اختتمت يوم الأحد 16 سبتمر 2018 فعاليات الدورة الرابعة لتظاهرة سينما المتحف بسوسة بعرض فيلم قصير بعنوان”أطفال سوسة” في الجزء الأول من السهرة، وهو إنتاج بلجيكي يعود لعام 1968، وتخلل الجزء الثاني من سهرة الإختتام عرض فيلم “المصير” للمخرج المصري يوسف شاهين.
عرفانا بالجميل و حفظا للذاكرة السينمائية اختار القائمون على التظاهرة تكريم السيد هذيلي الشواش يوم 13 سبتمبر 2018، وتم عرض أجزاء نادرة من شريطه “و مع ذلك” الذي صوره بمعية زميله ألان ميدي (Alain Midi) سنة 1968 في إطار نشاط نادي السينما بسوسة.
الجزء الثاني من سهرة الإفتتاح شهد عرض النسخة المرممة للفيلم التركي”يول” (الطريق) الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان 1982. وذلك بحضور المنتج السويسرى للشريط دونات كوش (Donat Keusch).
الفيلم “يول” للمخرج والسيناريست يلماز غوناي (Yilmaz Güney) الذي كان سجينا وقد أعطى تعليماته من زنزانة منفاه إلى المخرج المنفذ للشريط شريف غورن (Serif Goren) لإنجاز هذا العمل المميز.
و يروي الفلم حكاية مجموعة من المساجين إبان الحكم العسكري في تركيا، اختلفت أسباب سجنهم و تشابهت مصائرهم.
رحلة ابتدأت بأحلام العودة لمدة أسبوع لأحضان عائلاتهم في محاولة إما لاسترجاع ما فات أو لتصفية حسابات أو تسوية خلافات أو تصحيح أوضاع ومسارات، أحلام تهشمت على صخور الوقائع المأسوية لسبعتهم خلال رحلة الشقاء والفقر والخيانة والثأر والإضطهاد والفراق والموت.
المخرج التونسي الهادي بن خليفة، إسم آخر استحق التكريم في هذه الدورة بعد تقديم نبذة عن حياة هذا المبدع التونسي من طرف زميله المخرج والمنتج حاتم بن ميلاد وقع عرض بعض أفلامه على غرار فيلم يعود إلى عام 1957 بعنوان “توزيع الخبز” (La Distribution Du Pain) وفيلم “باريس ماي 1969” .
كالعادة كانت السينما الإفريقية حاضرة في الدورة الأخيرة من خلال فيلم “Hyènes”في نسخته المرممة للسنغالي جبريل ديوب مامبيتي (Djibril Diop Mambéty) ، فيلم من إنتاج مشترك بين السنغال وسويسرا.
سهرة يوم السبت 15 سبتمبر 2018 كانت استثنائية بكل المقاييس، حيث تابع الجمهور في جزئها الثاني نسخة مرقمنة ومرممة لفيلم المخرج فيتوريو دي سيكا Vittorio De Sica)) بعنوان “سارق الدراجة” (Le Voleur de Bicyclette)، فيلم يعتبر من روائع السينما العالمية و أحد علامات الواقعية الجديدة الإيطالية .
أما الجزء الأول من ثالث سهرات تظاهرة سينما المتحف فكان عبارة عن رحلة عبر الزمن عاد الجمهور من خلالها إلى أجواء السينما الصامتة في أوائل القرن العشرين، بالتحديد إلى سنة 1914 و 1917 تاريخ صدور فيلمي Charlot Dentiste و”L’enfant Terrible”.
الأفلام الصامتة كانت مصحوبة بعزف الأستاذ محمد الرواتبي على البيانو، نفس الأجواء التي كانت سائدة في الثلث الأول من القرن العشرين حيث كانت تقوم الجوقات والفرق بالعزف في نفس توقيت عرض الأفلام الصامتة.
فيلم آخر عاش معه خمسون طفلة وطفلا من S.O.S أكودة أجواء السينما الصامتة و دهشة الإكتشاف، فيلم شارلي شابلن “Le Dentiste” إنتاج سنة 1917. الإكتشاف لم يقتصر على مكان العرض الجميل بالمتحف الأثري بسوسة بل تجاوزه للأجواء السحرية و العودة لزمن عروض 35 مم من خلال بعث الروح في آلة 50 Westrex ، و التي كانت مهملة في أحد مصبات الخردة بالساحل قبل ترميمها.
مع انبعاث الدخان من الآلة العجائبية المشتغلة بالفحم ولمسات ساحرها التقني مجيد بن سالم، بعثت محبة الفن السابع في قلوب هؤلاء الأطفال وباقي الحاضرين من شباب وكهول وحفرت هذه التجربة في ذاكرتهم، بالإضافة إلى فتح جمعية إفريقيا المتوسط للثقافة الباب أمام تكرار هذه التجربة الفريدة من لدنها أو لدن باقي الجمعيات السينمائية.
خلال أربعة أيام تحولت جوهرة الساحل إلى عاصمة للتراث السينمائي العالمي بفضل بادرة جمعية إفريقيا المتوسط للثقافة وتظافر جهود كل من المركز الوطني للسينما والصورة، وكالة إحياء التراث و المندوبية الجهورية للثقافة بسوسة والمعهد الثقافي الايطالي بتونس .
شارك رأيك