أثار عرض لجنة الدفاع عن الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمى تلك الكمية الهائلة من المعلومات والوثائق التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك وجود بل استمرار وجود الجهاز العسكري السري لحركة النهضة وهو ما أربك قادة الحركة الإسلامية في تونس.
بقلم أحمد الحباسي
هذا الجهاز الذي كان يقوده الدكتور المرحوم المنصف بن سالم وبعض القيادات داخل الحركة أثار جدلا واسع النطاق داخل تونس وخارجها وطرح المراقبون تساؤلين حول هذا المرعب: هل كشف المؤتمر الصحفي المستور كما يقول النائب المنجي الرحوي والقيادى زياد لخضر وهما النائبان الذين تكفلا بشرح وتدقيق المعلومات في وسائل الإعلام أم أن حركة النهضة قد تمكنت من مواجهة هذه الكارثة بواسطة الوزيرين السابقين والنائبين بمجلس الشعب نورالدين البحيرى ومحمد بن سالم؟
الحركة تعاملت مع هذا الملف رغم خطورته بكثير من الرعونة
للإجابة يمكن القول أن التفاعل مع ما طرح من وثائق قد أثار تفاعل الملايين من الشعب التونسي وأن غزارة “المادة الإخبارية” قد سمح للنائبين الرحوي ولخضر بسهولة تفكيك كثير من الألغاز اعتمادا على عدة وثائق ناطقة بحقائق مرعبة و مذهلة في نفس الوقت ولذلك كان من الصعب على البحيرى وبن سالم الشخصيتين المتهمتين بالضلوع في تنفيذ العمليات الإرهابية وبتفخيخ القضاء مواجهة هذا الطوفان العارم والسيل المتدفق بحيث تم تدمير البنية التحية الفكرية المسمومة التي واجه بها الرجلان هذا الطوفان.
لقد كان من الأخطاء الكبرى والفادحة أن ترسل الحركة الرجلين المعروفين بالسفسطة الكاذبة و باللؤم السياسى الهابط الى مسرح الإعلام وهما لا يملكان الحد الأدنى من رباطة الجأش وقوة الحجة وسرعة البديهة والقدرة الكافية على الإقناع إضافة ان الأمر قد كان يتعلق بمعلومات ووثائق وتصريحات واتهامات محددة ناطقة بوجود الجهاز العسكري السري وبالتخابر مع دول أجنبية وتكوين جهاز للإغتيال وتعقب الأمنيين والعسكريين مع وجود كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة و أجهزة اتصالات متطورة ومجموعة كاميرات خفية لا تملكها عادة إلا أجهزة مخابرات الدول الكبرى.
هذا يثبت أن الحركة قد تعاملت مع هذا الملف رغم خطورته بكثير من الرعونة وسوء التقدير ويثبت أنها لم تجد من بين كوادرها من يريد أو يقدر على مواجهة هيئة الدفاع المقابلة أو مواجهة قيادات الجبهة ولعل مسارعة الناطق الرسمي باسم القطب القضائي سفيان السليطى إلى الدخول على الخط بإيعاز من الحركة كما يقول القيادى زياد لخضر قد زاد من قناعة المتابعين بأن النهضة قد تلقت هذه المرة ضربات إعلامية موجعة ستكون لها انعكاسات وارتدادات وإرهاصات على مستقبل الحركة برمتها.
حركة النهضة وعلاقاتها بأجهزة المخابرات الدولية
لقد كشفت هيئة الدفاع مجددا أن الهدف الأساسي والأهم لحركة النهضة والذى لم تعد قادرة على إخفائه والتستر عليه بعدما تم كشفه من سيل عارم من المعطيات الثابتة التي جاءت على لسان المتهم مصطفى خضر القيادى بالحركة والذى تقوم به بجميع الأساليب بما فيها الإرهاب وسفك دماء الأبرياء على يد هذا الجهاز العسكري السري الذى أنشأته منذ بداية نشاطها المشبوه في السبعينات هو تحقيق ما يطمح إليه ارتباطها المتآمر بتنظيم دولي وتنفيذ أجندة دولية تابعة لمنظومة الإخوان العالمية الممولة من دول وجهات أجنبية مثل قطر وتركيا والمخابرات الإيطالية.
كما كشف المؤتمر الصحفى لهيئة الدفاع أن حركة النهضة تتخذ من الخديعة واللؤم السياسي أساليب تعتبرها شرعية في منهجها لخداع المجتمع وتصنيفه على كونه مرتد يستحق سفك دمه.
لعل ما كشفته هيئة الدفاع من علاقة مخابرات بين جهاز الحركة السري والمخابرات الإيطالية والتركية يؤكد ان هذه الأجهزة قد اخترقت أروقة الحركة وأصبحت تسيطر على الشخصيات القيادية وصاحبة القرار فيها خاصة بما تملكه وتعرفه من اسرار عنها بحيث يؤكد المتابعون للندوة ان اعترافات مصطفى خضر بعلاقته بالمخابرات الإيطالية والتركية ان مركز صنع القرار داخل الحركة ليس قيادتها الاثمة بل دولا أجنبية متآمرة بعينها.
من حول الجهاز العسكري السري إلى الجهاز القضائي السري
مع ارتفاع حدة الجدل بين هيئة الدفاع وكوادر حركة النهضة وبعد إذعان النيابة العمومية تحت ضغط المجتمع المدني وما تضمنته تعليقات الفيسبوك من اتهامات مباشرة للسلطة القضائية وبالذات لوكيل الجمهورية الذي أذن بفتح التحقيق وهو الرجل المتهم علانية بكونه من تسبب في بطء الأبحاث وتمييع القضية عندما كان يباشر التحقيق في ملف اغتيال الشهيد شكرى بلعيد وكان من المنتظر إبعاده عن الملف نظرا لتشكيات هيئة الدفاع غير أن ضغوط الحركة تمكنت من مكافأته بالترقية إلى منصبه الحالي اكتشفت الهيئة مجددا أن هذا الإذن قد اعترته خطايا إجرائية لا يمكن أن تكون إلا مقصودة بغاية تحريف البحث عن مساره القانوني المناسب والمطلوب من الشعب التونسي بأغلبيته الساحقة.
هذه المحاولة غير البريئة من النيابة العمومية قد زادت في شكوك المتابعين وأكدت مرة أخرى ما جاء على لسان القاضية السيدة كلثوم كنو من وجود تلاعب في ملفات التحقيق المتعلقة بأكبر جريمة سياسية تحدث في تونس منذ الإستقلال ولعل هناك اليوم من يعتقد أن الأمر لم يعد يتعلق بالبحث والإستقصاء حول الجهاز العسكري السري لحركة النهضة بل البحث والإستقصاء حول وجود الجهاز القضائي السرى الذى يتعامل بمكاييل مختلفة مع القضايا ويحرف وجهتها عن قصد مسبق وبايعاز من الطرف المتهم بضرب مؤسسات الدولة وهي حركة النهضة التي تستعمل جهازها العسكرى السري لاغتيال خصومها وخدمة أطراف أجنبية و مشروع فوضى إرهابية خلاقة.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس
الوجه العاري لحركة النهضة : ما حكاية التنظيم السري ومخططات الإنقلاب على الدولة؟
هل أسقط التونسيون نظام بن علي من أجل نشر الفوضى والفساد والإرهاب ؟
الغنوشي وقايد السبسي، النهضة والنداء، وحكاية الإنفصال المعلن
شارك رأيك