نحن نعيش فى زمن “ما حدش فاهم حاجة”… و Yلا كيف تفسرون أن ملايين العرب بكل مالهم وعتادهم وأفكارهم ودراساتهم ومحلليهم العسكريين وكبار ضباطهم أصحاب النظارات الرفيعة والنياشين المزينة لملابسهم العسكرية لا يقدرون على إسرائيل… ولا يقدرون حتى على توفير الرفته لشعوبهم
بقلم أحمد الحباسي
أسال وأريد أن أفهم : هل نحن مع القضية الفلسطينية؟ هل تهمنا القضية الفلسطينية؟ إذن لماذا لا يتحد العرب لإنقاذ فلسطين وما الذى يمنع القادة العرب من الإجتماع لتقرير خطة واضحة لتحرير فلسطين؟ نحن نريد إجتماعا عربيا على مستوى القيادات يخرج علينا بنقاط واضحة محددة تؤدى إلى استقلال فلسطين واسترجاع الأرض وبقية الحقوق الفلسطينية، هل هذا بعسير؟
هناك من يقول أن حالة الإختلاف بين الأنظمة العربية تمنع عقد مثل هذا الاجتماع. هذا مجرد هراء وكذب، فقد رأينا القيادات العربية تجتمع فى تونس فى مؤتمر وزراء الداخلية العرب ورأينا اجتماعا فى مصر لوزراء الخارجية العرب وهدف الإجتماعين استصدار قرار بوصم حزب الله بالإرهاب.
الأنظمة العربية فى أغلبها لا تريد تحرير فلسطين
فى الوقت الراهن لا يهمنا البحث فى حيثيات القرار على أهميته وسلبيته ولا فى أسباب التسرع فى هكذا اجتماعات ولماذا سلطت كل تلك الضغوط على بعض البلدان الرافضة لاستصدار هكذا قرار وما يهمنا أن نقول ونؤكد هو أن الإجتماع فى حد ذاته ممكن ومقدور عليه ولا ينقص إلا الإرادة السياسية، هذه الارادة التى تحضر وتغيب وهو ما يؤكد أن الأنظمة العربية فى أغلبها لا تريد تحرير فلسطين.
نحن نعيش فى زمن “ما حدش فاهم حاجة”… وإلا كيف تفسرون أن ملايين العرب بكل مالهم وعتادهم وأفكارهم ودراساتهم ومحلليهم العسكريين وكبار ضباطهم أصحاب النظارات الرفيعة والنياشين المزينة لملابسهم العسكرية لا يقدرون على إسرائيل التي نالت ما نالت من غضب حزب الله طيلة 33 يوما من القصف والصمود الأسطوري حتى جاء بتقرير لجنة التحقيق الصهيونية أو ما يسمى بتقرير فينوغراد الشهير ما جاء من تفسير لتلك الخيبة العسكرية التاريخية التي تدرس فى أعظم الكليات الحربية العالمية، يعنى بالعربى البسيط كيف تعرضنا للنكسة أيام حرب 1967 ونحن بتلك الجموع والقوة والشعارات وانتصرنا فى تموز 2006 ونجن بتلك الأعداد القليلة وفي ظرف عربى سيء كان من غرائبه أن يطالب عمرو موسى أمين الجامعة العربية حزب الله بالتوقف عن القتال فورا تحت طائلة إتهامه بكونه البادئ بالعدوان على “دولة إسرائيل المسالمة”، أي والله، وأن يخرج علينا ملك السعودية السابق وحاكم مصر المعزول من بين اخرين مطالبا إسرائيل صراحة بضرورة كسر عظم المقاومة ولو تطلب الأمر أشهرا عديدة من سيلان دماء الأبرياء وهدم البنية التحتية اللبنانية.
لا يزال مشروع التفتيت لم يصل إلى مرحلته النهائية
لا تزال ليبيا الشقيقة تحت الإحتلال التكفيري الإرهابي القطري الخليجي التركي وفي مرمى المخطط الصهيوني الأمريكي الغربي لنهب خيراتها النفطية وزرع الفتنة الدائمة في مساحتها وتفتيتها إلى مقاطعات متنافرة وغير قابلة للتوحد والوحدة ولا يزال عبد الحكيم بلحاج وبقية زعماء الإرهاب والتكفير يمارسون الضلالة الجدلية والنهب والقتل والتعذيب والترويع ولا يزال المشير خليفة حفتر ومن والاه يسعون إلى الإستيلاء على بلد مستعمر ولا يزال بعض السياسيين الليبيين المخترقين من كل أجهزة مخابرات العالم وسفاراته يمارسون الدعارة السياسية دون حمرة خجل ولم يبق مؤمنا بهذا البلد غير حفنة بائسة من الشعب الليبي الرافض للتقسيم والقفز في المجهول والإنخراط في خطاب الإرهاب والبحث عن إنشاء دولة الخلافة الواهمة.
