بقلم أحمد الحباسي
إن كان أغلب الكتاب العرب متحولين ومنافقين وكذابين، فإنّ أسوأهم جميعا الصحفي والكاتب الفلسطيني عبد البارى عطوان حيث أن النفاق والتحول والكذب عنده بلا حدود.
دائما، أعنى بالمثقفين أهل الآداب والعلوم والفنون، وأعنى بالعقول والخيانة من أستعمل مجال اختصاصه ليكون عميلا للصهيونية أو خادما لغير المشروع العربي. وما يعنيني في هذا المجال ليس حرية التعبير أو النقد أو الرأي المخالف، فأهل الثقافة يملكون حصانة في هذا المجال لا يمكن أن تصبح محل جدال أو هجوم، بل الدور المجتمعي لهذه الطبقات في الحراك السياسي و الإجتماعي والثقافي على اعتبار أن المجتمع العربي مستهدف في هذه المجالات بالذات.
النخبة، أو “الإنتلجنسيا” كما يحلو لبعض المغتربين عن اللغة العربية تسميتها، من مهماتها الأساسية تكوين الرأي العام و صياغة المشروع الحضاري للأمة، و هي تقوم بدور المفكر الناصح الدافع للمجتمع حتى يتحول من حالة الإسترخاء الذهني إلى حالة الفعل الإيجابي أو ما يسمى بالمشاركة الفاعلة والفعلية.
في ثقافة و مثقفي “الخيار الصفر”
على هذا الأساس نستغرب تسمية بعض الشاردين عن العروبة، الباحثين عن علاقة مصاهرة مع الفكر الغربي، الدافعين للتخلي عن المقاييس العربية ولباس ثياب الحضارة الغربية، المبشرين التنصيريين الجدد بفكر العولمة والقفز في المجهول، الداعين إلى التطبيع وتناول فنجان شاي مع الأعداء، القابلين بأن تتحول الثقافة العربية إلى معالم أثرية و أطلال، نستغرب فعلا أن يسمى بعض الناس هؤلاء “الغرباء” بالمثقفين، أو يتقبلون أن تكون هذه “الأقراص المنومة” هي طليعة الأمة العربية في حربها التنويرية أو في معاركها لصد عدوان الهجوم الثقافي عليها من أعداء الأمس وبغاة اليوم في الغرب.
بينما تنهمك إسرائيل منذ سنوات في تخريب “المكون” الفلسطيني أرضا وحضارة ومستقيلا وشعبا، وبينما تقتلع وسائل الإعلام ومن ورائها الطبقات المثقفة ومسطرو السياسات الغربية الصهيونية، يوميا، وشيئا فشيئا، جذور الإنسان العربي، وتسعى إلى فسخه من المعادلة الوجودية الفاعلة في المجتمع، تشمر ” القواعد” المثقفة العربية – التي أصبحت معروفة بالإسم والتوصيف، على سواعدها لتقوم بنفس الفعل الضار والمساهمة الفاعلة، عن قصد أو بدونه، في إنهاك عقول الأمة بما سماه أحد الظرفاء العرب “بثقافة الجعجعة بلا طحين”، أو بنشر ثقافة “الخيار الصفر” التي تعنى أنه على العرب القبول طوعا بالمشروع الغربي حتى لا تقبل به كرها، وأن هذا القبول الطوعي هو أكثر الوسائل البراغماتية نفعا لحالة فقدان المناعة التي تصيب الأمة من كثيرة تناولها للعقاقير “الثقافية” المسمومة المعروضة عليها من دكاكين الإعلام العربي المضلل.
في خضم الحديث عن “المثقفين” أود التركيز على نوع محدد من المتحولين الدائمين مع كل ريح تهب على المنطقة العربية، و قد يكون الكاتب عبد الباري عطوان، أقرب الأمثلة الحاضرة إلى الأذهان و أكثرها تعبيرا و توصيفا لحالة التلون السريع المميز لهذه الطبقات المفلسة أخلاقيا التي تشبه في حالات كثيرة جمهرة المتعاونين مع النازية زمن الاحتلال الألماني لفرنسا، أو الاحتلال الفرنسي لدول شمال أفريقيا إلى غير ذلك، فالرجل لم يترك مجالا للوقوف على الحياد أو نصف أو ربع الحياد الذي يطلب من صاحب الرأي، وقف الرجل بشكل علني وصريح ضد سوريا مسقطا عليها كل النعوت والأوصاف التي يستعملها الأبواق إياهم عند كل هجوم موتور على أي زعيم أو دولة عربية.
