بعد فضائح الساحات السياسية والسينمائية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدنى، ينزل ميدان الإغاثة الطبية الإنسانية هذه المرة “ضيفا” كريها على صفحات الفضائح الإعلامية.
بقلم أحمد الحباسي
الخبر كما يتحدث تحقيق مهم ومثير للقناة البريطانية “بى بى سى” يقول عن تورط منظمة أطباء بلا حدود فى استغلال الحالات الطبية الإنسانية لمقايضة الأدوية والعلاج بممارسة الجنس.
لعل ما خفى عن الإعلام كان أعظم
طبعا هذه الفضيحة أثارت تعاليق و أسالت كثيرا من الحبر، ومن بين التعاليق المثيرة للغثيان والتبرم تعليق الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كى مون ومن شابهه من هؤلاء الذين يريدون الإيحاء بكونهم براء من هذه الجرائم الفظيعة والحال ان ما خفى كان أعظم وما يتسترون عليه لا يقل عن الفضائح الجنسية التى يتستر عليها الفاتيكان.
ما تم كشفه الان يشير الى ان هذه الخروقات غير الإنسانية بالمرة تعد عملة رائجة فى أغلب الدول التى يعمل فيها هؤلاء المجرمون المتلفون بغطاء الإنسانية الكاذبة.
ما ينشر على لسان المتضررات او لنقل بعضهن يثير الغثيان حقا ويجعلنا ندق ناقوس الخطر فى مواجهة صمت الحكام الأفارقة والعرب تحديدا، ونرفع أصابع الإتهام فى وجههم، لأن اجهزة مخابرات هذه الدول لا يمكن أن تكون غافلة عن هذه الجرائم ضد الإنسانية.
لعل ما كشفته فضائح اطباء بلا حدود يعود بالمتابع إلى مناقشة موضوع على غاية من الأهمية، وهو الركائز الأساسية للعمل الإنسانى لهذه المنظمات المشبوهة، ويجرنا إلى طرح السؤال الحارق الذى طالما أبعدناه عن مخيلتنا رغم إصرار الأحداث على وضعه على طاولة النقاش، وهو هل أصبحت هذه المنظمات تقوم بدور الإستعمار الجديد للدول الفقيرة وهل تحولت هذه المنظمات المشبوهة إلى أداة استعمارية تهين كرامة الشعوب العربية والإفريقية تحديدا و هل ان هذه المنظمات تسعى حقيقة لإذابة الشخصية الثقافية فى هذه الدول مستغلة ضعف الإرادة السياسية فيها وهل تمثل هذه المنظمات خطرا على استقلال الدول التى تتواجد فيها تحت يافطة المساعدات الإنسانية بكل عناوينها الطبية والعلمية والإقتصادية والسياسية.
من يدير هذه المنظمات ويمولها من وراء الستار
ربما لا يظهر الرابط بين هذه المنظمات وبين من يديرها ويمولها من وراء الستار، وربما لا تظهر النيات الخبيثة الحقيقية لمثل هذه “الكائنات” المشبوهة و لكن من الواضح ان منظمات الأمم المتحدة ومن بينها صندوق الامم المتحدة للطفولة (أونيساف) او منظمات الإغاثة الدولية قد تورطت فى هذه الجرائم وكشفت حقيقة الدور المكلفة به من طرف أجهزة المخابرات الغربية وبعض عملائها فى الدول العربية و الافريقية.
التمويل والمال هما عصب الحرب فى كل المجالات وفى هذا الإطار فإن هذه المنظمات الإنسانية التى تتناثر فى كل الدول الافريقية والعربية لا تكشف عن مصادر تمويلها سواء من الدول وكل ما تصرح به علنا ليس مقبولا لإقناعنا بسلامة “دفاتر محاسبتها”، ولعل صمت بعض الدول الغربية وبعض المتبرعين الخواص على هذا الأمر هو ما يؤكد أن وراء الأكمة ما وراءها لأن ما كشفته التحقيقات الأخيرة حول فضائح الجلسات الجنسية المتعددة الاطراف والضغوط المسلطة على المرضى لممارسة الجنس مقابل الدواء يضع مشكلة تواجد هذه المنظمات فى هذه الدول المتضررة موضع نقاش فى الرأى العام العالمي ويطرح عدة نقاط استفهام حول دورها الحقيقى و الأهداف الحقيقية التى بعثت من أجلها وهل اصبحت هذه المنظمات تمثل عبئا على السيادة الوطنية المخترقة.
أيضا لا يجب اهمال موضوع لا يقل أهمية وهو موضوع المحاسبة القضائية السريعة والعادلة لهؤلاء المجرمين والتى أصبحت موضع تساؤل من كل المتضررين خاصة أن هذه المنظمات تكتفى برفت أو تحويل المجرم إلى بلد اخر متجاهلة مشاعر المتضررين وفارضة قانون الغاب أو ما يسمى بقانون الإفلات من العقاب.
لعل اكثر المسائل إثارة للغضب والسخرية أن هذه المنظمات لا تزال تعمل بعقلية استعمارية واضحة، فارضة على الشعوب والدول التى تمارس نشاطها المشبوه فيها جملة من القيود القذرة ومن بينها على وجه التحديد إجبارية محاكمة أفرادها خارج الدول التى تمت فيها الإنتهاكات المختلفة، ولذلك كان مثيرا أن تتم محاكمات صورية يتم فيها تبرئة المتهمين رغم ثبوت الإدانة وتعدد الأدلة.
جرائم المنظمات الدولية والإفلات من العقاب
وهو الأمر الذي يثير غضب واحتقان كل الذىن تعرضوا لهذه الإنتهاكات الجسدية ويضع مفهومي العدالة والقصاص نفسهما فى خطر ومحل تساؤلات من كثير من وسائل الإعلام العالمية ومن المتابعين لجرائم هذه المنظمات المشبوهة.
هناك اليوم شعور باستباحة هذه المنظمات الدولية لمشاعر الشعوب واستغلالها للأوضاع الصحية الكارثية فى عدة دول لتحقيق أهدافها غير البريئة، وهناك نوع من الإستعمار الجنسى تتعدد ملامحه المرعبة من خلال عديد الأدلة المجمعة ومن خلال كثير من التقارير الإعلامية ذات المصداقية، لكن المثير هو صمت الأمين العام للأمم المتحدة وإصراره على التقليل من هذه الأحداث باعتبارها أحداثا معزولة، مما يؤكد النيات السيئة لبعض الدول والمخابرات الغربية.
لعل الفضائح الجنسية الأخيرة تكشف مدى تورط بعض الدول والأجهزة فى تمزيق النسيج الإجتماعي للدول الافريقية والعربية باستعمال كل الأدوات الإنسانية والإعلامية والإقتصادية المتاحة ليبقى السؤال متى تتحرك الحكومة التونسية من جانبها لفضح المستور و إعلاء القرار السيادى الوطنى.
مقالات لنفس الكاتب منشورة بأنباء تونس
شارك رأيك