ما من شك ان سلامة البيئة والمحيط تدلّ على مدى تقدّم الدول ووعي شعوبها وما من شكّ أيضا انه لا يمكن للدّول ان تتقدم وللشعوب أن تنهض إلاّ بمحيط سليم لما لهذا الأخير من اهمية في تحقيق التنمية المستدامة وتأثير على رفاهة المواطنين وعلى سلوكهم وصحّتهم.
بقلم الأسعد بوعزي ضابط متقاعد من البحرية الوطنية
ولأن تونس تطمح الى اللحاق بركب الدول المتقدمة، بادرت منذ الأستقلال بسنّ قوانين للمحافظة على البيئة مثل قانون الغابات (1966) وقانون المياه (1975) وقانون التعمير(1979) كما تمّ تدعيم هذه القوانين ببعث أوّل مؤسسة عمومية تعنى بحماية البيئة وهي الوكالة الوطنية لحماية البيئة (1988) لتتوّج كل هذه الجهود ببعث وزارة للبيئة سنة 1991.
ولتدعيم هذه الوزارة، تمّ إحداث على مدى العقدين الماضين وبصفة متتالية العديد من المؤسسات العمومية العاملة في مجال البيئة مثل وكالة حماية وتنمية المناطق الساحلية والمركز الدولي لتكنولوجيا البيئة بتونس وإدارة النفايات والبنك الوطني للجينات وما له من أهمية استراتيجية في ضمان الأمن الغذائي للبلاد.
ومع بداية سنة 2017 تمّ بعث جهاز الشرطة البيئية ليكون حلقة فاعلة صلب هذه الوزارة بما يساعد على بلورة وتنفيذ السياسة البيئية للدولة غير انه ما أن بدأت الفرق الأولى من هذه الشرطة عملها في تونس الكبرى (13 جوان 2017) حتى قوبلت بنقد لاذع من طرف المواطن وبعض الوسائل الإعلامية المكتوبة منها والمسموعة والمرئية كما لاقت صعوبات وعراقيل في تنفيذ مهامها لأسباب شتّى وهو ما يجعلنا نتساءل عن سبب هذه الإنتقادات ما سوف يقودنا حتما الى التقدّم بمقترح من شأنه ان يساعد على ضمان النجاعة والنجاح لهذا الجهاز الذي يعدّ من أبرز مؤسسات الدولة ولعلّه مرشّحا بأن يكون من أهمها على الإطلاق لو تمّ توجيه مساره الى المسار الصحيح.
1) ما سبب الانتقادات الموجهة الى جهاز الشرطة البيئية؟
إن السّبب الرئيسي لهذه الانتقادات يتمثل في غياب نصّ تشريعي يضبط اهداف هذا الجهاز وهيكلته والوسائل الموضوعة على ذمته لأداء مهامه وكذلك غياب قانون أساسي لهذا السلك يضمن له حقوقه ويوضّح واجباته ويسطّر العلاقة بين مختلف مكوّناته.
إن المتمعّن في تشريعات الوزارة لا يجد فيها ما يشير الى بعث جهاز الشرطة البيئية ما عدا تلميحا يكاد يكون مبطّنا لوجوده حيث تمّت مراجعة الفصل الثالث من القانون عدد 30 لسنة 2016 المؤرخ في 5 أفريل 2016 والمتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 59 لسنة 2006 ليضاف اليه طرفا رابعا يعنى بمعاينة المخالفات والجنح لتراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة لتصبح صيغته على النحو التالي:
الفصل 3 (جديد) : تقع معاينة المخالفات والجنح لتراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة من قبل:
1- مأموري الضابطة العدلية المشار إليهم بالعددين 3 و4 من الفصل 10 من مجلة الإجراءات الجزائية.
2- أعوان الشرطة والحرس البلديين من الصنفين “أ” و”ب”
3- أعوان الجماعات المحلية المحلفين والمؤهلين للغرض.
4- الأعوان المحلفين والمؤهلين للغرض الراجعين بالنظر للوزارة المكلفة بالبيئة والمؤسسات الخاضعة لإشرافها.
