أو عائلاتهم، من إقليم تونس الكبرى، و13 بالمئة من ولايتي سوسة ومدنين، و11 بالمئة منهم أصيلو ولاية قبلي.
ومن جهته، اعتبر رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، محمد إقبال بن رجب، أنه من واجب الدولة التونسية استعادة الأطفال العالقين بالخارج باعتبار أنهم يمثلون ضحايا للإرهاب. ودعا بن رجب إلى الإسراع بإنقاذ النساء والأطفال العالقين بالخارج، وخاصة في مناطق النزاع المسلح، مطالبًا بإحداث لجنة قارة بوزارة الشؤون الخارجية التونسية للبحث في ملفاتهم ومعرفة مصيرهم، ومن ثمة تأهليهم لإدماجهم في المجتمع.
التطرف يتربص بأطفال تونسيين عالقين ببؤر التوتّر
أطلق عدد من الحقوقيون و الناشطون المدنيون و حتى السياسيون و الإعلاميون في تونس صرخة إستغاثة،مُبدين مخاوفهم “المشروعة” من تأزم وضعية الأطفال التونسيين العالقين بمناطق النزاع المسلح و بؤر التوتر في العالم،و حذروا السلطات التونسية العليا من إحتمال تحولهم إلى متطرفين في ظل تواجدهم في مناطق تعتبر “حاضنة للتطرف” و مفرخة للإرهاب.
و لعلى مكّمن الخطورة في ذلك هو إحصاء 83 طفلاً تونسيًا في بؤر التوتر بكل من العراق و سوريا و العراق و اليمن و تركيا و مناطق أخرى من بين 105 حالة،و البقية -أي من ضمن التونسييين العالقين في مناطق النزاع في الخارج-نساء،و بحسب رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج، محمد إقبال بن رجب،فإن “الأغلبية الساحقة من هؤلاء الأطفال موجودون في ليبيا، وقد أحصينا قائمة اسمية تضم 23 طفلاً.تتراوح أعمار هؤلاء الأطفال بين ثلاث وست سنوات، وقد وُلد بعضهم في بؤر التوّتر، على غرار الرقة بسوريا، ومدن ليبية”.
و أوضح بن رجب أن أماكن إقامة هؤلاء التونسيين العالقين “تختلف من منطقة إلى أخرى، ففي ليبيا يوجد نحو 7 أطفال دون آباء أو أمهات، بعد أن قتلوا في معارك هناك، وهم الآن تحت رعاية الهلال الأحمر.و يوجد آخرون يقيمون مع أمهاتهم في المستشفيات والسجون، على غرار سجن معتيقية بليبيا، أو الكلية الحربية بمصراتة.كما توجد بعض الحالات لأطفال يقيمون حاليا بمخيمات عشوائية في سورية، خصوصا في شمال البلاد، ما يفتح المجال لاختطافهم من قبل جماعات مسلحة.وعلى الرغم من وجود بعض الاجتهادات لتعليم هؤلاء الأطفال، فإن إقامتهم داخل وحدات سجنية يحول دون ذلك”.
و يتهم بن رجب الدولة التونسية بتعاملها مع ملف التونسيين العالقين ببؤر التوتّر “بلامبالاة كبرى” و قال أنه “سبق أن استمعت إلينا لجنة التونسيين بالخارج، التابعة للبرلمان، وقدمنا لهم ملفات وشهادات عن وضعيات العالقين بالخارج.كما اجتمعنا بمسؤولين في وزارة الخارجية، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات من شأنها أن تحلحل وضعية هؤلاء، ونحن بصدد الانتظار”.
و أوضح محذرًا “في غياب أية إحاطة من دولتهم، سيُصبح هؤلاء الأطفال مستقبلاً متشددين وسيحملون مشعل عائلاتهم التي انخرطت في أعمال قتالية.الفكر المتطرف يتربص بهؤلاء الأطفال، وإذ لم تقم الدولة التونسية بتأطيرهم والعناية بهم والعمل على إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم، فمن الطبيعي أن يتحولوا في المستقبل إلى أشخاص ناقمين على بلدهم وحاملين للفكر المتشدد ? نحن رأينا كيف تحوّل شبان كبروا في بيئة عادية إلى عناصر على غاية من التطرف، فكيف لا يتحول من تربى في بيئة متشددة إلى متطرف خطير؟”.و طالب بضرورة إعادة إدماج هؤلاء الأطفال في المجتمع التونيسي قائلاً “مقارنة بعملية إدماج الأشخاص كبار السن، أعتقد أن إعادة تأهيل الأطفال الصغار ستكون على غاية من السهولة.فاستئصال هذا الفكر المتشدد من الأطفال سيكون أمرا سهلا، كما يقول المختصون في الطفولة.و يمكننا محو الصور التي شاهدها الأطفال من ذاكرتهم، إذ أن قابلية الطفل لتغيير نمط تفكيره تكون أكبر من قابلية الأشخاص البالغين.إن هؤلاء الأطفال لا ذنب لهم، ولم يتورطوا في أعمال قتالية، والمنطق الإنساني والاجتماعي يفرض على الدولة التحرك من أجل إعادتهم إلى بلادهم والعناية بهم”.
و تُطالب جمعية انقاذ التونسيين العالقين بالخارج الدولة التونسية بالإسراع في إنقاذ الأطفال التونسيين العالقين بالخارج في مناطق الصراع (سوريا، ليبيا، العراق،تركيا…) مع الإحاطة والاهتمام بهم عند العودة الى ارض الوطن.
و إحداث لجنة قارة في وزارة الشؤون الخارجية، مختصة للبحث ومعرفة مصير التونسيين العالقين بالخارج وتضمن التنسيق بين كل الأطراف المتدخلة ولعب دور صمام الأمان الضمان للاستمرارية العمل والبحث.
و العمل على تفعيل الدعوات الصادرة من عدة هياكل مطالبة بتنظيم مؤتمر وطني لمكافحة الارهاب وإعادة تأهيل وإدماج التونسيين العائدين من بؤر التوتر إلى واقع.
مواطنون تونسيّون عالقون في ليبيا يستغيثون
أطلق مواطنون تونسيّون عالقون في ليبيا نداء إلى السلطات التونسيّة عبر موجة إذاعة قفصة لمساعدتهم على العودة إلى أرض الوطن.ويوجد حاليا عدد من المواطنين التونسييّن المقيمين في ليبيا العالقين بمطار بنغازي وأيضا في مقر قنصليّة تونس بالمدينة في ظروف صعبة نتيجة الأوضاع النّاتجة عن الانتفاضة الشعبية التي تشهدتها المدن الليبيّة للإطاحة بنظام معمّر القذّافي.
شارك رأيك