لا يكفى اليوم أن تصرح قيادات الإتحاد التونسي للشغل بانها تطالب بفتح ملفات الفساد أو أنها تقف مع حكومة الشاهد فى هذه الحرب (وهي كذبة لا يصدقها سوى السذج) بل من الجدير بهذه المنظمة أن تقوم بحملة نظافة ذاتية تتطلب منه كما كبيرا من مواد التنظيف الأخلاقية.
بقلم أحمد الحباسي
من العار أن يتمسك الإتحاد ونقابات التعليم المنخرطة فىه فى كل بيان يهم سير التعليم بما سماه نفاقا وبهتانا بالهجمة الشرسة التي يتعرض إليها دون ان يقوم بكشف الجهة التي تمارس هذه الهجمة وذلك من باب الإيهام بجريمة ومن باب توزيع دم الإتحاد على القبائل كما يقال.
التعلات والخزعبلات والنيات السيئة للسيدين الطبوبي واليعقوبي
من العار أيضا أن يتمسك الإتحاد ونقابات التعليم بنضال الزعيم الراحل فرحات حشاد ويعتبر نورالدين الطبوبي أو الأسعد اليعقوبي تحديدا أنهم من سلالة عقل هذا البطل الوطنى.
من العار نهاية أن يسمح الأمين العام لنفسه ولهذا الرجل المشبوه بأن يجاهر و يهدد التونسيين في مستقبل أبنائهم الدراسي مهما كانت التعلات الواهية والخزعبلات المفبركة والنيات السيئة التى يضعها كأسباب لهذا التهديد فالرجل وغلامه أضعف من أن يوجها هذه التهديدات لكافة الشعب التونسى وعلى كل فطالما تبينت نيات الإتحاد في ضرب السنة الدراسية المقبلة بعد أيام قليلة فقد أصبح من واجب هذا الشعب أن يعمل بكل الطرق القانونية على محاسبة هؤلاء المتسببين فى تقويض السلم الإجتماعية وإهانة الشعب وإنهاك ميزانيته المنهكة أصلا وتعريض مستقبل أبناءهم الدراسي للخطر بدون مبرر شرعى.
لا أحد اليوم يتحدث عن إتحاد الشغل إلا باسم “إتحاد الخراب” ولا أحد يصف هؤلاء الذين يخرجون على مدار السنة الدراسية فى إضرابات عشوائية وبشعارات بائسة لقيطة إلا بمرتزقة التعليم الذين وظفتهم الالة الإعلامية والخطابية والنيات والمخططات المشبوهة للإتحاد لضرب الإستقرار فى البلد وإنهاك الإقتصاد بمطلبية مادية مجحفة وغير مبررة أصلا ولعل هناك اليوم من يتهم الإتحاد مباشرة بكونه يتعمد هذه الإضرابات الوحشية المتكررة في أكثر من ولاية ومكان لخدمة أغراض الجماعات الإرهابية بتشتيت انتباه قوات الأمن وإنهاكها لتتمكن تلك الجماعات التكفيرية من التسلل داخل التراب التونسي ونقل كميات الأسلحة وتخزينها انتظارا لساعة الصفر.
محاسبة قيادات الإتحاد بالفساد المالي واستغلال أموال المنخرطين
قائمات الإتهامات ضد قيادة الإتحاد رأسا وضد بقية القيادة تتفرع يوميا وهناك دعوات صريحة ومتكررة من أطراف متعددة و بالذات من مكونات المجتمع المدني لمحاسبة هذه القيادة بتهم الفساد المالي واستغلال أموال المنخرطين لخاصة النفس وتوظيف إبن الأمين العام ومنحه امتيازات غير مبررة.
بل هناك دعوة صريحة لفتح ملف الإتحاد برمته والبحث فى أرشيفه السياسي لكشف كثير من الأسرار تتعلق بفترة عبد السلام جراد وحسين العباسي و اخرا نورالدين الطبوبي فى علاقة ببعض الأحداث العاصفة التى هزت تونس ومدى ضلوع الإتحاد فى نشوبها أو مساندة بعض الأطراف المشبوهة لتنفيذها.
ربما لم تتفهم قيادة الإتحاد أن الشعب قد ضاق ذرعا بأساليبها الخبيثة لضرب السنة الدراسية بل من الواضح أنه عوض أن تقرأ هذه القيادة المشبوهة آراء المواطنين بنيات حسنة لتقويم خط سيرها والتراجع عن تنفيذ مخططها لترهيب الحكومة وإرهاب المواطنين والتلاميذ فإنها اختارت الهروب إلى الأمام و الإيحاء بوجود هجمة شرسة يعلم الجميع أنها نتاج لحالة الإحباط والكراهية التى يشعر بها المواطن التونسى.
في تعليق للمواطن لسعد بن رحومة على موقع “اخر خبر أون لاين” على خبر بعنوان “منظمة أنا يقظ تتهم قيادات بالإتحاد العام للشغل بالمحاباة والمحسوبية” يقول “في تصريح جديد للأمين العام للاتّحاد نور الدّين الطبّوبي لجريدة ‘الشروق’ الأحد 18مارس 2018 وصف فيه ما يتعرّض له الإتّحاد بحملة تشويه مقصودة، قال بأن المنظّمة لن تبقى ساكتة أمامه “.