هذا، وتجدر الإشارة الى ان وزير البيئة والجماعات المحلية كان قد عقد مؤتمرا صحفيا بحضور رئيس الحكومة مع بداية عمل الشرطة البيئية (13 جوان2017) اوضح فيه ان هذا الجهاز الجديد الذي تمّ تأجيل إطلاقه أكثر من مرّة في جانفي 2017 ثمّ في مارس وماي، سيبدأ بشهر “عمليات بيضاء” تشمل حملات توعية وتحسيس في مجال حفظ الصحّة والنظافة العامّة قبل الشروع في رفع المخالفات الترتيبية بداية من 15 جويلية من نفس السنة (2017). ويتمثّل دور الجهاز الجديد حسب تصريحات السيد الوزير في تفعيل القانون عدد 30 لسنة 2016 وردع كلّ مخالفي تراتيب الصحّة والنظافة العامّة، والتوعية والتحسيس بالآليات اللازمة للحدّ من ظاهرة التلوّث وانتشار الفضلات في مختلف البلديات.
مثل هذا الغموض في رسم الأهداف المرجوّة من هذا السلك وتحديد المهام الموكولة اليه تسبب في استهداف جهاز الشرطة البيئية على الاقلّ من جهتين مؤثرتين وفاعلتين خاصّة وان بعث هذا الجهاز يأتي في وقت تشهد فيه البلاد تدهورا بيئيا غير مسبوق بسبب الضعف والوهن الذي اصاب اجهزة الدولة ومؤسساتها بعد ثورة 14 جانفي 2011.
الاستهداف الأول يأتي من المواطن الذي كان يعتقد غلطا أن الشرطة البيئية جهازا تنفيذيا سوف يريحه من الفضلات والنفايات والمصبّات العشوائية التي خنقت أنفاسه والتي شوّهت صورة البلاد بالداخل والخارج. ما يجهله المواطن العادي هو ان عون الشرطة البيئية، وبالرغم من صفة الضابطة العدلية التي يتمتّع بها، فإنّ دوره يقتصر أساسا على التحسيس والتوعية ومعاينة الجنح والمخالفات ولا دخل له في العمليات الجزرية التي تبقى من إختصاص القضاء في الكثير من الحالات.
اما الاستهداف الثاني فإنه اتى من نقابة الشرطة البلدية التي إعتبرت في بيانها الصادر بتاريخ 13 جوان 2017 “أن ما جاء في برنامج تركيز الشرطة البيئية وخاصة في باب المهام تداخلا في الأدوار وإزدواجية من حيث التدخل مع عدم مراعاة مصلحة المواطن ومصداقية الإدارة وهيبتها” وطالبت وزارة الداخلية “بتقديم توضيحا بخصوص العلاقة بين الشرطة البلدية والهيكل الجديد على مستوى المشمولات وطرق التدخل والعلاقة مع البلدية ” كما طالبت ايضا بمراجعة تسمية “شرطة” التي تمّ إطلاقها على هذا الجهاز الرقابي.
وقصد تهدئة الأوضاع، أكّد وزير البيئة والجماعات المحلية على أن عمل الشرطة البيئية لا يتعارض مع عمل الشرطة البلدية بما ان شعارها “توعية وحماية واستدامة” مشيرا إلى ان المقصود من تسمية “شرطة” هو الجانب الردعي للحدّ من ظاهرة التلوّث وانتشار الفضلات.
هذا، وقد اشار السيد الحبيب كربول عضو لجنة قيادة جهاز الشرطة البيئية من ناحيته في في تصريح لوكالة تونس افريقيا للأنباء أن جهاز الشرطة البيئية سوف يصدر مع نهاية شهر جويلية 2018 دليلا توضيحيا حول مهامه وصلاحياته كما أنّ هذا الدّليل الذي تمّ إنجازه بالتعاون مع مركز التكوين ودعم اللاّمركزية ومجموعة من الخبراء سوف يتضمن 35 نقطة تتيح التّعرف على العديد من المعطيات الخاصة بمهام الشرطة البيئية وطبيعة عمل الأعوان والصلاحيات الممنوحة لهم وضبط علاقة رئيس البلدية بالأعوان وتعريف الضابطة العدلية المسندة للشرطة البيئية.
