ناجي جلول، حافظ قايد السبسي وسليم الرياحي.
لقد اثبتت حركة نداء تونس بكل مبادراتها التعيسة منذ 2015 أن قيادنها بعيدة كل البعد عن الممارسات الديمقراطية المطلوبة وأن العقلية المتكلسة لمديرها التنفيذي حافظ قايد السبسي ستؤدي في نهاية الأمر إلى اضمحلال النداء وخسارة كل المكتسبات المهمة التي تحققت لها في البداية إلى حدود انتخابات 2014.
بقلم أحمد الحباسي
يقول المتابعون انصهار حزب الإتحاد الوطنى الحر في حزب نداء تونس هو نتاج خلطة سرية جمعت بين طرفين متآمرين بنسب مختلفة، فالسيد سليم الرياحي لم ينصهر في نداء تونس لوجه الله أو من باب الفروسية السياسية المفقودة، بل هم الرجل هو نهش جسد الدولة المنكوبة في محاولة بائسة ويائسة للتخلص من بعض الملفات القضائية المفتوحة على كل الإحتمالات أو التي لا تزال قيد البحث.
الطرف الثانى في هذا التحالف المنبوذ هو ابن رئيس الدولة حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لنداء تونس الذي يريد من هذا التحالف أن ينقذ سفينة الحزب المثقوبة من جميع الجهات والتي تكاد تغرق تماما كما حصل مع سفينة التيتانيك الشهيرة.
إلتقاء بين غريقين متعبين فاقدين للبوصلة
الطرفان يجمعهما التكالب على الحكم والرغبة في إزاحة رئيس الحكومة يوسف الشاهد كشخص قادر على الترشح والفوز في انتخابات الرئاسة سنة 2019، وهنا تتفق رغبة الطرفين مع رغبة حزب النهضة كما لوحت قياداته في أكثر من تصريح إعلامي في الأسابيع الأخيرة.
بطبيعة الحال، هذا التحالف المفاجئ يثير في الأذهان كثيرا من علامات الإستفهام نظرا لماضى الرجلين في تدبير الدسائس والمؤامرات السياسية، وهو ما كشفته تسريبات النائبة ليلى الشتاوي وتصريحات المنشقين عن الوطنى الحر محسن حسن وماهر بن ضياء.
يعتقد كثير من المتابعين أن ما ينطبق على الرجلين هو المثل الشعبى المعروف “اتلم التعيس على خائب الرجاء”، وهو مثل يعنى فيما يعنى اجتماع شخصين لهما نفس الصفات والطباع يسعيان لتحقيق هدف مشترك لن يرى النور في غالب الظن لأن أحدهما فاشل والثاني يعاني من نفس المشكلة.
إن التقاء الرياحي و السبسي الإبن هو التقاء بين غريقين متعبين فاقدين للبوصلة وغير ملمين بما يحدث حولهما من تكتل الضباع والوحوش التي لا تنتظر إلا اللحظة الصفر لإبعادهما من المشهد السياسي نهائيا.
“المرحوم” النداء لن يترك مخلفا للورثة القابعين بمقر الحزب
المضحك أكثر أن هناك من يسوق مثل النائب المنجي الحرباوي إلى أن ابن الرئيس قد أتى بالأسد من أذنه أو أنه بهذا التحالف قد أنقذ نفسه من الإنهيار السياسي والنفسي وبات اليوم رقما صعبا في المشهد السياسي المرتبك، في حين أن كل الإشارات و الأدلة تؤكد أن حزب النداء قد مات سريريا منذ فترة ولا ينتظر البعض إلا إعلان وفاته خاصة و أن “المرحوم” لن يترك مخلفا للورثة القابعين بمقر الحزب والذين راهنوا يوما على نجاحه وعلى كونه سيكون الحصان الرابح في كل المعارك السياسية والإنتخابية بل سيكون حصان طروادة الذى سيختفون داخله حتى ساعة الإنقضاض على الحكم.
لعل قبول ابن الرئيس بالتحالف مع الوطنى الحر ليس رغبة كما يقال في الإعلام على لسان قيادة حركة نداء تونس في تجميع العائلة الديمقراطية في مواجهة مخططات حركة النهضة التي تستهدف أسس الدولة ومؤسساتها وخيرة شبابها بل هو حالة تنازل مشبوهة مقابل البقاء على مقعده في ما تبقى من حزب النداء، ولعل ما يفعله ابن الرئيس لا يصدقه عقل سياسى متزن لأن الرجل بهذا التحالف ربما قد كسب بعض النواب لكنه كان بإمكانه لو تحلى بالبراغماتية وحسن تدوير الزوايا المحافظة على ما تضمنه الحزب من أغلبية نيابية فائزة في الإنتخابات التشريعية سنة 2014، في حين يعلم السيد سليم الرياحى أن انصهاره في حركة النداء سيكون مصيره مصير ورقة جربة الشهيرة الموقعة بين الراحلين الحبيب بورقيبة ومعمر القذافي والتي لم تصمد سوى بضعة أسابيع كانت كافية للمرحوم الهادة نويرة بإقناع الرئيس بالرجوع عن هذا المسار غير المضمون مع شخصية متقلبة فشلت دائما في كل مشاريعها الوحدوية.
الحسابات الخاسرة لرئيس الجمهورية
لكن يبقى السؤال هل أن رئيس الدولة هو من يقف وراء هذه الزيجة السياسية التي ستعطى جرعة تنشيطية لحزب مشرف على السقوط ويعانى من فرار كثير من القيادات الكرتونية.
نحن لا نفضح سرا حين نؤكد أن أزمة حركة نداء تونس ليست أزمة يمكن رتقها بسهولة لأن ما يحدث في الحركة منذ رحيل الرئيس المؤسس الى قصر قرطاج هي أزمة مؤسسات وبرامج هيكلية وديمقراطية قيادية، لذلك نقول أنه لا يمكن أن يكون السيد ابن الرئيس المشكل وهو الحل في الآن نفسه، فمعلوم أن الجميع ينادون برحيله كشرط أساسي لعودة المنسحبين من الحركة وأن إصراره على البقاء هي محاولة إنتحارية له و للحزب.
إن دخول رئاسة الدولة على الخط بدفع الوطني الحر إلى الإنصهار المتسرع داخل حركة نداء تونس هو لعب بالنار أو لعب في الوقت الضائع بصورة أدق، وهذه الخبطة السياسية لن تؤدي الى محل طالما أن المدير التنفيذي غير قادر على بلورتها في شكل حل بإمكانه إنقاذ النداء من السقوط.
إن الحلول المسقطة لا تنجح كثيرا في تونس ولا يمكن أن تنجح طالما أن القواعد لم تكن على علم بهذه المبادرة.
لقد اثبتت حركة النداء بهذا الصنيع أن القيادة بعيدة كل البعد عن الممارسات الديمقراطية المطلوبة اليوم وأن العقلية المتكلسة للمدير التنفيذي ستؤدي في نهاية الأمر إلى اضمحلال النداء وخسارة كل المكتسبات المهمة التي تحققت في البداية إلى حدود انتخابات 2014.
والان و بعد أن عرفنا من هو المتعوس ومن خائب الرجاء هل سنشهد قريبا نهاية هذه الزوبعة ويعود كل إلى قواعده صفر اليدين.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
الغنوشي وقايد السبسي، النهضة والنداء، وحكاية الإنفصال المعلن
حرب السكاكين الطويلة في نداء تونس : الأسباب و المظاهر والتداعيات المنتظرة
شارك رأيك