على الرغم من انقضىاء 55 عاما على معركة الجلاء ببنزرت، وقد اندثرت معظم الأسلحة التي استعملت وتغيرت جلّ الخطط التي اعتمدت. وعلى الرغم من التطوّرات السريعة التي نعيشها في التسليح والتنظيم، إلاّ أنّ مبادئ هذه المعركة لا زالت قائمة وصحيحة.
العقيد محسن بن عيسى *
إن كان من المحتّم أن تتطور المقاربات، فإن العبرة تبقى في دراسة العوامل المختلفة التي أدت إلى جلاء قوات الإحتلال الفرنسية بما في ذلك ربط المعركة العسكرية بالمعركة الدبلوماسية لنصرة القضية التونسية.
لقد كان التصميم على النصر في هذه المعركة رغم عدم تكافؤ القوى، رمزا لخصال الشعب التونسي العريق، ونموذجا للكبرياء الوطني، وإحياء لتقاليد عريقة في مقاومة المحتل، وتميزا للدبلوماسية التونسية، وإدراكا برسالة الوطني تجاه وطنه.
تحية وفاء وعرفان بالجميل لشهداء وزعماء ورجال تلك المرحلة بمناسبة الذكرى 55 للجلاء.
لقد تمّ جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض تونس يوم 15 أكتوبر 1963، ولكن بدايتها كانت مع قوات الحرس الوطني التي تصدت يوم 30 جوان 1961 لأشغال توسعة مهبط الطائرات بثكنة سيدي احمد… ثم الدخول في المعركة الحاسمة مع قوات الجيش ضد قوات الاحتلال انطلاقا من 19 جويلية 1961. لقد كانت معركة دمويّة وغير متوازنة خاضها الجيش التونسي والحرس الوطني وسقط فيها عدد هام من الشهداء المدنيين والعسكريين مع 120 من الحرس الوطني. لقد ضمّن السجل القومي أسماء شهداء الوطن وخلّدت الذاكرة الوطنية أعمالهم، ولكن دمائهم التي ارتوت بها أرض بنزرت لازالت تذكرنا بأن نجعل شعارنا دوما “تونس أولا ” وعقيدتنا “سلوك كريم وعمل جليل”.
* عقيد متقاعد من سلك الحرس الوطني.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
تونس بين الأمس واليوم : عندما تضعف المشاعر الوطنية ينفرط عقد الدولة
العنف: كيف يستقيم السلوك العام بين “قوة القانون” و”قانون القوة “؟
شارك رأيك