بدعوة من وزارة الخارجية الإيطالية و مركز الدراسات للسياسات الدولية بإيطاليا حضر راشد الغنوشي ضمن “منتدى روما للحوارات المتوسطية ” ندوة بعنوان “الهوية الإسلامية الجديدة: السياسة والعلوم والثقافة في عالم متعدّد” وألقى محاضرة تطرّق فيها إلى المتغيّرات التي يشهدها العالم.الغنوشي أكّد في محاضرته أنّ حركة النهضة مشروعها ثابت في مرجعيته، منفتح على حاصل التجربة الإنسانية ومكاسبها، متفاعل مع بيئته ومع أهمّ الفاعلين فيها على قاعدة الاعتراف المتبادل والتعايش من أجل المصالح العامة للوطن والمواطن. مؤمنة بتعزيز حقوق المرأة و حماية مكاسبها و حماية حقوق الأقليات.
وأبرز الغنوشي في محاضرته أيضا أن تونس تقدّمت أشواطا مهمة في مسار تحقيق الديمقراطية وبصدد بناء الكتلة التاريخية الضرورية للعبور نحو الاستقرار وتحقيق استحقاقات الثورة. مضيفا أن الكتلة التاريخية ، كما عبّر عنها أنطونيو غرامشي، تكون بطبيعتها متعدّدة الأطراف والخلفيّات، تجمع العائلات الفكرية والسياسية والقوى الاجتماعية الكبرى، كما تكون متوافقة رغم تعدّدها على أساليب ديمقراطية لإدارة الاختلاف والتداول السلمي على السلطة بحسب نتائج الصندوق، متخفّفة من الأيديولوجيا واستقطاباتها، وتتنافس في خدمة الوطن والمواطن من أجل إستكمال البناء الديمقراطي الراسخ.
من جهة أخرى أشار الغنوشي إلى أن التجربة التونسية لا تزال تقاوم من أجل محاصرة دعوات تأتيها من غلاة اليمين واليسار بالإقصاء والتهميش وبتأجيج الاحتقان الاجتماعي لتوفير مناخ لكراهية المخالف وشيطنته والتفكير في إقصائه بكل الوسائل. مشيرا إلى بعض الأطراف السياسية التي لا تزال تصرّ على عدم تبادل الاعتراف بالنهضة وعلى التعامل معها باعتبارها ملفا أمنيا وليست حزبا سياسيا وعمقا اجتماعيا وثقافيا وفاعلا وازنا في المشهد السياسي قاوم الاستبداد قبل الثورة ويساهم بعدها في بناء الجمهورية الثانية والدفاع عن الدولة من مواقع متقدّمة بشرعية انتخابية وشعبية واسعة راسخة ومتجددة وفي قيادة قاطرة المصالحة مع العائلة الدستورية التي تقبل بشرعية الثورة ودستورها ونظامها السياسي.
الغنوشي قال إن حركة النهضة تعتبر الحضارة فضاءا حرّا، مفتوحا ومنفتحا تتعايش فيه الأفكار والعقائد المختلفة بعد أن تتوفر لها فيه كل الظروف المساعدة على الإنتاج والابداع. مشدّدا على أن كلّ مجتمعات الإسلام قبل عصر الاحطاط و الاغلاق كانت فضاءات حرّة استوعبت التعدد الديني والعرقي واللساني وأنتجت تجارب ناجحة في التعايش والعيش المشترك وإبداعا في العلوم والثقافة والعمارة وغيرها
ففي تاريخ الإسلام نجد العديد من الأمثلة لمدن التي كانت حافلة بالتعددية و العلوم و التجارة و الصناعات بدءا بالمدينة و بغداد و قرطبة و ساراييفو فنجد أكبر المعابد اليهودية في بلاد الإسلام كالغريبة في جربة و كنيسة القيامة في القدس و نجد المساجد و الكنائس و المعابد اليهودية جنبا لجنب.
الغنوشي رأى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أمر إيجابي اذ يعترف بوحدة البشرية و قيمة الإنسان و نرى أيضا أن فكرة الأمم المتحدة هي فكرة إيجابية جمعت بين التعدد و الوحدة و إعترفت بالمساواة بين الدول لكنها لم تمض إلى النهاية في هذه الفكرة فهناك تمييز بين الدول و بين المواطنين، فلماذا مثلا نرى أن فرنسا عضو بمجلس الأمن و لا نرى إيطاليا و لماذا أيضا نجد أن مليار و نصف من المسلمين غير ممثلين، لكنها تبقى فكرة إيجابية.
شارك رأيك