وعندما يغيب السّند القانوني المؤسس لهذا السلك فإنه لا يمكن الحديث عن هيكلة الجهاز أو تطويره أو سنّ قانون أساسيّ يوضح الحقوق ويرسم العلاقة مع الوزارة مرجع النظر. وبالرغم من هذا العائق التشريعي ومن قلّة العديد والعدّة فإن هذا السلك ما أنفكّ يبذل مجهودات جبارة في التوعية والتحسيس وحتى على صعيد التدخلات مثلما تبرزه الإصائيات المسجلة في الغرض غير أن هذا الجهد لم ينجح في إرضاء المواطن ولا يمكنه أن يخفي التململ الذي بدأ يضهر داخل هذا السلك ما أدى الى بروز نقابة تدفع نحو التعجيل بتدارك النقائص التشريعية والإجتماعية المتعلقة بهذا الجهاز الفتي.
ما يمكن استنتاجه ممّا ورد ذكره هو ان الوزارة قد تكون تسرّعت في بعث هذا السلك لسبب أو لآخر دون الإعداد المسبق للغرض أوالقيام بدراسة من أجل هيكلة هذا السّلك وتجهيزه بما يجعل منه جهازا مستقلاّ راجعا لها بالنظر من حيث القيادة والإستخدام. ولعلّ هذا التسرّع وما نتج عنه من تضارب في المهام والصلاحيات هو الذي دفع بالوزارة الى التخلّى عن القيادة العملياتية لهذا الجهاز لمصلحة وزارة الداخلية (الشرطة البلدية) لتكتفي من ناحيتها بإلإسناد اللوجستي والإدارة من حيث الموارد البشرية بما فيها الإنتداب والتدريب والتكوين. إن ما إتخذته الوزارة من مبادرات لتهدئة الأوضاع (الإلحاق العملياتي والدليل التوجهي حول الصلاحيات) لا يحلّ المشكلة ويجعل من الأزمة بين الشرطة البيئية والشرطة البلدية أزمة نائمة ويمكنها ان تستيقظ في كلّ لحضة والخوف كلّ الخوف أن تفرّط هذه الوزارة في أهمّ جهاز من شأنه ان يساعدها على بلورة وتحقيق السياسة البيئية للدولة.
2) الحل المقترح:
بادئ ذي بدء لا بدّ من الإشارة إلى أن هذا الجهاز مهما كانت مسمّياته ليس ببدعة في بلادنا بل هو موجود لدى معظم الدول المتقدمة التي تسعى الى المحافظة على الثروات المتجددة والمستدامة في زمن شحّت فيه الموارد الطبيعية فيما إزداد عدد السكان في العالم .
وحتى العالم العربي اصبح يهتمّ ببعث مثل هذا الجهاز ويكفي ان نذكر على سبيل الذكر لا الحصر بلدين بادرا منذ زمن قصير الى بعث هذا الجهاز:
– المملكة المغربية التي اصدرت المرسوم رقم 2-14-782 المتعلق بتنظيم وكيفيات عمل الشرطة البيئية وهي عبارة عن سلك متكون من موظفين مدنيين مكلفون بالمراقبة والتحسيس والوقاية والاستباق وينسقون مع وزارتي العدل والداخلية من أجل مراقبة المخالفات البيئية وبصفة خاصة الجانب التقني المرتبط بتلوث المناخ وبدراسة التأثير والجدوى قبل تنفيذ المشاريع.
– المملكة العربية السعودية التي أنشأت هيئة صلب الهيئة العامة للأرصاد والبيئة تعنى بمكافحة الاضرار بالبيئة والثروات الطبيعة وتعمل على تحقيق الأمن البيئي في المدن والغابات والمنتزهات والسواحل وإيقاف النزيف البيئي الذي تتسبب فيه المصانع والمنشآت.
