يبدو أن السلطات السعودية إستشعرت أخيرًا بخطورة فشل الجولة العربية التي باشرها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ، الخميس الماضي، و التي تشمل 6 دول عربية هي الإمارات، البحرين، مصر، تونس، الجزائر وموريتانيا و تأثيرها سلبًا على سمعة السعودية دوليًا.
بقلم عمّــار قـردود
هذا الإستشعار يستند إلى المؤشرات التي تفيد أن ولي العهد السعودي غير مرغوب فيه في معظم الدول العربية المعنية بالزيارة بإستثناء البحرين، حيث أن هناك تقارير إعلامية كشفت أن السلطات الجزائرية تفكر بشكل جدي في إلغاء زيارة الأمير إليها في ظل الجدل الكبير المثار حول هذه الزيارة.
و بناءًا على ذلك وخوفًا من أن لا تُحظى زيارة ولي العهد السعودي بالنجاح و ربما إحتمال إستقباله بشكل غير لائق وهو ما يُعتبر ضربة موجعة للسلطات السعودية التي تسابق الزمن من أجل محو آثار جريمة قتل الصحفي جمال الخاشقجي بمقر القنصلية السعودية بإسطنبول التركية يوم 2 أكتوبر المنصرم وما سببته من “إحراج” للسعودية .
في هذا الإطار وجه رئيس المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل رسالة إلى قادة دول العالم، وخاصة الدول المعنية بزيارة الأمير محمد، يدعوهم فيها إلى التعامل مع ولي العهد السعودي بصفة عادية، والأكيد أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي الدي سيستقبل الأمير غدا الثلاثاء 27 نوفمبر معني بذلك.
نقلت وكالة “أسوشييتد برس” عن الأمير تركي الفيصل قوله السبت الماضي على هامش قمة “بيروت إنستيتيوت” 2018 في أبو ظبي بالإمارات، إنه على العالم أن يتعامل مع ولي العهد السعودي رغم قضية خاشقجي، مشيرًا إلى أن بن سلمان سيحضر قمة مجموعة الـ20 في الأرجنتين التي ستعقد يومي الجمعة والسبت المقبلين.
لا وجود لاستياء داخل الأسرة الحاكمة من الصعود السريع لمحمد بن سلمان
وأكد الأمير الفيصل أن التقارير التي تزعم وجود استياء داخل الأسرة الحاكمة من الصعود السريع لولي العهد إلى السلطة لا تعكس “الدعم غير المسبوق” الذي يتمتع به الملك سلمان وابنه، ولي العهد. وأضاف: “لا أرى أي بوادر لهذا القلق أو الغموض حيال الملك وولي العهد”. وتابع: “لا أعتقد أنها – سمعة السعودية – تشوهت كثيرًا… لقد تم إنجاز العمل وأعتقد أنه يمكن رؤية فوائده… الحقيقة أن هذا التشويه أتى على سمعة المملكة وغيرها من القضايا ويجب أن نتحمل ذلك… هذا شيء يجب أن نواجهه ونحن نواجهه”.
ورفض الأمير تركي الفيصل بشدة تقديرات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بأن ولي العهد هو من أمر بقتل خاشقجي، وشكك في و قدرتها على الوصول لنتائج موثوق بها. وقال: “ليست لديها بالضرورة أعلى معايير الصحة والدقة في تقييم المواقف. الأمثلة على ذلك متعددة”، مذكرًا بأن الغزو الأمريكي للعراق استند إلى تقديرات استخباراتية خاطئة من هذه المؤسسة. وأضاف أن التقرير الذي قدمته الوكالة حول امتلاك العراق الأسلحة الكيميائية “كان غير دقيق، وتضمن أخطاء كثيرة، لهذا فإننا لا نهتم لتقريرها الأخير (حول مقتل خاشقجي) أبدًا”.
الأمير تركي الفيصل.
المخابرات الأمريكية تدين ولي العهد السعودي
وقالت مصادر مؤكدة الأسبوع الماضي إن “سي.آي.إيه” خلصت إلى أن الأمير محمد بن سلمان أمر بعملية قتل خاشقجي، كما ورد في البداية في تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، وأبلغت وكالات أخرى في الحكومة الأمريكية بتلك النتيجة
وشكك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أن المخابرات المركزية توصلت لنتيجة حاسمة بشأن عملية القتل وقال بدلا من ذلك “لديهم هواجس في اتجاهات معينة”.
وقالت صحيفة تركية الخميس إن جينا هاسبل مديرة “سي.آي.إيه” لمحت لمسؤولين أتراك بأن لدى الوكالة تسجيلا لمكالمة أصدر فيها ولي العهد السعودي تعليمات “لإسكات” خاشقجي.
وقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من أكتوبر في عملية قالت عنها السلطات التركية إن الأوامر صدرت بها من أعلى مستويات القيادة السعودية مما تسبب في أكبر أزمة سياسية تواجهها المملكة خلال جيل.
وقدمت الرياض روايات متناقضة عن اختفاء خاشقجي قبل أن تقر لاحقا بقتله وتقطيع جثته إثر فشل مفاوضات لإقناعه بالعودة للسعودية، مما أثار موجة غضب عالمية ضد المملكة ومطالبات بتحديد مكان الجثة والشخصية التي أعطت الأمر بقتل الصحفي.
شارك رأيك