هل تحوّل الإتحاد إلى عصا غليظة لتأديب الشعب؟
ويحقّ لنا أن نسأل : هل ما يقوم به الإتحاد في أهمّ القطاعات الحيوية كالتعليم والصحّة والنقل والإتصال والأمن وغيرها يمكن أن نعتبره نضالا أو دفاعا عن الحقوق الإجتماعية للعمّال؟ أليس تعطيلا مصالح النّاس في المستشفيات ومقايضة السلطة بصحّتهم وسلامتهم جريمة كبرى؟
أليس ما يقوم به من حجب للأعداد في المعاهد والمدارس، والتلاعب بعواطف العائلات ومستقبل التلاميذ جريمة عظمى؟ أليس تعطيل سفر النّاس وإرباك حياتهم اليومية جريمة لا يمكن القبول بها تحت أي مبرّر؟ أليس صمت الإتحاد طوال عقود من الزمن عن أعمال السلطة الفعلية تجاه خصخصة أكثر من 150 مؤسسة عمومية خيانة وجريمة؟ أليس القبول والموافقة على تحوّل الإتحاد إلى عصا غليظة لتأديب الشعب جريمة وخيانة؟
يتشبّث الإتّحاد العام للشغل لإثبات شرعيّة ما يقوم به من تعطيل لمصالح النّاس ونشر للفوضى وكلّ أشكال العنف وتهميش للقطاع العمومي بتاريخه النضالي ضدّ المستعمر الفرنسي، ولكنّ دور الاتّحاد في مقاومة المستعمر(هذا ان صحّ اعتبار تواصله) مع الفرنسيين بأنّه مقاومة) لا يعطيه الشرعية ولا الحقّ للعبث بمصالح النّاس والسمسرة بقضاياهم ومصيرهم، فيجعل مصالحهم في قبضته يسمسر بها كيف يشاء .
كما أنّ انحرافه عمّا تبنّاه من خطّ يحصر دوره في الدّفاع عن الحقوق المهنية لمنخرطيه واشتغاله بالسمسرة السياسية لا يبرّره هذا التاريخ النضالي ضدّ الفرنسيين (اذا صحّ وصف اتّصاله بالفرنسيين ومفاوضاته معهم بالمقاومة) ولا يجعله مقدّسا فوق النقد والإنتقاد .
ومن المهمّ جدّا أن نفتح الملفّ الأسود للاتّحاد خلال حقبة من الزمن كافية لتعريته وكشف دوره الثّابت في حماية منظومات الفساد وتأييد القمع والاستبداد، الى جانب دوره في التّستّر على اتفاقات الغدر والخيانة .كلّ هذا حوّل أعمال الإتّحاد العام الى شكل من أشكال الكفاح الرّخيص داخل صالونات بارونات الفساد ومكاتب تجّار السياسة.
إن المطالبة بفتح ملفات الفساد داخل الإتحاد لم يعد فرض كفاية بل هو فرض عين لأن هذا الهيكل المريض قد أصبح يمثل خطرا على المجموعة الوطنية وفي هذا السياق لا يمكن إنكار صدور دعوات متكررة وجادة من داخل أبناء الإتحاد أنفسهم تطالب بفتح ملفات الفساد المالي والنقابى ومحاسبة الضالعين وتكوين لجان مستقلة فى الغرض لمحاسبة سوء التصرف المالى و الإدارى إضافة إلى مراجعة طريقة التصرف فى الأمور المالية للمنظمة لضمان الشفافية والقطع مع سياسة المحاباة لكن هذه الدعوات بقيت حبرا على ورق نظرا لتمسك بارونات الفساد داخل المنظمة الشغيلة بضرورة التعتيم على هذا الملف حتى لا يكشف المستور.
فى هذا الإطار كان لافتا التقرير الذى أعدته منظمة “انا يقظ” فى شهر أكتوبر 2016 والذي مثل كشفا وجردا مرعبا لبعض من شواهد وأدلة الفساد داخل الإتحاد الذي واجه التقرير بصمت مريب يكشف مدى الإنزعاج والإرتباك الذى أحدثه خاصة في دعوته المباشرة للأمين العام ليعطى موقفا واضحا من مجموعة من النقابيين عرفت ممارستهم المشبوهة في مستشفى صفاقس وفى شركة السكة الحديدية وميناء رادس ونقابة التعليم بالفساد والمحسوبية.
لا يكفى اليوم أن تصرح قيادات الإتحاد بانها تطالب بفتح ملفات الفساد أو أنها تقف مع حكومة الشاهد فى هذه الحرب (وهي كذبة لا يصدقها سوى السذج) بل من الجدير بهذه المنظمة أن تقوم بحملة نظافة ذاتية تتطلب منه كما كبيرا من مواد التنظيف الأخلاقية.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس
شارك رأيك