كشف موقع “مونيتور”، الذي يصدر من واشنطن، أن تونس أنفقت حوالي 105 أف دولار في سنة 2017 – وهو مبلغ مالي ضئيل جدًا و يكاد لا يُذكر – على لوبيات أمريكية وأعضاء بالبيت الأبيض ووكالات فدرالية وبعض وسائل الإعلام الأمريكية، بهدف استمالة مواقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وكسب تأييده في مختلف القضايا.
من الجزائر: عمّار قـردود
تونس في هذا المجال متخلفة كثيراً عن ليبيا التي أنفقت 590 ألف دولار على الإدارة الأمريكية في واشنطن. أما الجزائر فقد أنفقت أموالاً طائلة على شركة “فولي هوك” التي يوجد مقرها في بوسطن، والتي قامت بالضغط على أعضاء الكونغرس من أجل إعادة إحياء عملية التفاوض بين المغرب وجبهة البوليساريو. كما نجحت الشركة ذاتها في إدراج قضية الصحراء الغربية في مشروع قانون مقدم إلى مجلس الشيوخ الأمريكي، فضلا عن قيادتها لحملة ضد تعيين بيتر فام، المعروف بمواقفه الداعمة للمغرب، في إدارة الرئيس دونالد ترامب، فيما تمثل فشلها الرئيسي، بحسب المصدر نفسه، في تقرير وزارة الخارجية الأمريكية لسنة 2017، الذي أطلق على جبهة البوليساريو اسم “الإنفصاليين”.
وفي الشرق الأوسط، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة الثانية، وبلغت قيمة نفقاتها على اللوبيات الأمريكية 13 مليون دولار من أجل كسب تأييد دونالد ترامب، فيما بلغ معدل الانفاق لدى دولة قطر حوالي 18.5 مليون دولار، أما مصر فقد أنفقت 5.2 مليون دولار فقط.
وأشار التقرير إلى أن تركيا “أنفقت في عام 2017 أكثر مما أنفقته في أي وقت مضى”، وبلغ المبلغ الاجمالي 5.6 ملايين دولارا، خصص لشراء صمت الولايات المتحدة حول القمع المستشري في البلاد.
إنفاق المغرب والجزائر على اللوبيات يركز على قضية الصحراء
و في ذات السياق، ووفقاً لما نقله موقع “OpenSecret” فقد أنفق المغرب ما يربو عن 1.8 مليون دولار على اللُّوبِي الأمريكي بواشنطن سنة 2017 في سبيل استمالة مواقف مؤيدَة لـــ”مغربية” الصحراء الغربية كما يُروج لذلك، ومراعاة مصالح البلاد الحيويَّة. ووفقاً لما نقله نفس الموقع، فإنَّ “المغرب أنْفق السنة الماضية قرابة ملياري سنتيم مغربي، موزعة بين نفقات حكومية وغير حكومية، لكسب مواقف مؤيدة في مختلف القضايا؛ أبرزها قضية الصحراء الغربية التي تحظى بحصة الأسد من النفقات”.
وأوردت معطيات جديدة لمركز الدراسات المستجيبة الأمريكي أنَّ المغرب أنفق ملايين الدولارات خلال العام الماضي بغرض تحسين صورته وإقناع أصحاب القرار الأمريكي بمواقفه عبر “لوبيات” من داخل الولايات المتحدة، من أعضاء بالبيت الأبيض ووكالات فدرالية وبعض وسائل الإعلام. وأنفقت الحكومة المغربية ما يقارب 239.800 دولار من أجل الترويج لاقتراحها بإقرار “الحكم الذاتي الموسع” كحل لمشكلة الصحراء الغربية، في مواجهة جبهة البوليساريو.
ووفقاً للمعطيات ذاتها، فقد أنفقت الجزائر السنة الماضية ما يناهز 421 ألف دولار للترويج لمواقفها لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع الإشارة إلى أن هذا المبلغ هو أموال حكومية، دون ذكر مصادر تمويل غير حكومية، بحسب ما ورد في معطيات المؤسسة الأمريكية.
