الحوار الذي ادلى به رئيس الجمهورية لقناة الحوا ر التونسي يوم الاثنين 24 سبتمبر لم يمر مرور الكرام مثلما توقّعه البعض من المحلّلين بل كان له صدى واسعا في الاعلام الوطني والأجنبي الذي ركّز في جانب كبير على نقطتين هامتين القطيعة مع حركة النهضة والتمسّك بإجراء الانتخابات القادمة في موعدها المحدّد.
بقلم ابراهيم الوسلاتي
وفي قراءة متأنية للعلاقة بين حركة النهضة ورئيس الحكومة يوسف الشاهد وعلى ضوء تصريحات رئيس الجمهورية وفي ظل الأزمة السياسية الحادة بين رأسي السلطة التنفيذية والتي أصبحت حركة النهضة لاعبا أساسيا في تغليب كفّة أحد الطرفين يمكن استقراء ما يلي:
- مساندة النهضة ليوسف الشاهد مشروطة بإعلانه عدم الترشّح للاستحقاقات القادمة وانكباب حكومته على معالجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية…الى جانب الإسراع بإجراء تحوير وزاري…
- التحوير الوزاري القادم سيكون لحركة النهضة فيه رأي بل ستتدخل بشكل مباشر في تحديد ملامحه من ذلك أنّ محسن مرزوق لمّا اقترح على يوسف الشاهد مشاركة “مشروعه” في الحكومة لم يمانع في ذلك ولكن هذه المشاركة تبقى مشروطة بموافقة حركة النهضة التي لها أكبر كتلة في البرلمان.
- يوسف الشاهد شعر بالضغط المسلّط عليه من طرف نداء تونس والرأي العام على أساس أنّه أصبح أداة لدى حركة النهضة وللنأي بنفسه عن هذه “التهمة” بدأ يبتعد شيئا فشيئا عن منبليزير من ذلك التعيينات في سلك المعتمدين التي لم يكن للنهضة فيها حظ كبير( 7معتمدين مقابل 20 لنداء تونس)…
- هذه المعركة المنتظرة سبقتها تصريحات قد تؤجّج الأوضاع بين الطرفين أتت على لسان قياديين في الحركة لا ينتمون الى الصف الأوّل مثل السيد الفرجاني ومنار اسكندراني…والمعروف أنّه لا أحد من القياديين مهما كانت درجته يصرّح بمثل ما صرّح به الفرجاني دون اذن وموافقة الشيخ الكبير…
- حركة النهضة بدأت تشعر بالقلق إزاء كتلة “الائتلاف الوطني” التي قد تصبح الكتلة الثانية في مجلس نواب الشعب وتشكّل بالتالي عنصر توازن كبير بعد انهيار كتلة نداء تونس التي كانت في تناغم معها وقد تسحب منها القدرة على المبادرة والمناورة لفائدة رئيس الحكومة…
- حوار رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حول انتهاء التوافق مع النهضة بطلب منها كان له الوقع الكبير لا في تونس فقط بل في الخارج وهو الذي يعتبر الضامن في مدنيّة الحركة…فكان هذا الانتشار الواسع للقياديين النهضاويين في وسائل الاعلام ثم البلاغ الصادر عن الحركة لتثمين دور الرئيس والتأكيد على أنّ التوافق قائم ما دامت “العشرة” قائمة بين الشيخين…
- الباجي قائد السبسي لا زال يمتلك أوراقا للضغط على حليفه راشد الغنوشي الذي تقول بعض الروايات أنّه ” أقسم له على المصحف الشريف أن لن يغدر به” وقد ذكّره بذلك من خلال ما قاله الشاعر ابن حمديس للمعتمد ابن عبّاد اخر ملوك الطوائف الذي انتهى سجينا في منطقة أغمات قرب مرّاكش بعد ان أسّره يوسف ابن تاشفين زعيم المرابطين…
- الباجي قائد السبسي لا و لم ولن (الزمخشرية) يغفر ليوسف الشاهد اهانته العلنية لابنه ولا استفزازه من خلال اتخاذ القرارات دون استشارته حتى وان كانت تدخل في صلب صلاحياته الدستورية مثل اقالة وزير الداخلية السابق لطفي ابراهم وحذف وزارة الطاقة وووو….ويعتبر تصرفه هذا “تنطّعا” وتنكرا له ولفضائله عليه وهو الذي “صنعه” سياسيا ولم يكن من قبل شيئا.
- الفراق بين رئيس الحكومة وحركة النهضة لن يتجاوز في تقديري الخاص بداية فيفري 2019 أو مباشرة إثر المصادقة على مشروع قانون المالية وسيكون حينها يوسف الشاهد مجبرا امّا على الاستقالة أو بطرح تجديد الثقة على حكومته أمام مجلس نواب الشعب وما قد يحفّ بهذه العملية من مخاطر لعدم التيقّن من الحصول على الأغلبية المطلقة… ممّا قد يسمح لرئيس الجمهورية في تفعيل الفصل 99 من الدستور وقد المح الى ذلك في حواره الأخير…
- يوسف الشاهد سيلجأ الى تكوين حركة سياسية جديدة ترتكز أساسا على كتلة الائتلاف الوطني وعدد من القياديين السابقين في نداء تونس وقد شرعوا في اعداد العدّة لذلك من خلال احداث “تنسيقيات” جهوية…
المشهد السياسي سيعرف تقلبات كبيرة خلال هذه السنة الأخيرة من العهدة النيابية وقد تبرز تحالفات جديدة تقلب موازين القوى الحالية وستكثر فيها التجاذبات وتحتدّ مع اقتراب موعد الانتخابات…
شارك رأيك