عندما خسر الرئيس المِؤقت محمد المنصف المرزوقي الإنتخابات الرئاسية ليلة 23 ديسمبر 2014 لم يتفطن البعض أن تلك العزيمة ستتبعها هزائم كثيرة أخرى وأن رجل قطر في تونس ورجل المهمات المشبوهة سيسقط تباعا وسيكتشف الشعب للأسف الشديد كم خدع الرجل مناصريه بتلك الشعارات الرنانة وتلك القوالب اللفظية الفاسدة.
بقلم أحمد الحباسي
كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لكثير من كل هؤلاء الذين تجمعوا فى وأمام مقر حملته الإنتخابية والذين لا ينكر الرجل أنه قد استلف أغلبيتهم من حزب الإخوان أو حركة النهضة التى حاولت التنصل من هذه “السلفة” لمخزونها الإنتخابي بادعاءات واهية لم يصدقها أحد وذلك عند إعلان المرزوقي عن تشكيل كيان سماه حراك شعب المواطنين قبل أن يستدرك مدير حملته عدنان منصر ليصحح “حركة شعب المواطنين”.
يقول كثير من المقربين أن الرجل قد فاجأ كعادته كل الحاضرين ودفعهم للتساؤل حول حقيقة مغزى إطلاق ذلك الشعار الزائف فى تلك الفترة والحال أنه يعلم حقيقة “حجمه الإنتخابي” الذي لا يتعدى الصفر فاصل مثل مثل مصطفى بن جعفر وأحمد نجيب الشابي وغيرهم من المعارضين الكرتونيين سابقا للدكتاتور زين العابدين بن علي.
بداية مشروع فشل سياسي معلن
بطبيعة الحال لم يبحث أحد فى سياقات هذه الولادة المشبوهة والمسقطة وعلى إمكانية نجاحها من عدمه بل لم يهتم أحد ساعتها بأن الرجل قد أراد بتلك البهلوانيات التى ألقاها بين الناس التغطية على كل الوعود الانتخابية الزائفة وعلى بداية مشروع فشله السياسي المعلن وفشل كل مشاريع المراهنين عليه من قطر و تركيا والسودان وبقية الدكاكين المفتوحة لممارسة أدبيات الخيانة للثورة و لتضحيات الشهداء.
مع الوقت تبخرت الفكرة و تشظى حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أنشأه المرزوقي مع ثلة من تجار الشنطة السياسية مثل عبد الوهاب معطر وسليم بن حميدان وعدنان منصر وطارق الكحلاوي يضاف إليهم طبعا عماد الدايمي و بقية الذين ضمت أغلبهم قائمة الإنسحابات الأخيرة من حركة تونس الإرادة التي أخذت فى الأثناء مكان حراك شعب المواطنين.
لقد بقى حراك تونس الإرادة مجرد تسمية مبهمة وفرقعة إعلامية مثيرة للسخرية و إسما تجاريا بلا نشاط يستغله الرجل فى حله وترحاله ليجمع ما تيسر من المكرمات القطرية التركية السودانية موحيا في “شهادته على العصر” في قناة الجزيرة بأن الشعب التونسي سيجني ثمرات ذلك المشروع سنة 2060 لأن التحولات العميقة تحتاج إلى عقود من الوقت.
الرئيس الذي أباح دخول الإرهابيين الى قصر الرئاسة
لقد كان حراك تونس الإرادة مجرد إعلان نوايا خبيث ومجرد تلاعب بمشاعر كثير من الناخبين الذين وضعوا ثقتهم فى غير محلها ولم ينتبهوا أن الشخص الذي باع الوطن وتملص من تعهداته الدولية مثلما حصل مع العلاقات التونسية السورية وخذل البغدادي المحمودي بل أباح دخول الإرهابيين القتلة الى قصر الرئاسة واستغل أرشيف الرئاسة لغايات دنيئة ضد بعض رموز هذا الوطن ثم سعى بالتعاون مع المدعوة سهام بن سدرين إلى “اختلاس” ذلك الأرشيف بغاية بيع أسرار الدولة إلى قطر وكثير من دكاكين المخابرات الأجنبية فهو مجرد وكيل لاستعمار جديد من نوع اخر هو استعمار التمويل النفطي الهادف إلى ضرب الإستقرار فى تونس وتحويلها إلى أرض ميعاد لكل الجماعات الإرهابية التكفيرية التي تقف على غسل أدمغتها مؤسسة العميل يوسف القرضاوي وتسلحها الأموال القطرية والخليجية ولعل ما جاء على لسان ما لا يقل عن 80 مستقيلا من هذا الحزب الكرتوني من تسبيب لاستقالتهم يكفي مؤونة التعليق “تعثر الإصلاح الداخلي في الحزب، وبعده عن العمل الميداني، وعدم تفعيل مبدأ النقد الذاتي فيه، وتحويل الحزب إلى إدارة ملحقة بمكتب رئيسه، مما جعل من الإصلاح أمرًا صعبًا. بل واعتبر البيان أن “الإصلاح” المعمول به داخل الحزب هدفه “تصفية الخط الديمقراطي الإجتماعي داخل الحزب، وتقديم الحراك هدية لأحد أطراف الحكم”.