ربما لا يزال مشروع التفتيت لم يصل إلى مرحلته النهائية وربما فقد الجميع الأمل في أرض ليبية ونظام ليبى موحد من الان ولكن المثير في الأمر أنه لا أحد يتحرك من قادة العرب الميامين للبحث عن حل عربي للأزمة الليبية وكل ما نراه ونسمعه هو مجرد لغو ديبلوماسى ومحاولات فاشلة لرتق وطن مزقه الجميع.
استمعنا إلى ملك المغرب وإلى خطاب ملك المغرب الموجه إلى اذان القيادة الجزائرية منذ يومين بحثا عن حلول لأزمة العلاقات المتوترة بين البلدين، بالطبع رفضت القيادة الجزائرية الطبخة المغربية واكتفت بالصمت المعهود، لكن من الواضح أن وسائل الإعلام الجزائرية قد عبرت بصوت عال عما أخفته القيادة الجزائرية المريضة، ليبقى السؤال، من هو على حق ومن هو على باطل ومن يصدق النيات الملكية المغربية ومن يقف مع الصمت الجزائري ولماذا تكلم الملك محمد السادس الان وهل يمكن للقيادة الجزائرية الإطمئنان إلى أي موقف يصدرعن ” الملك المفترس” كما جاء في أحد الكتب الممنوعة في المغرب.
يتحدث أحد المحللين التونسيين بأنه لو ترك للشعبين الشقيقين حرية الإختيار والبحث عن الحل لانتهت المشكلة ولكن إصرار القيادات العربية دائما على إسقاط الحلول الفوقية سيبقى سبب المشاكل المتراكمة والتي أدت بالمنطقة العربية إلى مثل هذه الحالة من السقوط و الهوان والذل.
رهانات حكومة الشاهد في الوضع الدولي الغامض
لقد انتظرنا مع المنتظرين تشكيل الحكومة وخرج علينا في الأخير رئيسها السيد يوسف الشاهد معلنا تركيبتها الجديدة، لم يشأ الرجل الخضوع إلى حصة السؤال والجواب الصحفية لأسباب غير معلومة ولذلك شهدت الحصص التلفزيونية متابعة كثيفة غير أن اللافت أنه لا أحد من هؤلاء السيل من المحللين ذوي المشارب السياسية المختلفة شفي غليل المتابعين وكشف لهم خفايا التغيير وما سيحصل أن حصل، بطبيعة الحال ما حصل مجرد خبطة في الماء لا تبشر بالخير العميم ولا بانقشاع سحب الإحباط المتصاعدة لأن المطلوب من رئيس الحكومة ليس تغيير الأشخاص المخلين بواجباتهم بل تغيير السياسة الحكومية المتردية منذ أشهر في وحل الخلافات السياسية بين شركاء الحكم ومعارضيهم.
في قراءة سريعة لموازنة عام 2019 لا يجد رجال الإقتصاد أي مؤشر إيجابى وكأننا بالحكومة تقول إننا سنمضى في نفس النهج الذي تتراكم به المديونية ويتضاعف به العجز وتزداد حالة المواطن بؤسا وبطالة، بقى شعار المرحلة هو الضبابية وممارسة الحكومة لرياضة رفع الأسعار والسهو المتعمد عن إيجاد الحلول العاجلة، و في صورة عدم نجاح الشاهد في رفع التحديات المطروحة في الأسابيع القليلة القادمة فالمحللون يجمعون أنه سيخسر مستقبله السياسى بكل تأكيد.
مقالات لنفس الكاتب بأنباء تونس :
النهضة عندما تتعرى أكثر : إفتعال قضية أحمد فريعة للتعتيم على قضيتي شكرى بلعيد ومحمد البراهمي
بين الغوغاء الجدلية والواقع : حماية الأمنيين في تونس فرض عين وليس فرض كفاية
مجلس نواب الشعب في تونس : لغط، مهازل، فضائح، والعرض البائس مستمر…
شارك رأيك