ومهما تكن الدول التي يمكن الإستئناس بها من أجل تثبيت هذا الجهاز على اسس صحيحة فإن تونس لها من القدرات والتجربة والإمكانيات ما يسمح لها بإعادة النظر في ما يتعلق بهذا الجهاز قصد النهوض به خاصة وأنه لم تمض على انبعاثه سوى سنة واحدة ولا يزال في مرحلته التجريبية. ولتحقيق الغرض المطلوب يمكن إعتماد مقترح توخّي الطريقة التالية:
أ) بلورة الإستراتيجية القطاعية للوزارة في ما يتعلق بالبيئة:
هذه الاستراتيجية من المفترض ان تكون مرسومة بالإعتماد عن الوثيقة المرجعية المسلّمة من طرف رئاسة الحكومة والمنبثقة عن الإستراتيجية العليا للدولة. ومهما يكن من أمر فإن هذه الاستراتيجية لا بدّ لها ان تعكس مشاغل الدولة واولوياتها في ما يتعلق بالتصرّف الرشيد في البيئة وحمايتها من اجل تحقيق الثروة المستدامة.
ب) تحديد ميادين العمل:
ولتحقيق اهداف الوزارة في ما يتعلق بحماية المحيط وتحقيق الثروة المستدامة لا بدّ من جرد شامل لميادين العمل وذلك بالإعتماد على الهيئات التابعة للوزارة مثل وكالة حماية وتنمية المناطق الساحلية والمركز الدولي لتكنولوجيا البيئة بتونس وإدارة النفايات والبنك الوطني للجينات. ومن أهم الميادين الممكن تحديدها نذكر ما يلي:
– المحميات والمنتزهات وما يمكن ان يصيبها من ضرر وإحتطاب،
– الشطوط والسواحل وما يمكن ان يطالها من تلوّث،
– السدود والبحيرات والأودية وما تتطلبه من مراقبة،
– أحواض تربية الأسماك بالبحر وعلى اليابسة بكلّ ما يمكن ان ينتج عنها من تهديدات للبيئة،
– النقل البري داخل المدن وما يمكن ان ينجرّ عنه من تلوّث للهواء،
– المصانع والورشات وغيرها من المؤسسات والمؤسسات المنتجة وما يمكن ان ترمي به من نفايات وفضلات وغازات سامّة،
– قاعات الأفراح وأماكن التجمعات العامّة وما يمكن ان تحدثه من ضجيج وتلوّث صوتي،
– والمصبّات المكشوفة للنفايات والفضلات وما لها من اضرار على المحيط.
من الملاحظ هنا أننا لم نتطرّق عمدا الى ذكر المسالخ ولأسواق والمطاعم والمخابز ومصانع الحلويات وغيرها من الأماكن التي لها إنعكاسات مباشرة على المحيط وعلى صحة المواطن حتى لا تتقاطع مهام هذا الجهاز وصلاحياته مع ما هو موكول للأجهزة الراجعة بالنظر للبلديات التي تنسق بدورها مع وزارة الصحة في ما يتعلق بالمراقبة الصحيّة.
ج) تحديد المهام:
على ضوء تحديد الأهداف يتمّ تحديد المهام وهي بدورها يمكن تلخيصها منطقيا في ما يلي:
– التوعية من اجل حماية المحيط والمحافظة على سلامته لما فيه المصلحة العامة،
– المراقبة الدائمة والتدخل من اجل تفعيل القانون المتعلق بحماية البيئة،
– الإستشراف والقيام بدراسات تتعلق بتحسين المحيط والمحافظة عليه في أبعاده الثلاثة (ارض وبحر وغلاف جوي)،
– وإبداء الرأي حول إنجاز مشاريع تتعلق بالبيئة.
د) الهيكلة:
على ضوء المهام الموكولة لهذا السلك يتمّ تصوّر الهيكلة ويمكنها ان تكون على النحو التالي:
– لجنة أو هيئة أو تنسيقية للقيادة،
– هيئة للمتابعة او تفقدية،
– مكتب للدراسات والإستشراف والاستشارة التقنية،
– مكتب للشؤون القانونية والنزاعات،
– مكتب للموارد البشرية،
– مكتب اللوجستيك،
– مكتب الإعلام والتوعية إذ بدونه لا يمكن تغيير العقلية السائدة في ما يتعلّق بالبيئة من أجل إرساء سلوكا يحافظ على الثروات البيئية ويقوم على التصرف الرشيد في ما يتعلق بإستهلاكها.
