كشف مصدر ديبلوماسي جزائري موثوق لـــ”أنباء تونس” أن قطر باشرت منذ مدة-أزيد من 3 أشهر-بلعب دور الوساطة لرأب الصدع بين الجزائر و المغرب و تقريب وجهات النظر بين مسؤولي البلدين كمحاولة قوية منها لوضع حد لعدة عقود من الجفاء في العلاقات بينهما و التي بلغت في بعض الحالات تصعيدًا خطيرًا.
و بحسب ذات المصدر فإنه و بالرغم من أن الجزائر ترفض جملة و تفصيلا قبول الوساطة بينها و بين المغرب من طرف أية جهة ما لأنه ليس هناك ما بين البلدين ما يستوجب التوسط بينهما،على إعتبار أن قضية الصحراء الغربية و هي مربط الفرس في توتر العلاقات بين البلدين تعتبر قضية خاصة بتصفية الإستعمار و هي مسجلة لدى الأمم المتحدة و تعتبرها الجزائر قضية بين المغرب و جبهة البوليزاريو فيما يعتبرها المغرب قضية بينه و بين الجزائر،إلا أن أمير دولة قطر شخصيًا أقنع المسؤولين الجزائريين بضرورة إعادة الدفء للعلاقات بين الجزائر و المغرب لأن ذلك يدخل في مصلحة البلدين و المنطقة المغاربية ككل و أنه قد حان الوقت للتجرد من الذاتية و الإلتفات إلى مستقبل الأجيال القادمة خاصة في ظل الظرف الراهن المتسم بالكثير من التحديات الهامة و التي تتطلب الإتحاد و تظافر الجهود و عدم الإنزواء على النفس.
و أفاد مصدرنا أن عدد من المسؤولين القطريين كانوا قد زارو الجزائر و المغرب خلال الأشهر الأخيرة في زيارات مُعلنة و أخرى تمت في سرية تامة في إطار الوساطة المذكورة و التي ترفض الجزائر إعتبارها وساطة بمعناها الشائع و إنما محاولة قطرية “مشكورة” لتذليل العقبات بين الجزائر و المغرب.
و كان الملك المغربي، محمد السادس قد عبّر عن استعداد بلاده “للحوار المباشر والصريح” مع الجزائر لتجاوز الخلافات القائمة بين البلدين و ذلك لأول مرة منذ سنوات، مقترحًا، إحداث آلية سياسية مشتركة للتشاور.و إقترح الملك المغربي الدخول في حوار مع الجزائر لمناقشة جميع الملفات العالقة بدون إستثناءات.
و اقترح محمد السادس تأسيس لجنة للحوار بغرض تجاوز الجمود القائم في العلاقات مع الجزائر، داعيا إلى تفعيل العلاقات الثنائية والعمل على إيجاد حلول للمشاكل المطروحة.و قال: “اعتمدنا الوضوح والطموح في سياساتنا الخارجية مع الجميع، خاصة مع الأصدقاء”، وأنه من الضروري الاعتراف بأن العلاقات مع الجزائر غير طبيعية وغير معقولة.وأضاف أن اللجنة قد تشكل إطاراً عملياً للتعاون ، بالتركيز على مختلف القضايا الثنائية ، خاصة تلك المتعلقة باستغلال الفرص والإمكانات التنموية للمنطقة المغاربية.
وجاء خطاب الملك المغربي الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى الـ43 للمسيرة الخضراء التي شكلت منطلقاً لاستعادة الصحراء الغربية من إسبانيا، إلا أن جبهة البوليساريو رفضت الاندماج بالمغرب وتسعى منذ 1976، إلى إقامة دولة مستقلة و تم فعلاً الإعلان عن قيام دولة الجمهورية العربية الصحراوية و إعترف بها عدد كبير من دول العالم، ليشكل نزاع الصحراء السبب المعلن لتوتر العلاقات المغربية الجزائرية. وترعى الأمم المتحدة منذ 1991 عملية التسوية السلمية للنزاع الذي يتمسك المغرب بأن الجزائر طرف رئيسي، وأن جبهة البوليساريو ليست إلا أداة بيدها، فيما تصر الجزائر على أنها ليست معنية بالنزاع إلا من منطلق دعمها لحق تقرير المصير، وأن النزاع على حدودها ليس إلا.
و لعلى ما يؤكد صحة الوساطة القطرية بين الجزائر و المغرب هو مسارعة قطر للترحيب بدعوة الملك المغربي محمد السادس إلى حوار صريح ومباشر مع الجزائر، لتجاوز الخلافات، بحسب بيان لوزارة الخارجية القطرية صُدر اليوم الأربعاء.لتكون قطر أول بلد في العالم يُثمّن ذلك عكس دول الجوار مثلاً مثل تونس و موريتانيا و حتى ليبيا.
وأضاف البيان القطري: “كما ترى دولة قطر أن فتح قنوات الحوار والدبلوماسية بين البلدين الشقيقين من شأنه أن يجلي سحابة الخلاف. إن دولة قطر على ثقة عالية من حكمة كلا القيادتين ومن رغبتهما في تسوية الخلافات التي طال أمدها ومن حرصهما على إعلاء مصلحة شعبيهما لما فيه الخير والرخاء”.