هناك من السياسيين في تونس وخارجها من يتهم صراحة المرزوقي بأنه سفير لتنظيم داعش الإرهابي فى تونس مذكرا انه قدم لهذا التنظيم ولتنظيمات إرهابية أخرى تمولها قطر الغطاء السياسي فى محاولة لإعطائها شرعية شعبية متعجبا بتشبثه بالعلاقة الاثمة مع هذه الدويلة الزائدة عن اللزوم والتى يحقق القضاء التونسي فى شبهات تمويلها للتنظيمات الإرهابية في تونس بمن فيها حركة النهضة وجماعة أبو عياض وبقية النسل الإخواني الخبيث الذي يعمل على هز استقرار البلاد، تحقيقات على خلفية وجود عميل للمخابرات القطرية برتبة عميد في الجيش القطري يرتب بالجنوب التونسي لإنشاء مخيم لإيواء العناصر الإرهابية تحت يافطة “لاجئين ليبيين” وما تم كشفه من تمويلات خيالية لبعض الأفراد وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة حول حقيقة المظاهرات و الإضرابات وعمليات حرق المراكز الأمنية التي استهدفت مكتسبات تونس منذ سقوط المرزوقي من الحكم، هذه المراهقة السياسية التي تدفع المرزوقي الى أحضان الدول المتامرة على استقرار تونس مقابل المال السياسي والطمع الزائد فى المناصب تؤكد وجود خلل أساسي فى التركيبة الفكرية لدى الرجل لم يتم إصلاحها رغم كل العثرات التي تكبدها منذ خروجه المذل من الحكم.
إن هذه الإستقالات التي صفعت وجه المرزوقى في هذه الفترة التى يبحث فيها عن التقارب المريب مع حركة النهضة لتحقيق حلمه الزائف بالعودة الى كرسي الرئاسة تضع حدا إلى هذا الحلم خاصة وقد كشفت كل العورات والمقالب السياسية التى تعرض لها هذا الشعب من هذا الرجل المهووس بالسلطة.
رجل متعدد الوجوه يجيد التنقل بينها حسب المصلحة والحاجة
كثيرة هى الخطايا التى ارتكبها محمد المرزوقى منذ التحاقه بفكر الإخوان والتى يفسرها أحدهم بالتقاء كم من الغباء والأمراض النفسية و الإرادات الخارجية الهدامة في نفس الشخص.
إن المرزوقي كما تقول جريدة “الأهرام” المصرية ليس أكثر من رجل متعدد الوجوه يجيد التنقل بينها حسب المصلحة والحاجة، فهو المتحالف مع الإرهابيين من أجل عيون السلطة، وهو المناضل الزائف بعد أن تكشف للتونسيين أنه لم يكن أبدا لاجئا سياسيا فى فرنسا كما يدعيّ، بل كان مهاجرا عاديا مثل مئات الآلاف من المهاجرين التونسيين فى أوروبا.
فقد أقام المرزوقى فى فرنسا منذ عام 2002 بعد تدخل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، كما تدخل وزير الصحة الفرنسي الأسبق ليون شوارتزنبرج لمساعدة المرزوقي حتى يستطيع أن يشتغل طبيبا زائرا فى جامعة بوبيني، وهكذا فقد تمتع بالعديد من الإمتيازات إبان إقامته في فرنسا نتيجة علاقته الوطيدة بالسياسيين الفرنسيين حتى حصل عام 2006 على بطاقة إقامة فى فرنسا صالحة لمدة عشر سنوات، فهل هذا هو النفى الاضطراري؟ لنقل إنه مشروع قطر الذى سقط .
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس
حرب السكاكين الطويلة في نداء تونس : الأسباب و المظاهر والتداعيات المنتظرة
شارك رأيك