إن افتعال إعادة محاكمة مسؤولين سابقين وقعت تبرئتهم من القضاء مثل أحمد فريعة وأحمد السماوي وغيرهما بطلب من سهام بن سدرين وهيأة الحقيقة والكرامة محاولة بائسة ومفضوحة من حزب النهضة الإسلامي للتشويش على إرتدادات وتفاعلات المؤتمر الصحفي لهيئة الدفاع في ملف اغتيال شهيدي الوطن بلعيد والبراهمي.
بقلم أحمد الحباسي
عندما كشفت هيئة الدفاع في قضية إغتيال التشوهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي جملة من الوثائق والمعطيات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك وجود جهاز عسكري سري تابع لحركة النهضة مهمته تنفيذ الإغتيالات السياسية والتآمر على أمن الدولة وتوفير الأرضية المناسبة للإستيلاء على الحكم بالقوة وما إلى ذلك من المعطيات المرعبة، تطلع المتابعون إلى نوعية الرد الذي ستأتيه هذه الحركة خاصة وأن افتضاح أمرها قد تم على بعد “أمتار” قليلة من انتخابات 2019.
فجأة، ودون مقدمات وعلى عادة الحركة في صنع المتفجرات الإنشطارية السياسية، ألقت هيئة الحقيقة والكرامة، الفرع والذراع القوية المعلنة للحركة الإسلامية، قنبلة غير منتظرة تتمثل في اعتزامها إعادة محاكمة وزير الداخلية السابق أحمد فريعة بعد أن برأته المحكمتين المدنية والعسكرية براءة تامة من كل التهم المنسوبة اليه على خلفية أحداث الثورة التونسية في جانفي 2011.
التآمر على مسار الإنتقال الديمقراطى المتعثر
الإستنتاج الأول يحيلنا إلى الرابط الموضوعي بين توقيت إعلان قرار الملاحقة القضائية وملف اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمى. كل التحاليل الإعلامية تؤكد وجود هذا الرابط وأن إسقاط قضية إعادة المحاكمة أريد أن يوُظف إعلاميا للتعمية على ما توحي به المعلومات الخطيرة التي جاءت في الندوة الصحفية لهيئة الدفاع، وهي معلومات مرعبة جعلت بعض الأصوات ترتفع رفضا لمشاركة حزب النهضة في الإنتخابات القادمة في ظل ثبوت تآمره الفاضح على الدولة بل على كامل مسار الثورة ومسار الإنتقال الديمقراطى المتعثر.
الإستنتاج الثاني أن هيئة الحقيقة والكرامة التي “نهبت” مليارات من قوت الشعب ليست في الحقيقة والواقع إلا الذراع السياسية والقضائية الموازية التي تخدم أجندة حركة النهضة التي تخدم بدورها أجندة دول خليجية وغربية باتت معروفة بالإسم، وبالإنتباه إلى بعض المحطات التي كانت هذه الهيئة المشبوهة طرفا فيها تتبين العلاقة التآمرية القذرة بين الحركة والهيئة ودكاكين المخابرات والسفارات الأجنبية.
الإستنتاج الثالث له صلة بالسباق الرئاسي المحموم وبحالة البحث عن مواقع جديدة خاصة بعد الخلاف العنيف بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة والذى تحاول حركة النهضة الإستفادة منه قدر المستطاع في ظل حالة هبوط سياسية حادة لدى شريكها القديم في الحكم حركة نداء تونس، وهنا من المؤكد أن المعلومات الخطيرة الواردة بالمؤتمر الصحفى لهيئة الدفاع قد خلق حالة من الإرتباك والذعر السياسية وكان على الحركة الإستنجاد بأداتها الجاهزة، هيئة الحقيقة والكرامة المنتهية الصلاحية قانونا وأخلاقيا، و ذلك لضرب عصفورين بحجر واحد، الأول التخلص من ارتدادات المؤتمر الصحفي، والثانى إمتحان ردود فعل رئيس الحكومة المكبل باستحقاق التصويت على ميزانية الدولة والذى يحتاج فيه الى أصوات الحركة ودعمها السياسي للوقوف في وجه خصمه ابن الرئيس الجاثم على أطلال حزب نداء تونس.
الإستنتاج الرابع أنه برمى هيئة الحقيقة والكرامة بموضوع إعادة محاكمة السيد أحمد فريعة الى ساحة التكالب الإعلامي والسياسي، وفي هذا التوقيت بالذات فإن أخشى ما يخشاه البعض أنه بمرور الوقت سيتحول ملف الإغتيال إلى كلام روتيني مناسباتي عبر وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، وهذا ما يريده القتلة المأجورون التابعون للجهاز العسكري السري لحركة النهضة أو على الأقل سيساهم في تبريد الأجواء لحين مرور الإستحقاق الإنتخابي التشريعي والرئاسي لسنة 2019.
رموز القضاء المتهمين باغتيال الحقيقة في ملف الشهداء
الإستنتاج الخامس أن من استمع للسيدة روضة القرافي، الرئيسة الرفية لجمعية القضاة التونسيين، مساء أمس، الجمعة 26 أكتوبر 2018، على قناة التاسعة، وهي تؤكد بأن تحجير السفر على السيد أحمد فريعة هو إجراء قانوني، بات يدرك مليا حالة تشابك المصالح الانية بين حركة النهضة وبين بعض رموز القضاء المتهمين باغتيال الحقيقة في ملف الشهداء المدنيين والعسكريين في علاقة بممارسة الحركة لإرهاب الدولة عندما كانت في الحكم وجملة الشبهات المتعلقة بضلوعها في تسفير الإرهابيين إلى سوريا ورعاية الإرهاب وتمويله وتسليحه داخل البلاد.
تصريح السيدة القاضية مثير للشبهات وما كشفه الصحفي محمد بوغلاب عن علاقة الجمعية برئيسة هيئة الحقيقة والكرامة وتساؤله العلني حول هذه العلاقة وتوقيت تدخل القاضية في ملف السيد أحمد فريعة يعطي الدليل على أن توقيت إسقاط ملف السيد أحمد فريعة داخل حلبة النهش السياسي و الإعلامي هو تدبير مريب وخبيث لحركة النهضة وأزلامها في مجالات القضاء الفاسد وإعلام الرشاوي وساسة السياحة الحزبية ونواب لوبيات الفساد. كل ذلك للتعتيم المقصود على إرتدادات وتفاعلات المؤتمر الصحفي لهيئة الدفاع في ملف اغتيال شهيدي الوطن بلعيد والبراهمي.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
بين الغوغاء الجدلية والواقع : حماية الأمنيين في تونس فرض عين وليس فرض كفاية
مجلس نواب الشعب في تونس : لغط، مهازل، فضائح، والعرض البائس مستمر…
تونس : هل المطلوب تغيير العقليات المهترئة والأساليب البالية أم تغيير يوسف الشاهد ؟
شارك رأيك