رغم موجة الغضب الكبيرة التي تسببت فيها تهديدات الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر بشن حرب على الجزائر خاصة على المستوى الشعبي و الحزبي والإعلامي ،مقابل صمت مطبق و مريب للسلطات الجزائرية التي لم تكلف نفسها عناء الرد الحازم والقوي على مهاترات حفتر و إيقافه عند حده.
حول هذا الموضوع أفادت مصادر متطابقة أن الديبلوماسية الجزائرية تعمل في صمت و لا تبحث عن الإثارة و هي بصدد معرفة الخلفيات الحقيقة لتصريحات حفتر و التأكد منها قبل الرد الرسمي عليه رغم أنه لا يُمثل إلا نفسه لأن حكومة طبرق بشرق ليبيا غير معترف بها دوليًا .
و ميدانيًا شهدت الحدود الجزائرية الليبية خلال الـــ24 ساعة الماضية حالة إستنفار قصوى،حيث أرسلت وزارة الدفاع الوطني تعزيزات عسكرية جديدة قوامها 5 آلاف عسكري تُضاف إلى القوات المرابضة على الحدود مع ليبيا،و ذلك بعد معلومات حول تحضير قوات عسكرية ليبية تابعة للجيش الذي يقوده خليفة حفتر،لتنفيذ هجمات ضد الجزائر و تحديدًا ضد الجيش الجزائري على الحدود و إلصاقها بالجماعات الإرهابية التي تنشط بالمنطقة.
45 ألف عسكري جزائري على الحدود مع ليبيا
وقال مصدر أمني جزائري مطلع لــــ”أنباء تونس” إن الجيش الوطني الشعبي فرض حالة الاستنفار على القوات الموجودة على الحدود، والتي يبلغ تعدادها 45 ألف عسكري، منذ مساء أول أمس السبت، أي مباشرة بعد تهديدات الجنرال حفتر بشن حرب على الجزائر. وأوضح ذات المصدر أن الخطوة جاءت بعد تقارير إستخباراتية و عسكرية متطابقة و دقيقة حذرت من احتمال تعرض قوات الجيش الوطني الشعبي الموجودة على الحدود مع ليبيا لهجمات تنفذها ميليشيات خليفة حفتر.
و قد عرفت المنطقة الحدودية “الدبداب” التي تفصل بين الجزائر و ليبيا بولاية إليزي تحركات عسكرية جزائرية مكثفة،كما لوحظ وجود مقاتلات عسكرية جزائرية تُحلق في المنطقة و تقوم بمراقبة الشريط الحدودي بين الجزائر و ليبيا من خلال قيامها بطلعات جوية دورية.
وتمتد الحدود البرية بين الجزائر وليبيا على مسافة 1000 كلم، يرابض فيها آلاف الجنود، بالإضافة إلى قوات جوية كبيرة تعمل على منع تسلل الجماعات المسلحة، ومنع تهريب السلاح عبر هذه الحدود.
وقد شهدت المنطقة في جانفي 2013، تسلل المجموعة الإرهابية المسلحة، التي نفذت الهجوم على مصنع الغاز بتيقينتورين في عين امناس، القريب من الحدود بين البلدين، وانتهت العملية بمقتل 38 رهينة من دول غربية و آسيوية.
هذا و نشير إلى أن الحدود البرية بين الجزائر و ليبيا مغلقة منذ سنوات و أن الجزائر قامت بسحب سفيرها بعد تعرض مقر سفارتها بطرابلس إلى هجوم سنة 2014. و يأتـي هذا التحرك العسكري الجزائري بناء على قناعة المسؤولين الجزائريين بأن “الصعلوك”-و هو الوصف الذي نعته به العقيد الليبي الراحل معمر القذافي-حفتر “مجنون و يفتقد للرزانة و التوازن العقلي و النفسي” و قد يُقدم على فعل “أحمق” من خلال التحالف مع مجموعات إرهابية و عصابات التهريب لتنفيذ هجمات على الجزائر إنطلاقًا من التراب الليبي.
فهل سيكون خليفة حفتر بمثابة عود ثقاب سيشعل حربًا ضروس في منطقة شمال إفريقيا تنفيذًا لأجندات أجنبية برعاية إماراتية…؟.