وتحتفظ دولة قطر بعلاقات مميّزة مع كل من الجزائر والمغرب على حد سواء.ونتيجة للعلاقات المميزة التي تربط قطر بكل من الجزائر والمغرب، قد تنجح الوساطة التي باشرتها منذ مدة و قد تنتهي بتطبيع العلاقات بين الجزائر و المغرب.
و الجدير بالذكر أنها ليست المرة الأولى التي تتدخل دولة ما من أجل الوساطة بين المغرب والجزائر، حيث سبق للعاهل السعودي الراحل، الملك فهد بن عبد العزيز، أن نجح سنة 1988 في مصالحة الملك المغربي الراحل الحسن الثاني مع الرئيس الجزائري الأسبق الراحل الشاذلي بن جديد في لقاء تاريخي بمدينة وجدة.
موقع”ميدل إيست آي”البريطاني تحدث عن وساطة تونسية بقيادة الغنوشي بين الجزائر و المغرب
و كان راشد الغنوشي، زعيم حركة “النهضة” التونسية، قد إقترح قيامه بدور الوساطة بين المغرب والجزائر من أجل تصفية الأجواء و رأب الصدع و التقريب بين وجهات النظر بين الجارين و ذلك عبر الجلوس إلى طاولة الحوار و التطرق إلى جميع النقاط الخلافية التي تسببت في توتير العلاقة بين البلدين.
و أفادت مصادر إعلامية بريطانية إن زعيم التنظيم الإسلامي “النهضة” راشد الغنوشي أجرى مكالمة هاتفية قبل أيام مع رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، والوزير الأول الجزائري أحمد أويحيى، من أجل اقتراح وساطة تونسية للحد من التدهور المستمر للعلاقات المغربية الجزائرية.
و بحسب ذات الموقع فقد “نفى رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ، الذي اتصلت به ميدل إيست آي ، تلقيه أي اتصال من راشد الغنوشي”.وكشف مصدر دبلوماسي جزائري للموقع البريطاني “ميدل إيست آي” أن الغنوشي، أبرز الإسلاميين التونسيين، تحدث مع رئيس الحكومة الجزائرية ليعرض عليه التوسط لدى “شخصيات مغربية مؤثرة”.
وأشار الموقع إلى التقارب الإيديولوجي الإسلامي بين زعيم حركة “النهضة” وحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، والعكس مع الجزائري أحمد أويحيى الذي يُقال إنه “يكره الإسلاميين”.و جاء في الموقع البريطاني أنه “في يناير 2017 ، التقى أحمد أويحيى ، رئيس الأركان في رئاسة الجمهورية ، مع الزعيم الإسلامي في تونس ، كجزء من الجهود الرامية إلى إيجاد حل للأزمة في ليبيا.
ووفقاً للمعلومات التي جمعتها “إي إم إي” ، ورد أن رئيس الوزراء الجزائري أخبر المحاور التونسي أنه لا يرى “الحاجة إلى أي وساطة” لأنه “في المغرب لوقف حملته الإعلامية التي تستهدف الجزائر”.
“من غير المحتمل أن ينجح هذا الاقتراح” ، يصر مصدرنا في الشؤون الخارجية الجزائرية “لأن القرار بشأن الأزمة الحالية بين الرباط والجزائر العاصمة يعتمد بشكل كامل على القصر الملكي”.
وذكرت المعطيات ذاتها أن الوزير الأول الجزائري أخبر الغنوشي بأنه “لا يرى حاجة إلى أي وساطة في ظل الاتهامات المغربية المتكررة التي تستهدف الجزائر”، بحسب تعبيره.
و أوضح الموقع “إن الرئاسة تدرس مجموعة من الخيارات للرد على الحملة المغربية” ، كما يقول زرالدة (المقر الطبي لعبد العزيز بوتفليقة) لــــ MEE. “ما يفعله المغرب لا يستحق دولة تربطها الجزائر بعلاقات دبلوماسية” ، قال مصدرنا في الشؤون الخارجية. “هذا ما تم توضيحه للسفير المغربي عندما تم استدعائه. ”
في الشهر الماضي ، أشار رئيس الدبلوماسية الجزائرية إلى أن الجزائر “لا تعتبر نفسها صاحبة مصلحة في التوتر الحالي” ، ومسألة الصحراء الغربية هي “مسألة إنهاء الاستعمار”.
يشير مصدر في مجلة Foreign Affairs إلى أن “الوزارة تتواصل حاليًا مع سفراء دول مجلس التعاون الخليجي [مجلس التعاون الخليجي والمملكة العربية السعودية وعمان والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر]” بالتفصيل موقف الجزائر العاصمة الذي يواجه أحدث اتهامات المغرب.
“حتى أن البرقيات الدبلوماسية قد أرسلت إلى سفارات الدول العربية الرئيسية لنقل المعلومات إلى عواصمها. كما سترسل الجزائر مبعوثين في بعض العواصم العربية وتدرس الشؤون الخارجية إمكانية تنظيم سفراء الدول العربية الكبرى في مخيمات تندوف حتى يكون لديهم رؤية أكثر توافقاً مع الواقع. ”
وأضاف المصدر الدبلوماسي الجزائري أن “وساطة الغنوشي على المستوى الحكومي مآلها الفشل لأن القرار بشأن الأزمة الحالية بين الرباط والجزائر يدبر على مستوى المؤسسة الملكية وليس الحكومة”.
من الجزائر:عمّــــــــار قـــــردود
شارك رأيك