الرئيسية » قنطرة مجردة على الطريق الوطنية 8 تونس – بنزرت الحذر … الحذر

قنطرة مجردة على الطريق الوطنية 8 تونس – بنزرت الحذر … الحذر

 

 

بقلم لطفي الشطي

و أنا أتابع كارثة سقوط جزء مهمّ من جسر جنوة بإيطاليا أو بالأحرى”جسر موراندي”  على آسم المهندس الذي صمّم المنشأة الفنية و أشرف على تشييدها قبل حوالي خمسين عاما، قفز إلى ذهني الجسر المبنيٍّ فوق وادي مجردة على الطريق الوطنية رقم 8 الرابطة بين تونس و بنزرت و تحديدا بين ولايتي أريانة و بنزرت و لو أن موقع الجسر يرجع إداريا بالنظر إلى ولاية بنزرت.

لا نعرف متى شيّدت هذه القنطرة فوق وادي مجردة في طريق حيوية تشهد على مدار العام حركية مرورية كثيفة رغم وجود طريق سيارة حديثة بها أفضل المواصفات، و لكن نعرف أن هذه المنشأة بدأت تظهر عليها علامات الإجهاد و التعب بدليل أن الإدارة العامة للجسور و الطرقات بوزارة التجهيز سارعت على ما أظن سنة 2015، بتكليف مكتب دراسات مختصّ لتقديم حلول لمعضلة انخساف الجسرaffaissement و الانجراف الذي يلحق بقاعدته جرّاء المدّ المائي القوي affouillement و لو أنّها على رأي الخبراء ما تزال في بداياتها باعتبار ان وادي مجردة لم يعد كما في السابق ذلك الوادي الذي يخشى منه اللّهم إلا إذا كانت هناك أمطار غزيرة و فيضانات في الجزائر الشقيقة و مناطق الشمال الغربي.

كيف تبدو الحالة اليوم في قنطرة مجردة؟
خبراء الجسور و الطرقات في وزارة التجهيزو معهم زملائهم من مكتب الدراسات، يبدو أنّهم توصّلوا إلى حلول نظلّ عاجزين عن وصفها أو نعتها طالما أنّنا لسنا من أهل الذكر و لا ندّعي أنّنا نفقه فيها و المعلومة شحيحة في هذا المجال إن لم نقل غائبة.
قبل الوصول إلى الجسر في الاتجاهين تونس – بنزرت و بنزرت– تونس و فوق الجسر نفسه، تمّ تركيز عدد لا يستهان به من مخفّضات السرعة في محاولة لثني أصحاب العربات من المرور بسرعة ثم – و هذا هو الأهم – تركيز لوحات صفراء ضخمة تمنع سواق الشاحنات الثقيلة من استعمال قنطرة مجردة و المرور بدلها عبر المنعرجات (déviations) التي تشير إليها اللوحات بصفة واضحة حتى لا تزيد هذه الشاحنات و ما فوقها من حمولة (آسمنت و حديد و محروقات و غاز و آجر و رخام …) في إنهاك الجسر و التعجيل لا قدّر الله بسقوطه.

كيف يتفاعل مستعملو طريق بنزرت مع الحالة الراهنة؟
ربّنا كما خلقنا و كأنّ شيئا لم يكن .. لا مخفّضات و لا لوحات و لا شيء من هذا حيث يتعمّد أصحاب الشاحنات الثقيلة ليلا و نهارا المرور فوق الجسر غير عابئين بالمخاطر التي قد يجلبونها لأنفسهم و لغيرهم و قد يتسبّبون بعنادهم و قلّة وعيهم و انعدام الضمير لديهم في كارثة و الأدهـى و الأمر أنهم يستعملون الجسر على مرآى من فرق حرس المرور ضاربين عرض الحائط تعليمات السلامة و إشارات المنع…

أمّا و الحالة تلك، لا نظنّ أن الوزير محمد الصالح العرفاوي و والي بنزرت محمد قويدر، و هما من أفضل الكفاءات الوطنية في مجال الهندسة المدنية، ليسا على دراية بتطوّر الموقف و الإحاطة به من حيث الحذر و ضرورة التحرّي لاتخاذ كافة الاحتياطات و الحلول الفنية اللازمة العلاجية و الوقائية لتأمين سلامة هذه القنطرة و بالتالي سلامة العباد و لا ضير أن تصالح السلطات العمومية الرأي العام بالوضعية الحقيقية لهذه المنشأة و اللجوء إن اقتضى الأمر إلى غلقها حتى لا تزداد الأمور سوءا و يتم بالتالي تحويل حركة المرور من و إلى بنزرت عبر اتجاهات و مسالك أخرى وزارة التجهيز و حرس المرور أدرى بها.

 

نخلص ممّا تقدّم إلى أن اليقظة في مثل هذه الحالة مطلوبة و وزير التجهيز مدعو إلى مزيد تفعيل مصلحة مختصّة كان أذن ببعثها صلب الوزارة مباشرة بعد حادث جسر مونبليزير بالعاصمة، عهد إليها بمهمّة تفقّد جميع المنشآت الفنية صغيرة كانت أم كبيرة في البلاد من أجل تعزيز الصيانة و سلامة الجسور على غرار مركب الجسور فوق أودية زرود و مرق الليل بولاية القيروان أو جسر
حلق الوادي – رادس…

*مدير مكتب الاعلام و الاتصال بوزارة التجهيز و الإسكان من 2000-2016

شارك رأيك

Your email address will not be published.

error: لا يمكن نسخ هذا المحتوى.