تلقى وزير الشؤون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل الضوء الأخضر من الرئاسة الجزائرية للرد الرسمي الجزائري على الإتهامات الخطيرة التي كالها الجنرال خليفة حفتر للجيش الجزائري و تهديده بشن حرب عليها. و بحسب مصدر جزائري مطلع لـــ”أنباء تونس” فإن الخارجية الجزائرية بصدد وضع “الروتوشات” الأخيرة على بيان شديد اللهجة و قوي و غير مسبوق في تاريخ الديبلوماسية الجزائرية سيتم إصداره خلال الساعات القليلة المقبلة للرد على “أكاذيب و إفتراءات رجل ليبي عسكري متقاعد يعمل على تقسيم بلاده تنفيذًا لأجندات أجنبية و غرور شخصي ينم عن إصابته بداء العظمة اللعين”.
و أفاد مصدرنا أن الجزائر ترفض الإنسياق وراء “شطحات هذا العسكري المعتوه سليل الجرذان” لكن إتهامه لها “بإختراق التراب الليبي هو كلام خطير لا بد من الرد عليه إحترامًا للشعب الليبي و قيادة حكومة الوفاق الوطني الليبي بقيادة فائز السراج،كما أن تهديده المثير للسخرية أمر غير مقبول لأن الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول كائنًا من كانت و العقيدة العسكرية لجيشها دفاعية،لكن في حال تعرضها إلى أي عدوان عسكري من أي بلد فستكون مقبرة للغزاة و الأعداء”.
و فنّد مصدرنا أن تكون الجزائر تقدمت بأي إعتذار للجنرال حفتر أو غيره،لأنها لم ترتكب ما يستدعي الإعتذار و أن ما قاله حفتر “عار تمامًا من الصحة و مجانب للصواب”نافيا وجود أية قوات عسكرية جزائرية داخل التراب الليبي.
اختراقات الحدود الليبية معزولة حسب الجزائر
هذا و كانت قناة الجزيرة القطرية نقلت خلال ندوة صحفية مسجلة للواء المتقاعد خليفة حفتر قائد عمليات “الكرامة” قوله أن قواته رصدت عبورا للجيش الجزائري إلى الحدود الغربية لليبيا و إن هذا الإختراق تكرر عدة مرات و أضاف أنه توجد قوات عسكرية جزائرية داخل التراب الليبي ،مما جعله يتواصل مع السلطات الجزائرية الرسمية و أبلغهم إحتجاجه على الأمر الذي إعتبره بغير المقبول .
و كان رد المسؤولين الجزائريين أن الحالات معزولة و فردية و لا تدعوا للقلق و أنها ستنتهي في ظرف أسبوع حسب إدعائه.
و واصل اللواء المتقاعد كلامه مهددًا الجزائر بأنه يتفهم الأمر حاليًا،لكن مستقبلاً هو مستعد لشن حرب على الحدود الجزائرية و خاصة النقاط التي سجل منها تسلل قوات الجيش الجزائري إلى داخل الأراضي الليبية. . وقال حفتر في جمع مع مؤيديه شرق ليبيا إنه أبلغ السلطات الجزائرية بقدرته على نقل الحرب في لحظات إلى حدودها، وإن السلطات الجزائرية اعتذرت وأخبرته أن دخول قوات تابعة لها إلى ليبيا عمل فردي سينتهي في غضون أسبوع. وسعت الجزائر منذ اندلاع الأزمة في ليبيا إلى بذل جهود لحل الأزمة، واستقبلت العاصمة الجزائر وفودا ليبية من جميع الأطراف، لكن حتى الآن لم تنجح جهودها -وكذلك جهود دول أخرى- في الوصول إلى حل يتفق عليه جميع أطراف الأزمة.
و تشكل تصريحات حفتر تحديًا لجهود الوساطة التي تقوم بها الجزائر بين فرقاء الأزمة الليبية التي طال أمدها.
و لم يصدر أي رد فعل من السلطات الجزائرية على التهديد الخطير للجنرال حفتر حتى الآن.
عمّار قردود
شارك رأيك