“المقاول القطري” يحال على التقاعد المبكر
صاحبنا كان مهادنا إلى أبعــد الحدود مع المؤامرة و مع أصحاب المؤامرة وما وراء المؤامرة. كان صريحا بتوصيف ما حدث بكونه ثورة عذراء لم يمسسها بشر ولم تك بغيا. وصف النظام الذي سبق أن وصفه و أمثاله بكل آيات المديح بكل آيات التسخيف والتخوين والتشنيع، إلى حين أن شعر “المقاول” القطري الكبير أنه لم يعد لعبد الباري ما يضيف، فأحيل على التقاعد المبكر كما أحال الأمريكان نفس هذا المقاول القطري على التقاعد المبكر أيضا.
من المؤكد أن عبد الباري قد سار في شوارع لندن مستذكرا “صولاته و جولاته” ضد سوريا. من المؤكد أن تلك النسمات الباردة قد أصابته بشيء من المرارة و الإحباط, لقد خرج عبد الباري من مصنع النفايات المضرة “القدس العربي” عاريا من كل شيء، التاريخ، الجغرافيا، المهنية الإعلامية، الوازع الأخلاقي، القومية العربية، الانتماء للأمة.
ولأن عبد الباري قد رأى في سابق أيامه من سقط ومن أسقطه التاريخ ومن أسقطوه ومن أسقط نفسه، فقد دفعته نفسه الأمارة بالسوء دائما أن يحاول العودة إلى سوريا بجواز سفر مزيف، أو بجواز سفر إعلامى فاقد للصلاحية، مشككا طبعا في قدرة الملايين على الإنتباه إليه في زحمة المتلونين والفارين من وإلى سوريا، لكن جمارك الوجدان السوري والعربي لم تكن غافلة إلى هذا الحد الذي يجعلها لا تقبض على عبد الباري عطوان وهو يكتب “باكورة إنتاجه” لفائدة سوريا بتهمة “الجنسية المزدوجة”.
التلون المتواصل في خطاب عبد الباري
السيد عبد الباري، في غفلته الأخلاقية و المهنية، قد كان يظن أن جنسيته البريطانية تتطلب منه الوقوف مع المشروع الغربي الصهيوني، وجنسيته الفلسطينية تتطلب منه الوقوف أحيانا مع القضية الفلسطينية، لذلك كنا نلمح ذلك التلون المتواصل في خطاب الرجل، وتلك الإزدواجية المقصودة التي يتقنها عندما يخاطب العقل الغربي أو العربي على قنوات التضليل الإعلامي الغربية و العربية.
نشأ السيد عطوان على هذه الازدواجية و أصيب بمرض الإزدواجية حتى جاءت الحرب والمؤامرة القذرة على سوريا، وسوريا لم تكن دولة “عادية” بكل المقاييس فهناك دول يدفع المساند لها أثمانا باهظة و ضغوطا متزايدة مختلفة، لذلك وقفت الزواريب للهارب كما يقال، وأصبحت “القدس العربي” منصة من منصات التوجيه المعنوي والهجوم اللاذع على سوريا، حتى جاء انتصار ” القصير” و ما والاه من انتصارات باهرة ليعيد خلط الأوراق بقوة في المشهد السياسي العربي و العالمي، ويدفع الأمير حمد بن خليفة وعبد الباري عطوان فاتورة “مالحة” لهذا الإنتصار.
ما الذي أجبر عبد الباري عطوان على فعل هذا بأمته، بسوريا، بنفسه، هل هي شهوة البقاء في “السلطة الإعلامية ” التي تجعل الكاتب لا يفكر إلا في نفسه و يطيش يمينا وشمالا دفاعا عن البقاء في كرسي صاحبة الجلالة على حساب إدخال العقول العربية في عنق الزجاجة وفي الأنفاق المظلمة ؟
هل نحن أمام شكل آخر من أشكال الاستبداد بالسلطة على حساب الكرامة والمهنية ؟
و في النهاية هل يعتبر السيد عطوان مثقفا أم مشروع “حاكم إعلامي مستبد” مستعد لكل التنازلات مقابل البقاء في كرسي سلطة “القدس العربي”؟
هل أن سقوط السيد عطوان هو بداية “الربيع العربي الإعلامي “؟
فى علمنا أن أغلب الكتاب العرب متحولون منافقون كذابون رداحون، لكنّ أسوأهم السيد عبد البارى فالنفاق والتحول عنده لا يعرف حدودا وإذا كان الرئيس الامريكى ترامب قد حقق رقما قياسيا فى نسبة خطاب الكذب لديه فان سى عبد البارى يعانى اليوم من انفضاح أمره تماما كما حصل مع محطة “الجزيرة” القطرية بمجرد افتضاح معالم المؤامرة القذرة التى تنفذها دول الخليج ضد سوريا لإسقاط الرئيس الأسد كل ذلك خدمة لأسيادهم الأمريكان و الصهاينة.
مقالات لنفس الكاتب
شارك رأيك