واستندت الدراسة في الأرقام التي قدمتها إلى قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، وهو قانون صدر سنة 1938، يفرض على الوكلاء الأجانب الذين يمثلون مصالح القوى الأجنبية في الولايات المتحدة الأمريكية الكشف عن علاقاتهم بالحكومات الأجنبية.
وتنفق الجزائر ملايين الدولارات على اللُّوبِي الأمريكي بواشنطن في سبيل استمالة مواقف مؤيدة لتقرير مصير الشعب الصحراوي، وقد اهْتدتْ مؤخراً إلى خدمات منتدى الدفاع الأمريكي، الذي ترأسهُ سوزان شولت منذ 1989، من أجل ربح نقاطٍ إضافية في سباق إقناع الإدارة الأمريكية بموقفها.
محمد مالوش.
ضرورة بعث ” لوبي تونسي” بالولايات المتحدة
في 4 جويلية 2017 قال رئيس مجلس إدارة شبكة الشبان التونسيين الأمريكيين المهنيين (TAYP) محمد ملوش في لقاء له مع إذاعة “إكسبريس أف أم” إنّ العلاقات التونسية الامريكية في الوقت جيدة، لكنها غير متميزة. مشددًا خلال استضافته ببرنامج “إكسبرسو” على ضرورة تغيير الصورة النمطية لتونس بالولايات المتحدة والتخلي عن الخطاب المعتمد الحالي حول دعم الانتقال الديمقراطي في تونس والتركيز على خطاب مقاومة الإرهاب والأمن العالمي وهو الخطاب الذي تحبّذه الإدارة الأمريكية الحالية وعلى رأسها الرئيس دونالد ترامب.
كما أوضح أن اللوبيات والعلاقات العامة والإعلام ومراكز البحوث والدراسات (think-tank) لها تأثير كبير في عمل النظام الأمريكي، داعيًا تونس إلى خلق ما يشبه باللوبي التونسي في واشنطن تكون مهمته تحسين صورة البلاد في الولايات المتحدة.
كما أشار، في ختام حديثه، أنّ الحكومة الأمريكية خفّضت من المساعدات الموجهة إلى تونس بـ33 بالمائة من الدعم الاقتصادي وبـ82 بالمائة من الدعم المخصص لمقاومة الإرهاب.
في معنى و دور “اللوبيات”
يعود أصل “لوبي” تسمية إلى البرلمان البريطاني وتحديداً عندما وقفت مجموعة من الأفراد في بهو مجلس النواب الذي يطلق عليه اسم “اللوبي” لمقابلة المشرعين بهدف التأثير في قراراتهم قبل بدء الجلسة، ومنذ ذلك الحين بات لصيقاً في الأذهان مصطلح “اللوبي” للتعبير عن أولئك الذين لا يرتبطون بالسلطة لكن يمكنهم التأثير في مراكز صنع القرار.
ويبدو من المهم معرفة أن مدلول الكلمة قد تطور مع الوقت، حيث أخذت تستخدم كلمة “لوبي” في السياسة علي الجماعات أو المنظمات التي يحاول أعضاؤها التأثير في عملية صنع القرارات بشكل عام، والسياسية بشكل خاص في هيئة أو جهة معينة وما لبث أن تبلور هذا المصطلح في الولايات المتحدة خلال عام 1930 عندما بدأت مجموعات المصالح تمارس الضغوط علي الكونغرس، وأخذت “اللوبيات” ومنذ ذلك الحين تلعب دوراً محورياً في الحياة السياسية، حتي بات معروفاً أن “لوبيات” الضغط القوية هي المُتّخذ الحقيقي للقرارات وهي التي تصنع السياسة المتبعة داخل الدولة.
والأهم أنه في حال وجود “لوبي” قوي من “لوبيات” الضغط في دول معينة ينحصر دور سلطات تلك الدولة في إضفاء الصفة الرسمية علي تلك السياسات والقرارات، وخاصة أن لتلك “اللوبيات” تأثيراً كبيراً في العملية الانتخابية، بل لديها من العلاقات داخل أجهزة الدولة ما يجعلها مسيطرة بشكل كبير علي المسار السياسي والاقتصادي للدولة.
رابط تقرير موقع “مونيتور” الأمريكي.
شارك رأيك