– مكتب للعمليات الميدانية يشرف على مجمع الوحدات العاملة على الميدان في مختلف الولايات ومنها المتنقلة عبر العربات رباعية الدفع المجهزة بجهاز تحديد الموقع GPS ومنها الجوية إذ لا بدّ من التفكير مسبقا في استعمال المناطيد والمروحيات على غرار ما يحدث بالبلدان المتقدمة ومنها العائمة لما تتطلبه الحاجة من استعمال للقوارب والزوارق في الشطوط والسدود والأودية.
م) تحديد العديد:
من الملاحظ ان هذا الجهاز يكتسي صبغة تقنية خالصة وعليه لا بدّ من ان تتمّ الإنتدابات وفق مقاييس تلبّي الحاجة من مهندسين ورجال قانون ومختصين في البيئة.
اما في ما يتعلق بالعديد وضبط التجهيزات والمعدات فانه يخضع الى مدى طموحات الدولة في المجال البيئي والى المخطط المديري الذي سوف تضبطه الوزارة الى هذا الجهاز.
3) وماذا لو إرتأت الوزارة المضيّ في ما هي فيه؟
إن ما ورد ذكره يندرج في باب مراجعة كل ما يتعلق بهذا السلك من نصوص تشريعية وهيكلة وتجهيزات لجعله جهازا مستقلاّ يعنى بالمساهمة في تنفيذ سياسة الدولة في ما يتعلق بالبيئة من أجل الحفاظ على الثروات المستدامة ودفع عجلة التنمية.
امّا إذا ما إرتأت وزارة البيئة والجماعات المحلية إبقاء الوضع على ما هو عليه أي الإبقاء على الشرطة البيئية كجهاز يرجع لها بالنظر من الناحية اللوجستية والإدارية ويتبع البلدية في ما يتعلق بالتدخل لمعاينات الجنح والمخالفات موضوع الفصل العاشر من القانون عدد 30 لسنة 2016 وذلك وفق ما ينصّ عليه الفصل الثالث (جديد) من نفس القانون فهنا أيضا لا بدّ من أخذ تدابير من شأنها أن تجنّب التجاذبات بين الشرطة البيئية والشرطة البلدية حول المهام والصلاحيات لضمان المصلحة العامّة.
وهنا لا بدّ من التذكير ان الجمهورية التونسية مرّت بعديد التجارب التي تضاربت وتعارضت فيها صلاحيات اسلاك مختلفة ووجدت لها بعض الحلول للحدّ ممّا قد ينجرّ عنها من تعطيل لحسن سير العمل:
– التداخل في الأدوار والإزدواجية في العمل بين البحرية الوطنية (وزارة الدفاع الوطني) والحرس البحري (وزارة الداخلية) في ما يتعلق بصلاحيات الدولة في البحر وقد وجد المشرّع حلاّ لذلك بإسناد كلّ منهما مجالا بحريّا يتناسب مع إمكانياته غير ان التنسيق العملياتي بينهما يبقى لازما لضمان حسن تنفيذ المهام،
– التداخل في الأدوار والإزدواجية في العمل بين الشرطة والحرس الوطني (وهما اللذان يرجعان بالنظر الى نفس الوزارة) في ما يتعلّق بالأمن وقد تمكّن المشرّع من تجاوز الأشكال عبر التقسيم الترابي الذي يجعل الامن في المدن من صلاحيات الشرطة فيما يسهر الحرس الوطني على الأمن خارج مناطق العمران.
إن حلّ الإشكال بين الشرطة البلدية والشرطة البيئية يمكن ان يتمّ على شاكلة ما تمّ بالنسبة للشرطة والحرس الوطني. قد يكون من الأجدى ان تتولى الشرطة البيئية العمل خارج مناطق العمران وهو ما يجسّد البيئة في مفهومها الشامل ويبقى التنسيق بين الجهازين لازما من أجل رسم مشهد بيئيّ متكامل وغير منقوص.
إن المحافظة على البيئة اصبح يشكّل تحدّيا لكلّ دول العالم وهي تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لبلادنا التي تفتقر الى الثروات الباطنية والتي تعوّل عل الثروات البيئية من اجل تحقيق التنمية المستدامة. ان نجاحنا في هذا المجال يبقى رهن سياسة بيئية فاعلة وهي بدورها تبقى رهن بعث جهاز قادر وناجز ومختصّ ومستقلّ.
شارك رأيك